تهدد سياسيات مغربيات برفع سقف إحتجاجهن إلى درجة مقاطعة الانتخابات البرلمانية، التي ستجرى يوم 25 نوفمبر- تشرين الثاني المقبل، في حال عدم إعادة النظر في تركيبة اللائحة الوطنية التي اقترحت وزارة الداخلية أن تجعلها مشتركة مع الشباب. ويتمثل المطلب الرئيس للحركة النسائية، في تخصيص اللائحة الوطنية مائة في المائة للنساء، وعدم اقتسامها مع الشباب.


مغربيات يهددن بمقاطعة الانتخابات

تخوض الحركة النسائية في المغرب، هذه الأيام، quot;معارك ساخنةquot; احتجاجا على التوافقات التي جرت بين وزارة الداخلية والأحزاب حول تمثيلية النساء في مجلس النواب.

وبدأت هذه المعارك بتقديم مذكرات إلى رئيس الحكومة، ووزير الداخلية، وجميع الأحزاب، وممارسة الضغط في البرلمان، مرورا بلقاء الفرق البرلمانية، وتقديم تعديلات لهم في القانون، قبل الوصول إلى مرحلة تنظيم وقفات، ومحاكمة رمزية.

وجاءت هذه التحركات، حسب خديجة الرباح، المنسقة الوطنية للحركة من أجل ديمقراطية المناصفة، بعد أن وردت للحركة quot;أصوات من البرلمان تشير إلى أن وزير الداخلية ما زال متشبثا بموقفه، ويطلب أن تؤخذ اقتراحاته المدرجة في المشروع بالاعتبار، وما زال يضغط في هذا الاتجاهquot;.

وذكرت خديجة الرباح، في تصريح لـ quot;إيلافquot; أن وزير الداخلية quot;لم يستمع إلى نبض الشارع، وإلى مطالب الحركة النسائية، وهي مطالب مشروعة وتخدم مصلحة هذه البلاد. ومرة أخرى نؤكد أن هذه ليست مطالب نسائية، بل مطالب مجتمعية، لأن تواجد النساء والرجال داخل البرلمان سيؤدي إلى تحريك الآلة التشريعية، وسيقوّي الرقابة على الأداء الحكومي، وسيؤدي إلى تقوية البرلمان، ويفعّل دورهquot;.

وتتجلى هذه المطالب، تشرح المنسقة الوطنية للحركة، في كون أن quot;القانون التنظيمي لمجلس النواب يجب أن ينزل المقتضيات الدستورية، ولا يكون أقل منها. ففي المادة 19 نص الدستور على المناصفة، وفي المادة 30 أكد تكافؤ الفرص، وبالتالي ما جاء في الدستور يجب أن ينزل بشكل صحيحquot;، مبرزة أن quot;الدستور الذي أتى لا يجب أن يطبق غدا بل اليوم، بعد أن صوت عليه المغاربة والمغربيات، وبالتالي يجب تطبيقه وتفعيله من خلال هذه القوانين التنظيميةquot;.

وأوضحت خديجة الرباح أن quot;القوانين التنظيمية لم تذهب باتجاه المناصفة، أو وضع آليات من شأنها تقوية التمثيلية السياسية للنساء، بل بقيت محددة في مقتضيات اللائحة الوطنية المشتركة بين النساء والشباب، التي تعطيك نسبة 15 في المائةquot;.

وذكرت الناشطة الحقوقية والجمعوية أن quot;هذه النسبة محتشمة، ولا ترقى حتى إلى مستوى التزامات الحكومة. ونحن في مطالبنا نذكرهم بالالتزامات، والحكومة تعهدت في الألفية الثانية أن تصل إلى الثلث، وأنها ستقوم بتدابير من شأنها تفعيل المشاركة، خاصة في الأجندة الحكومية التي صادقت عليها جميع القطاعات الوزاريةquot;، وختمت تصريحها بالقول quot;اليوم نحن لم نصل لا إلى الثلث ولا إلى المناصفةquot;.

تسريع وتيرة إنزال الدستور

بدوره، قال محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحسن الثاني المحمدية، إن quot;الرأي الأكاديمي يقول إنه يجب الآن التسريع من وتيرة العمل الحزبي، أو تأهيل العمل الحزبي، في أفق تحقيق المناصفة، التي ينص عليها الفصل 19quot;، مبرزا أنه quot;حتى مسألة الثلث، التي تطالب بها المنظمات النسوية، لا تفي بالغرض لأن هناك إقرارا دستوريا في الفصل 19 يشير إلى أن المرأة ينبغي أن تكون لديها الحقوق السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية نفسها، ومن أهمها مسألة الحق في التمثيلية النسائيةquot;.

