ردت بغداد على الغاء حكومة كردستان لزيارة رئيسها برهم صالح الى العاصمة العراقية بإرسال رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي الى أربيل يوم الاثنين لحل المشاكل العالقة بين الحكومتين مدعوما من رئيس الحكومة نوري المالكي الذي مهد للزيارة بتصريحات مشجعة تحمل مرونة تمهد لحل الخلافات بين الطرفين .. فيما نجح القادة العراقيون في انقاذ بلادهم من فتنة طائفية خطيرة جديدة كادت أن تعصف بها مؤخرا وذلك بالاتفاق على إحالة قضية قتل 22 مسافرا معظمهم من سكان كربلاء في منطقة النخيب بمحافظة الرمادي الى القضاء العراقي للفصل فيها.


أستبرق طاهر إحدى الناجيات من جريمة قتل المسافرين بالنخيب

لندن: بحث رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي ورئيس الحكومة نوري المالكي الخلافات الحاصلة بين إقليم كردستان والحكومة المركزية وتنفيذ اتفاقية اربيل وأزمة ميناء مبارك الكويتي فضلا عن الأزمة بين مسؤولي محافظتي الأنبار (السنية) وكربلاء (الشيعية) quot;مشددين على تحقيق مبدأ الشراكة الوطنية وتدعيم أواصر الثقة لضمان استقرار البلد ليتناسب مع حجمه التاريخي والاقتصادي والسياسي والحضاريquot; بحسب بيان رسمي تسلمته quot;إيلافquot;عقب انتهاء الاجتماع مساء السبت.

وإقترح النجيفي quot;تحرك العراقيين جميعا بمختلف مشاربهم السياسية لوضع أسس رسوخ ومعالجة حالات الوهن والضعف والتضاد والخلاف والاختلاف ابتداء من إقليم كردستان الذي سيزوره الاثنينquot; حيث رحب المالكي بتوجه رئيس البرلمان الى اربيل quot;على ان يكون الدستور هو الفيصل في كل القضايا والمعضلات وفي الحقوق والواجباتquot;.

ويبدأ النجيفي مباحثاته مع رئيسي اقليم كردستان مسعود بارزاني وحكومتها برهم صالح مدعوما من المالكي الذي ابدى مرونة واضحة في انهاء الخلاف حول قانون النفط والغاز بالقول خلال تصريحات عقب الاجتماع ان هذا القانون لا يعتبر نهائيا موضحا أن مسودته قد سلمت إلى اللجنة القانونية في مجلس النواب ومشيرا الى ان هذا المجلس يمتلك الحق في تعديلها. وقال أن مجلس الوزراء صوت على مسودة قانون النفط والغاز لكن هذا التصويت لايعتبر قرارا نهائيا في اشارة الى امكانية تعديله استجابة لمطالب الاكراد. واضاف المالكي ان مجلس النواب يمتلك الحق في التعديل والإضافة حسب ما يتوافق مع إرادة القوى السياسية.

ويعترض الأكراد على مسودة الحكومة لقانون النفط والغاز موضحين ان المادة 11 منها تصور وزارة النفط وكأنها الحاكم الآمر الناهي في الشأن النفطي وفي ذلك مخالفة للنظام الفيدرالي وللمادة 112 من الدستور التي تتحدث عن آليات الشراكة بين الحكومة والأقاليم في رسم السياسة النفطية للدولة . ويقولون ايضا ان هناك المادة 5 التي لا تكشف عن أي صلاحيات للمجلس الأعلى للنفط والغاز وانما أناطت تلك الصلاحيات برئيس الوزراء ونائبه حسين الشهرستاني وهذا بحد ذاته أمر مخيف يؤشر إلى وجود نفس مركزي وقفز على الدستور كما يقولون.

كما هدد التحالف الكردستاني الاسبوع الماضي بمقاطعة جلسات الحكومة ومجلس النواب العراقيين في حال تمرير قانون النفط والغاز في البرلمان بالصيغة التي قدمتها الحكومة المركزية التي اعتبرها الاكراد تقييدا لحريتها في تصدير نفط الاقليم.

