في إيلاف أيضاً
كتّاب يبحثون أسباب اتخاذ الأنظمة البديل الأصولي أداة للتخويف
ملف خاص: سوريا... الثورة

ربيع دمشق: نار في عرين الأسد!

يجمع معارضون سوريون التقتهم إيلاف على أنَّ الرئيس بشار الأسد يحمل كل موروثات والده الراحل من عدوانية وشراسة ووحشية. ويقولون إنّ الأسد الابن هو الناظم لإيقاع آلة القتل، لافتين إلى أنّ إيران وحزب الله يؤازران جيشه المنهك بمدّه بالمقاتلين.


مع اندلاع شرارة الثورة في سوريا في 15 آذار (مارس) الماضي، كثر الحديث عن وجود أجنحة تحكم البلد. بداية الأمر بدا أنه يمكن وقف هذه quot;الاحتجاجاتquot; بتسوية ما تقضي بإقصاء هذا أو ذاك من منصبه لحل quot;الأزمةquot;.

لكن الوقائع المتلاحقة قطعت بأن الكلام عن تعدد مراكز القوى مجرد رغبات أو تكهنات، ذلك أنّ أكثرية المعارضين، أو أبرزهم، تجزم بأن الرئيس بشار الأسد هو الحاكم الفعلي والأول، في حين أن الآخرين هم من المساعدين ويقعون في موقع quot;خليَّة الأزمةquot; التي تدير المواجهة مع الشعب السوري.

صورة مركبة للأسد الأب والابن حملها معارضون سوريون خلال تظاهرة في البحرين ضد النظام

يُرجِع عمر إدلبي ممثل لجان التنسيق المحلية، في حديث لـ quot;إيلافquot; سبب تماسك النظام إلى وجود quot;خلية أزمةquot; يديرها الأسد ومستشاروه. والأمر عينه يؤكده رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون من باريس، قائلاً لـquot;إيلافquot; إنَّ quot;الأسد هو المسؤول عن كل ما يجريquot;، وهو quot;ليس بحاجة الى حرس قديمquot;.

ثورات quot;الربيع العربيquot; التي أدت إلى سقوط زين العابدين بن علي وحسني مبارك ومعمر القذافي، مستمرة في سوريا، على ما يؤكد عبد الرزاق عيد رئيس المجلس الوطني لإعلان دمشق في المهجر، ونجيب الغضبان استاذ العلوم السياسية في جامعة اركنساس.

الأسد يحمل موروثات والده العدوانية

يجمع المعارضون السوريون الذين تحدثوا إلى quot;إيلافquot; على ان الأسد هو الحاكم الفعلي لبلده، فضلاً عن كونه ناطقاً باسم خلاصة سياسية واقتصادية لمجموعة من المعاونين، لكنه يبقى المسؤول الأول والأخير عن كل ما يجري سياسياً وعسكرياً وأمنياً.

يرى عبد الرزاق عيد، العضو المؤسس في لجان إحياء المجتمع المدني وإعلان دمشق أن العناصر الثلاثة المكوّنة من الحرس القديم و بشار الأسد و التدخل الخارجي ممكن أن تكون مكمّلة لبعضها. وأضاف quot;لكني أعتقد أن بشار الأسد كشف على المستوى الشخصي أنه شخص يحمل موروثات أبيه من عدوانية وشراسة ووحشية، إضافة إلى الإطار الذي أحيط به من الجنرالات والجلاوزة والعتاولة القدامىquot;.

سوريا... ملعب على خط الزلازل

عملياً وقعت سوريا على خط الزلازل والهزات، وبات مستقبلها مفتوحاً على احتمالات عدة جراء الحملات العسكرية والأمنية التي أودت بحياة المئات.

مع سقوط عشرات القتلى في البداية، حاولت السلطات الرسمية التملص من المسؤولية، لكن غليون، مدير مركز دراسات الشرق المعاصر في جامعة السوربون في العاصمة الفرنسية باريس شدد على أن الأسد هو quot;المسؤول عن كل ما يجري، وهو ليس بحاجة إلى حرس قديم، لأن بشار الأسد اكثر دموية منهم وهذا الأمر ظهر من خلال ممارساتهquot;.

وأضاف: quot;بشار الأسد مسؤول عن أعمال العنف والقتل والمجازر التي تحصل بحق المواطنين، والتي لم تعد خفية على أحد بعد ان رآها الناس ويروها كل يوم على الشاشات وبالصوت والصورةquot;.

الأسد ناظم إيقاع آلة القتل

سوريون يتظاهرون ضد الأسد في معرة حرمة

ويتقاطع الناشط السياسي في مجال نشر الديمقراطية الغضبان مع غليون لجهة تأكيد مسؤولية الأسد الشخصية والمباشرة عما يحصل، فضلاً عن رفضه وتشدده بإزاء أية مطالبة بفعل ديمقراطي يعبر بسوريا إلى شاطئ الأمان والاستقرار.

