رسم بياني يظهر نتيجة استفتاء إيلاف حول بيع القصور الرئاسية |
أثار اقتراح الرئيس التونسي المنصف المرزوقي بيع القصور الرئاسية جدلاً واسعاً، طرحت إيلاف على خلفيته سؤالا على قرائها حول رأيهم بالتصرف بهذه القصور، وأتت النتائج رافضة لهذا المقترح بأغلبيتها في حين اقترح البعض تحويلها إلى مرافق عامة او متاحف.
القاهرة: منذ أن أعلن الرئيس التونسي المنصف المرزوقي نيته بيع القصور الرئاسية، واستخدام عائدات البيع في توفير فرص عمل للشباب، والجدل لا ينقطع حول هذه القضية. البعض يعارضها، والبعض الآخر يؤيدها، فيما يقف آخرون على مسافة متساوية من المعارضين والمؤيدين، ويدعون إلى استغلالها بطريقة إقتصادية تدرّ أموالاً على الشعوب التي تحررت من الإستبداد في مصر والعراق وتونس وليبيا، ولكن من دون اللجوء إلى بيعها، مثل تحويلها إلى متاحف أو مؤسسات عمومية.
إستفتاء إيلاف
إيلاف طرحت على قرائها سؤالاً حول الإستفادة المثلى من القصور الرئاسية، وكان هذا نصه: quot;كيف ترى أنّ على الحكومات التصرف بقصور الرؤساء المخلوعينquot;؟
وعرضت عليهم أربعة إختيارات: quot;بيعها،هدمها، تحويلها إلى متاحف أو تحويلها إلى مرافق عامةquot;.
مرافق عامة
جاءت نتائج الإستفتاء الذي شارك فيه 5934 قارئاً، مؤيدة في غالبيتها لخيار تحويل القصور الرئاسية إلى مرافق عامة، حيث أيّد هذا المقترح 2519 قارئاً، بنسبة 42.45% من إجمالي المشاركين.
رحب 2385 قارئاً بمقترح تحويلها إلى متاحف، بنسبة 40.19%، بينما وقف 825 قارئاً في صف الرئيس التونسي الرامي إلى بيعها، بنسبة 13.90%، فيما أيد 205 قرّاء فكرة هدمها لقطع دابر الذين استبدوا وعاثوا في البلاد فساداً، وكانت نسبتهم ضئيلة جداً، أي ما يعادل 3.45% من إجمالي المشاركين.
معارضة البيع
وإذا كان الرئيس التونسي يرعى فكرة بيع القصور الرئاسية التي أنشأها الرئيس زين العابدين بن علي الذي أطاحت به الثورات الشعبية، فإن هذه الفكرة لا تلقى قبولاً لدى الكثيرين في تونس نفسها، ومصر أيضاً، لاسيما أن نحو 80% من القصور الرئاسية في مصر أثرية، ويعود تاريخها إلى عهد الخديوي إسماعيل الذي شقت وافتتحت في عهده قناة السويس منتصف القرن التاسع عشر، وكان يتطلع إلى نقل مصر إلى مصاف الدول الأوروبية، فأنشأ القصور الفخمة، وأنشأ القاهرة الخديوية بمبانيها ذات الطراز المعماري الفريد.
البيع والمتاحف
ووفقاً للدكتور صلاح جودت رئيس مركز الدراسات الإقتصادية، فإن القصور الرئاسية ليست ملكاً للحكومات، بل ملك للشعوب، وبالتالي فهي لا تباع إلا بإذنهم.
وقال لـquot;إيلافquot; إنه من المهم أن يكون في كل بلد قصر أو اثنان يكونان عنوان الرئاسة في البلاد، وأضاف أن مصر تمتلك ما يزيد على عشرة قصور بعضها يصلح للبيع والآخر يصلح للإستخدام بغرض السياحة، والبعض الثالث يصلح للرئاسة، وأوضح أن القصور ذات الطبيعة الأثرية والطراز المعماري المميز، لا يجب أن تباع، مقترحاً عرض تلك التي بناها الرئيس السابق حسني مبارك في مدنية شرم الشيخ للبيع، معتبراً أنها قصور لا تمثل قيمة أثرية أو معمارية، وعمرها قد لا يتجاوز 15 عاماً. ودعا إلى الإحتفاظ بقصور العروبة والقبة والطاهرة كقصور رئاسية، وأن يكون العروبة هو عنوان الرئاسة مثل البيت الأبيض في أميركا، والإليزيه في فرنسا، و10 داوونغ استريت في بريطانيا.