من جهته بحث طالباني مع النجيفي الاوضاع السياسية والامنية والخدمية في البلاد متحدثا عن اجتماعاته مع رؤساء الاطراف السياسية الفاعلة من اجل ازالة الاحتقان السياسي والتشنجات الموجودة على الساحة السياسية quot;بغية تلطيف الاجواء وتنشيط التواصل والحوار البنّاء الذي من شأنه ان يساهم في تنفيذ الاتفاقات وترسيخ الشراكة الوطنية والوئام بين جميع الكتل السياسيةquot; كما قال مصدر رئاسي.

وأيضا بحث الجانبان موضوع مدينة كركوك المتنازع عليها quot;حيث تم التأكيد على ضرورة الاحتكام الى الدستور والوصول الى التفاهم في حل القضايا العالقة من اجل تعزيز التآخي والانسجام الوطنيquot;. واشار طالباني الى ان quot;هناك مرحلة مشجعة من التواصل والتعاون قد بدأت في كركوكquot; مشدداً على ضرورة quot;تشجيع هذا المسار الايجابي على الساحة الكركوكية ودعمه لخلق أرضية مناسبة وصلبة للتعايش الحضاري والأخوي بين مكوناتها كافةquot;.

وكان طالباني بحث الخلافات بين حكومتي بغداد واربيل مع المالكي امس الاول في محاولة لتطويق تداعياتها التي أثارها تقديم الحكومة العراقية لمشروع جديد لقانون النفط والغاز حيث تم خلال الاجتماع التأكيد على ضرورة مجيء وفد حكومة الإقليم إلى بغداد حيث سيكون المالكي مستعدا لمعالجة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية العالقة بين الطرفين.

وأعلنت الحكومة العراقية اواخر الشهر الماضي مصادقتها على مسودة مشروع قانون النفط والغاز وقررت إحالتها إلى البرلمان للمصادقة عليها في حين شار مكتب نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني الى أن الحكومة أدخلت بعض التعديلات على مشروع القانون.

وسيسعى النجيفي في اربيل الى حل الخلافات العالقة بينها وبين بغداد حول المناطق المتنازع عليها وتطبيق المادة الدستورية 140 حول هذه المناطق وتفعيل مبادرة أربيل وإنهاء الأزمة بين القائمة العراقية بزعامة اياد علاوي وائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي وتطبيع الأوضاع في محافظة كركوك وإجراء الإحصاء السكاني فيها اضافة الى قانون النفط والغاز.

وتنص المادة 140 من الدستور العراقي على تطبيع الأوضاع في محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها في محافظات نينوى وصلاح الدين ديالى وحددت مهلة زمنية انتهت في الحادي و الثلاثين من كانون الأول (ديسمبر) عام 2007 لتنفيذ المادة إلا أن عراقيل عدة أدت إلى تأخير تنفيذ بعض بنودها الأساسية لأسباب يقول السياسيون الاكراد إنها سياسية في حين تقول بغداد إن التأخر غير متعمد، علماً انه سبق للجنة الوزارية المختصة بتطبيق المادة أن نفذت بعض فقراتها التي يقطنها خليط سكاني من العرب والاكراد والتركمان والمسيحيين والصابئة . ففي الوقت الذي يدفع العرب والتركمان باتجاه المطالبة بإدارة مشتركة للمحافظة يسعى الاكراد إلى إلحاقها بإقليم كردستان الذي يحكمونه منذ عام 1991.

القادة العراقيون ينجحون في وأد فتنة طائفية خطيرة

تصاعد حدة الخلافات بين محافظتي كربلاء والأنبار اخيرا

يبدو ان تداعي القادة العراقيين في التصدي لاخر محاولات لتفجير أزمة طائفية في البلاد شبيهة بتلك التي حدثت بين عامي 2006 و2007 وراح ضحيتها الاف العراقيين قد نجح في وأد هذه الفتنة في مهدها والتي كانت نذرها تلوح في الافاق اثر مقتل 22 مسافرا من سكان محافظة كربلاء الشيعية في منطقة النخيب بمحافظة الانبار السنية حيث تم الاتفاق بين الاطراف المعنية على أحالة الامر الى القضاء العراقي ليقول كلمته الفصل في المتهمين بأرتكاب الجريمة.