وقال الغضبان لـ quot;إيلافquot; إنَّه quot;منذ بداية الثورة وحتى قبلها، كنا كنشطاء نناشد الأسد بالانتقال الى الديمقراطية بشكل هادئ وتدريجي، لكنه لجأ إلى طريق آخر واختار الحل الأمني عبر القتل والقمع، وبالتالي فهو من يتحمل مسؤولية القرار لأنه المسؤول الأول والمباشر عما يجريquot;.

ويذهب إدلبي في حديثه أبعد من ذلك لجهة تحميل الأسد ومساعديه المسؤولية قائلاً:quot; الأسد يتحمل المسؤولية القانونية والسياسية عن كل قرار يُتخذ، وهو المسؤول عن أعمال العنف والقتل بحق المدنيين السلميين الذين يطالبون بالديمقراطيةquot;.

ويضيف: quot;من المعروف في سوريا أن ضباط الأركان والأمن موالون تماماً للنظام الحاكم، وربما بعض القيادات العليا والوسطى تدين له بالولاء، وهم غير مغلوب على أمرهم. أما الغالبية العظمى من العسكر وصغار الرُّتَب فهم مضطرون إلى تنفيذ الأوامرquot;.

ويتابع: quot;بالنسبة إلى استعانة الأسد بجنرالات والده، أعتقد أن هذه المعلومة ليست جدية ودقيقة بشكل كامل، فأولئك ليسوا أفضل وأكثر اجراماً من الجنرالات والمستشارين الموجودين اليوم قربهquot;.

إيرانيون في جيش الأسد

يتوسع الحديث عن الوقائع الأمنية ليطال إيران وحزب الله، مع تأكيد البعض على وجود أدوار حقيقية ووازنة للطرفين في قمع السوريين، إذ إن عيد يعتبر quot;الدور الخارجي الايراني جزءا من الداخل السوري ومن النظام، والدليل على ذلك هو المقاتلون الايرانيون الذين استقدموا لقتل المتظاهرينquot;.

وما قاله عيد سبقته إليه دول كثيرة، خصوصاً الولايات المتحدة لجهة تأكيد التدخل الايراني لمؤازرة النظام ودعمه. والمعروف ان النظامين ndash; السوري والايراني ndash; يرتبطان بعلاقة تحالف وثيق منذ قيام ثورة الخميني عام 1979، وخلال الحرب العراقية - الايرانية. وقد عبرت هذه العلاقة عن متانتها سياسياً في لبنان واثناء الكثير من الأزمات الأمنية والعسكرية، واحياناً القضائية خصوصاً في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط عام 2005.

في كل الأحوال، يبقى الحديث عن التدخل الايراني وحزب الله في قمع المتظاهرين همساً في بيروت، إذ يقول احد المعارضين، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، وهو يقيم في العاصمة اللبنانية إن quot;تدخل الطرفين كان مؤذياً جداً، لأنهما قدما مساعدات تقنية إليه ومداه بالمساعدة العملانية خصوصًا أن جيشه منهك، وهو في أعلى درجات استنفاره منذ آذار الماضيquot;.

وهم استعادة تجربة مجزرة حماة

صورة منقولة عن quot;شام نيوزquot; لسوريين يتظاهرون ضد حملات النظام العسكرية في حماة

المثير للقلق بالنسبة إلى المعارضة هو quot;الوهمquot; الذي يعيشه الأسد في محاولته لاسترجاع تجربة quot;مجزرة حماهquot; إثر انتفاضة اندلعت عام 1982 بوجه والده الراحل حافظ الأسد، متناسياً الأسد الابن انه سيعيد التجربة من دون وعي وإدراك أن السياقات باتت مخالفة. فاليوم هناك اهتمام دولي بما يجري في سوريا، والمجزرة لم تعد محصورة في حماه كما قبل، بل باتت في سوريا كلها. وفي السابق كان حافظ الأسد يحظى بدعم دولي من الغرب والشرق (الحلف الأطلسي - حلف وارسو). أما اليوم فلا أحد يدعم سوريا سوى روسيا هذه الدولة السخيفة التي تبني سياساتها الخارجية على اساس صفقة سلاح، وايران الدولة التي ترسم سياساتها وفق عقلية العجوز، على ما يقول عيد.

بالإضافة إلى الإجماع على تحميله مسؤولية كل ما يحصل في سوريا، يرى المعارضون الذين تحدثت إليهم quot;إيلافquot; أن الحديث عن أجنحة أو حرس قديم يدعم الأسد هو مجرد شائعات هدفها quot;تمييعquot; المسؤولية لإيجاد مخرج للحاكم الفعلي.

على هذا يصرّ الجميع على ان آلية اتخاذ القرارات الرئيسة هي في يد الأسد وحده، وان المساعدين والمعاونين هم quot;ادوات لا قدرة لهمquot; على المبادرة الى اي شيء.

الآن اصبحت سوريا في دائرة الخطر، وتحولت من لاعب اساسي في المنطقة، إلى quot;ملعبquot; قد ينزل الجميع إلى ارضه إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه. والأمر بدأ مع تركيا وقد لا يتوقف عند حدود الولايات المتحدة مروراً بدول الاتحاد الاوروبي، فضلاً عن دول عربية عدة.