مزارات سياحية
ويقترح جودت تحويل القصور الرئاسية ذات القيمة الأثرية التي بناها الخديوي اسماعيل إلى متاحف ومزارات سياحية تكون تابعة لوزارة الآثار، لاسيما أنها تضم عشرات الآلاف من القطع الأثرية والمقتنيات التي لا تقدر بثمن، مشيراً إلى أنها سوف تدر على مصر نحو 6.5 مليارات جنيه سنوياً، وقال إن سياحة القصور الملكية متعارف عليها في العالم أجمع، منوهاً بأنها تدر أموالاً عالية على الدول الأوروبية، وكذلك الأمر في تونس في ما يخص القصور الأثرية. وأشار جودت إلى أن قصر عابدين الرئاسي يضم جناحاً معروضاً للزيارات السياحية، وفيه كل مقتنيات الأسرة العلوية ويدر عائدات كبيرة، رغم أنه غير مدرج بشكل جيد على قائمة المزارات السياحية. ويرفض جودت فكر تحويل بعض القصور الرئاسية إلى مرافق عامة، لأن تحويلها إلى مزارات سياحية يخلد ذكرى الرؤساء المستبدين.
ركود سوق العقارات
ويؤيد الدكتور حمدي عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية الأسبق، فكرة بيع بعض القصور الرئاسية وتحويل البعض الآخر إلى مزارات سياحية، وقال لـquot;إيلافquot; إن فكرة بيع القصور الرئاسية في الوقت الراهن غير موفقة، وأرجع ذلك إلى أن سوق العقارات تعاني ركودا شديدا، وفي حالة طرحها للبيع لن تحقق عائدات تضاهي قيمتها. ودعا عبد العظيم الرئيس التونسي إلى ضرورة تأجيل الفكرة حالياً إلى حين تحسن الأوضاع الإقتصادية عالمياً. وأشار إلى أنه من الأفضل تحويلها إلى متاحف يقصدها السياح من مختلف أنحاء العالم، لافتاً إلى أنها سوف تدر عائدات جيدة، وشدد على ضرورة البدء في تنفيذ هذا المقترح فوراً، لاسيما أن العالم مفتون حالياً بالربيع العربي، وسوف يفد إلى تونس ومصر الآلاف من السياح لزياراتها والتعرف كيف كان يعيش المستبدون الذين أطاحت بهم شعوبهم في ثورات شعبية من دون قيادة.
معارضة قرار المرزوقي
وكان الرئيس التونسي المنصف المرزوقي قرر بيع جميع القصور الرئاسية باستثناء قصر قرطاج الرئاسي. واستخدام العائدات للنهوض بقطاع التشغيل. وكان بن علي يمتلك عدة قصور فخمة كلفت مبالغ خيالية، أبرزها قصر سيدي الظريف في سيدي بوسعيد، وقصر الحمامات حيث تعوّد بن علي قضاء عطلته الصيفية، بالإضافة إلى قصور في عدة مدن تونسية. كما قرر المرزوقي إرجاع القطع الأثرية الموجودة في قصر قرطاج الرئاسي إلى المتاحف الوطنية، حرصاً منه على الحفاظ على تاريخ تونس وصيانة تراثها الحضاري وتمكين الباحثين من الإطلاع على الآثار ودراستها.
ويواجه قرار المرزوقي معارضة من قبل بعض التونسيين، ويطالب الرافضون لهذا القرار بتحويل القصور إلى معالم سياحية أو مراكز استشفائية أو مؤسسات بحث وعلم أو دور ترفيه عائلي وشبابي او استوديوهات تصوير تلفزيوني وسينمائي، وكل ذلك عبر مستثمرين يسوقون لها ويستغلونها وبذلك يمكن أن يتحقق الهدف الذي قصده المرزوقي وهو التشغيل.
وتقف الجمعية التونسية للشفافية المالية على رأس المعارضين للقرار، وقالت إن هذه القصور تعتبر ملكا للدولة التونسية ولا يجوز لرئيس موقت التصرف بها أو بيعها، معلنة أنها لن تتوانى عن اللجوء إلى القضاء ضد كل من يتصرف بأموال المجموعة العامة مهما كانت رتبته وصفته.
القصور المصرية
وفي مصر، ما زالت اللجنة المشكلة لحصر مقتنيات القصور الرئاسية تمارس عملها، ومن المتوقع الإنتهاء منه خلال شهر يناير الجاري، ويوجد في مصر عدد كبير من القصور والإستراحات الرئاسية منتشرة بين محافظات القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية وجنوب سيناء والقليوبية، وتضم القاهرة قصور: القبة وهو القصر الذي استقبل الرئيس السابق حسني مبارك، الرئيس الأميركي باراك أوباما أثناء زيارته لمصر التي ألقى خلالها خطابه للعالم الإسلامي من جامعة القاهرة. بالإضافة إلى قصور: الطاهرة، الحرية، العروبة، دار الضيافة، وفيلا السلام، وفيلا الأندلس، ومقر الرئاسة بمصر الجديدة quot;الاتحاديةquot; واستراحة المطار.
وتضم مدينة الإسكندرية قصور: رأس التين، المنتزه، الحرملك، سموحة، وصيدناوي، الصفا، الثورة، وكبائن استانلي. ويوجد في مدن الإسماعيلية وشرم الشيخ والقناطر الخيرية وأسوان استراحات رئاسية، وليست قصوراً.
التعليقات