وتصاعدت حدة الخلافات والتهديدات بين محافظتي كربلاء (110 كم جنوب بغداد) والأنبار (100 كم غرب بغداد) بعد إلقاء القبض على المتهمين بقتل 22 شخصا كانوا متوجهين الى سوريا قادمين من كربلاء حيث تم تسليمهم الى السلطات الامنية فيها وليس للعاصمة بغداد حيث سادت خشية من تصفيتهم دون محاكمة عادلة . فقد هاجم مسلحون حافلة تقل زائرين كانت متوجهة من مدينة كربلاء إلى سوريا يوم الاثنين الماضي مما أسفر عن مقتل 22 رجلا في حين نجت 15 امرأة و12 طفلا واثنان من كبار السن.

فقد أكد رئيس الوزراء نوري المالكي إطلاق سراح جميع المعتقلين الذين القي القبض عليهم بتهمة الضلوع في الجريمة وذلك quot;لعدم توفر الأدلة بحقهمquot; . وقال ان القضاء العراقي أصدر امرأ بإطلاق سراح المعتقلين لعدم كفاية الإدالة المقدمة ضدهم quot;ونحن نحترم قرار القضاء فهو صاحب القرار الفصلquot;. واشار الى انه قد أوعز للجهات المختصة في الأنبار بمتابعة التحقيق في الجريمة للتوصل إلى الفاعلين الحقيقيين. وأضاف أن حادثة النخيب لم تكن تستهدف مكون دون آخر وأعطيت حجما اكبر من واقعها مشددا على أن quot;الحادثة استغلت لإشعال الفتنة الطائفية بين مكونات الشعب الواحدquot;. ووصف الحادثة بانها quot;عاصفة صغيرة مرت وانتهتquot;.

وقال المالكي ان مرتكبي جريمة النخيب لا قيم ولا اخلاق لهم حيث اقدمو على اعتراض مسافرين أبرياء في وسط الصحراء. وشدد في تصريح تسلمته quot;أيلافquot; ان quot;المجرمين لايميزون بين طائفة وأخرى فالذين استشهدوا وتم قتلهم من الشيعة والسنة وهذه حقيقة يجب ان يلتفت اليها من يريد إشعال الفتنة فالمغدورين كانوا في مركب واحد من الشيعة والسنة وفي عراق واحدquot;.

واشار الى انه قد quot;حصلت ملابسات وفهمٌ سيء ومحاولات لإثارة الفتنةquot; .. وندد بما وصفه بالتصريحات غير المسؤولة والتي قد تؤدي الى تأجيج الفتنة بين كربلاء والأنبار.

واكد عدم السماح بإهانة اي مدينة عراقية قائلا لن اتسامح في إهانة الانبار وأي مدينة عراقية اخرى ، ولكن اقول للذين ارسلوا الرسائل لإثارة الفتنة من موقع المسؤولية اين كنتم حين كانت الانبار تعج بالقتل والدمار ؟ . واوضح قائلا quot; أنا الذي وقفت مع الانبار وسائقف مع كل مدينة من مدن العراق عندما تتعرض لازمةquot; .

من جهتها اعلنت وزارة الدفاع العراقية أن وفدا حكوميا رفيع المستوى التقى مع مسؤولي الحكومة المحلية وشيوخ عشائر محافظة الانبار لبحث تداعيات حادثة النخيب. وقالت ان وفدا حكوميا رفيع المستوى بصحبة رئيس صحوة العراق احمد ابو ريشة قدم عصر امس في كربلاء التعازي لاهالي المدينة في ضحايا عملية النخيب. فقد زار وفد حكومي رفيع المستوى ضم وزيري الدفاع وكالة سعدون الدليمي والأمن الوطني فالح الفياض ومدير المكتب القائد العام للقوات المسلحة الفريق فاروق الاعرجي بصحبة رئيس صحوة العراق الشيخ احمد ابو ريشة مع عدد كبير من شيوخ الانبار مدينة كربلاء لتقديم التعازي للحكومة المحلية وذوي الضحايا الثلاثة والعشرين ومعظمهم من سكان كربلاء.

وكان الوفد عقد قبل ذلك اجتماعا مع زعماء العشائر والمسؤولين المحليين في الانبار لمناقشة حادثة النخيب. وأكد الناطق بأسم وزارة الدفاع اللواء محمد العسكري أن جميع المعتقلين أحيلوا إلى القضاء في الأنبار للنظر بشأن القضية وحسمها عبر المحاكم العراقية في المحافظة .