وأكد محمد زين الدين، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;التوجه العام الذي يجب أن يكون هو أن تدفع الأحزاب السياسية بالنساء ليس فقط للوائح الوطنية، بل حتى بالنسبة إلى اللوائح المحلية. فمسألة منح 60 مقعدا للنساء في حد ذاتها تطور إيجابي جدا، ولكن ذلك لا يفي بالغرض لأسباب متعددةquot;.

وأول هذه الأسباب، يشرح المحلل السياسي، quot;إقرار دستور يشير إلى أن الفصل 19 يتحدث عن المناصفةquot;، بينما العامل الثاني يتجلى quot;في التحولات التي تحدث على مستوى العالم العربي، وبالأخص دساتير العديد من الدول العربية، مثل مصر، وتونس، التي تعد طفرة نوعية في مجال تمثيلية النساءquot;، موضحا أن quot;هذا يدعو المغرب إلى أنه يذهب في اتجاه إقرار المناصفة على مستوى الواقعquot;.

أما العامل الثالث، يشرح محمد زين الدين، فيتمثل في كون أن quot;المغرب أقر اتفاقية سيداف التي تنص على ضرورة إقرار التمييز الإيجابي بين المرأة والرجلquot;، مبرزا أن quot;المغرب من الدول القلائل التي صادقت على هذه الاتفاقية، وبالتالي فإن هذه العوامل الثلاثة تدفع بالمشرع إلى أن يلجأ إلى صيغة الثلث في أفق المناصفةquot;.

وأضاف المحلل السياسي quot;اللائحة الوطنية حاليا لا تفي بهذا الغرض، لكن بالمقابل نسجل أن هناك تحولا إيجابيا، إذ إننا الآن يمكن أن ننتقل من 30 مقعدا إلى 60 مقعدا. وهذا في حد ذاته مهم جدا، ولكننا لم نصل بعد لا إلى الثلث، فبالأحرى النصفquot;، مشيرا إلى أن quot;الكرة الآن في ملعب الأحزاب السياسية من أجل أن تشرك النساء وتضعهن على قدم المساواة، وعلى رأس اللوائح المحلية. وهذا هو التوجه الذي يجب أن يكون حتى تتمكن النساء من تحقيق نسبة كبيرة جدا داخل البرلمانquot;.

واعتبر أنه quot;ليست هناك صيغة أخرى غير هذه، وهي لا يمكن أن تكون إلا في استحقاقات 25 نوفمبر، التي عندما نتكلم على تأهيل الحقل الحزبي فإنه سيكون من الضروري الدفع أن نتكلم عن احتلال النساء مراكز القرار الحزبي، لا على مستوى القرار، ولا على مستوى تمثيليتهم في مختلف المؤسساتquot;.

وتحدث محمد زين الدين عن quot;ملاحظة مهمة تتمثل في كون أن الإطار المرجعي للجنة الاستشارية الجهوية يقر بوجود ثلث النساء والشباب في المجالس الجهوية. وهذا معطى مهم جداquot;، مؤكدا أنه quot;مباشرة بعد الانتخابات التشريعية سندخل في الانتخابات الجماعية والجهوية، وهناك تأكيد على مبدأ الثلث بالنسة للشباب والنساءquot;.
وذكر المحلل السياسي أن quot;الإشكال المطروح حاليا في الساحة السياسية هو المادة 5 من القانون التنظيمي لمجلس النواب، التي تشير إلى أنه ليس من حق الأشخاص الذين ترشحوا في إطار اللوائح الوطنية أن يعودوا للترشح في اللوائح المحليةquot;.

وأشار محمد زين الدين إلى أن quot;هناك من يعتبر هذا نوعا من الريع السياسي، وهناك من يعتبره مسألة فيها تدخل من سلطة الوصاية، ألا وهي وزارة الداخلية، إلى غير ذلك. لكنني أعتقد أنه من الناحية الديمقراطية لابد من أن يفسح المجال لنساء جديدات حتى يتمكّن من الوصول إلى البرلمانquot;، موضحا أن quot;وصول 30 امرأة جديدة إلى البرلمان هو مطلب شعبي، وفي الوقت نفسه، فإن النساء البرلمانيات اللواتي سبق لهن أن حصلن على هذا التمثيل فإنهن الآن أخذن تجربة، ويمكنهن أن ينزلن في إطار اللوائح المحليةquot;.

كما شدد أستاذ العلوم السياسية على quot;تسريع وتيرة إنزال الدستور، الذي يؤكد المناصفة ولا شيء آخر غير المناصفة طبقا لمقتضيات الفصل 19quot;.