من جهته، قال نصيف جاسم وكيل رئيس مجلس محافظة كربلاء quot;زيارة وفد شيوخ الأنبار والوفد الحكومي إلى كربلاء هي خطوة جيدة بالاتجاه الصحيح لحل الأزمة وإرسال رسالة الى من يحاولون إشعال أو التسبب بأزمة.quot;

وأثار اعتقال قوة خاصة من محافظة كربلاء ثمانية أشخاص من مدينة الرطبة في محافظة الأنبار امتعاضا لدى مسؤوليها وتسببت في ردود أفعال غاضبة لعدم إطلاع مسؤولي المحافظة على طبيعة المهمة.

وتسببت حادثة النخيب التي راح ضحيتها 23 مسافراً كانوا قاصدين زيارة المراقد المقدسة في سوريا بغضب واستياء اهالي محافظة كربلاء كون الضحايا اغلبهم من سكانها والقت بظلال خطيرة على مواطني محافظة الانبار التي اتهمت رئيس مجلس محافظة كربلاء باختطاف عدد من مواطني محافظتم على خلفية الحادث لمحاكمتهم.
واثر ذلك دعا المالكي ونائبه صالح المطلك الى ايقاف الحملات الاعلامية والتراشقات الخطابية quot;لتفويت الفرصة على الارهابيين من تحقيق اهدافهم الدنيئةquot; .. فيما حذر ممثل المرجعية الشيعية العليا في كربلاء احمد الصافي خلال خطبة صلاة الجمعة أمس الاول من فتنة طائفية تقودها اطراف سياسية مدفوعة باجندات خارجية.

وشهدت ناحية النخيب في الثاني عشر من الشهر الحالي اختطاف حافلة يقدر عدد ركابها بأكثر من 30 شخصاً بينهم 22 رجلاً اضافة الى عدد من النساء والأطفال في منطقة الوادي القذر (70 كم جنوب قضاء النخيب الذي يبعد 400 كم جنوب غرب الرمادي) وعثرت قوة أمنية بعدها على جثث 22 منهم قتلوا رمياً بالرصاص اغلبهم من مدينة كربلاء واثنان منهم من مدينة الفلوجة في الانبار.

وتطورت قضية حادثة النخيب بعد أن اعتقلت قوة من مجلس محافظة كربلاء بأمر من مكتب القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي وبالتعاون مع عمليات الأنبار ثمانية من أهالي قضاء الرطبة في الأنبار الخميس الماضي وتم اقتيادهم إلى محافظة كربلاء وسط إطلاق نار كثيف احتفالاً بالقبض عليهم الأمر الذي أثار حفيظة أهالي الأنبار حيث اعتبر زعيم صحوة العراق أحمد أبو ريشة أن العملية غير قانونية واعتبرها ختطافاً وأمهل كربلاء 24 ساعة لتسليمهم في وقت تجاهل مجلس كربلاء الأمر. ثم شهدت مدينة الرمادي تظاهرات منددة بما قام به رئيس مجلس محافظة كربلاء محمد الموسوي وهدد أمير عشائر الدليم علي حاتم السليمان بـquot;قطع يدquot; حزب الدعوة الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي في حال عدم إعادة المعتقلين العشرة إلى بغداد.

يذكر أن مجلس محافظة كربلاء طالب مراراً بعودة منطقتي النخيب والرحالية إلى المحافظة باعتبارهما جزءاً من قضاء عين التمر (85 كم غرب كربلاء) وذلك إذا ما طبقت المادة 140 من الدستور العراقي موضحا أن المنطقتين أضيفتا إلى محافظة الأنبار من قبل النظام العراقي السابق.

وتعتبر صحراء النخيب محل تنازع بين محافظة كربلاء (ذات الاغلبية الشيعية) والانبار (ذات الاغلبية السنية) وشهدت ابان الحرب الطائفية في العراق خاصة عامي 2006 و 2007 مقتل مئات المسافرين العراقيين فيها حيث يستخدم طريقها نحو سوريا والاردن سكان محافظات الفرات الاوسط الشيعية مثل بابل وكربلاء والنجف والديوانية.