في موقف مفصليّ يصدر عن أبرز زعماء الطائفة الدرزيّة، دعا النائب اللبناني وليد جنبلاط أبناء طائفته في سوريا إلى laquo;الإحجام عن المشاركة مع الشرطة في عمليات القمعraquo; ضد الشعب السوري، مذكّرًا كلّا من روسيا وإيران بثوراتهما المحليّة، لافتًا إلى كون laquo;حركة الشعوب تتقدم إلى الأمامraquo;.


النائب اللبناني وليد جنبلاط

بيروت، الوكالات: استلهم النائب اللبناني وليد جنبلاط من قول رئيس تشيكوسلوفاكيا الراحل والكاتب فاتسلاف هافل حول quot;قوّة الضعفاءquot; في مواجهة الأنظمة القاسية: quot;إنّ الذين ليس على صدورهم قميص سوف يحررون العالمquot;، ليدعو quot;بني معروفquot; في سوريا إلى quot;الإحجام عن المشاركة مع الشرطة أو الفرق العسكرية التي تقوم بعمليات القمع ضد الشعب السوريquot;.

جنبلاط المتنقل بخفّة بين أقطاب المعارضة والموالاة في لبنان، والحليف الحالي لحلفاء سوريا في لبنان بقيادة حزب الله فاجأ الوسط السياسي أمس بإعلان موقفه جهارة من مجريات الأحداث في سوريا، جازمًا بأنّ quot;الذين ليس على صدورهم قميص في درعا والصنمين وبصرة الحرير وخربة غزالة وإدلب وحمص وحماه وغيرهمفي المدن والقرى السوريّة المختلفة هم الذين يمتلكون المستقبلquot;. أضاف quot;كل التجارب التاريخية أثبتت أن حركة الشعوب تتقدم إلى الأمام ولا تتراجع إلى الخلف، وأن ما بني على باطل لا يكتب له الاستمرار على قاعدة (يمهل ولا يهمل)quot;. تابع إن quot;قوة الضعفاء هي التي حركت وتحرك الثورات العربية للمطالبة بالحرية والكرامة والعزةquot;. وتوجه جنبلاط إلى أبناء الطائفة الدرزية في سوريا بالقول: quot;آن الأوان للإحجام عن المشاركة مع الشرطة أو الفرق العسكرية التي تقوم بعمليات القمع ضد الشعب السوري وقد عاد العشرات منهم في نعوش نتيجة قتالهم لأهلهم في المناطق السورية الأخرىquot;.

في سوريا أكثر من ربع مليون درزي، يقطنون بشكل رئيس في منطقة quot;جبل العربquot; في جنوبي البلاد، وقد شهدت بعض بلداتهم تحركات خجولة على هامش المسيرات المعارضة لنظام الرئيس بشار الأسد الذي يتهمه خصومه بتخويف الأقليات من الأكثرية السنية لضمان الحصول على دعمها.
إلى روسيا وإيران: حل الأزمة السورية بتغيير النظام
ولم يغفل في رسالته الموجهة توجيه النصح إلى كلّ من روسيا وسوريا الداعمتين لنظام الأسد. وتوجه جنبلاط إلى موسكو بالقول: quot;حبّذا لو تنظر القيادة الروسية إلى مبدأ قوة الضعفاء في مقاربتها للوضع الحالي الذي تمر به حليفتها سوريا وضرورة الإقرار بأن الحلول الأمنية لا يمكن أن تشكل حلا للازمة القائمة التي لن تحل إلا بتغيير جذري للنظامquot;. أضاف: quot;فبدل التمسك بنظام لم يستخلص العبر من دروس حماه 1981، التي تذكر بأحداث بودابست 1956، قد يكون من الأفضل توجيه النصح له والقبول بأن تداول السلطة هو أهم من التمسك بها وسفك الدماء. ألم يسبق أن انتفضت روسيا على ظلم القياصرة في الماضي؟quot;

وإلى إيران، قال جنبلاط: quot;وحبذا أيضا لو تنظر الجمهورية الإسلامية إلى مبدأ قوة الضعفاء ويتذكر أحفاد الإمام الخميني أنه المبدأ الذي طبق في مواجهة شاه إيران وأدى إلى إسقاطه في نضال تاريخي كبير، ما أكد أن الصدور العارية التي تنادي بالحرية والديمقراطية قادرة على مواجهة أعتى الأنظمةquot;.

أضاف quot;قد تكون الصواريخ الايرانية تملك قوة عسكرية كبيرة، ولكن يبقى صدى كلمات الشاعر الكبير سعدي الشيرازي أقوى مفعولا، فليتذكر أبناء الثورة الاسلامية ما كتبه لرفع الظلم عن الشعب السوري فهو قال:
آدميون نحن ولنفس الأصل ننتمي
فكيف نهنأ بالعيش والغير يألم
ما استحق الحياة من يرى أخاه يشقى
وهو بالملذات والخيرات ينعمquot;.

وختم بيانه الذي بثته وكالة الأنباء اللبنانية قائلا: quot;كما ناضل الآلاف في تونس ومصر واليمن وفق قاعدة (قوة الضعفاء)، وكانوا من الذين ليس على صدورهم قميص وانتصروا، كذلك سوف يحدث في البلدان الأخرى لان هذا هو منطق التاريخ وحكمه فعلا صدق القول انه quot;يمهل ولا يهملquot;.

المقدسي: لا يوجد سياسة قمع في سوريا
يأتي موقف جنبلاط الواضح حيال دعوة الدروز لرفض المشاركة في عمليات عسكرية ضد المناطق التي تشهد تحركات معارضة لنظام الأسد في وقت يحرص فيه الإعلام السوري الرسمي على إبراز مواقف لرجال دين من عدة طوائف أخرى ينتقدون فيها ما يعتبرونه quot;مؤامرةquot; تستهدف نظام الأسد الذي تتحكم بمفاصله الأساسية شخصيات من الطائفة العلوية.وردّ
الناطق باسم الخارجية السورية جهاد المقدسي على كلام جنبلاط بالقول انه quot;بغض النظر عن إسقاط نظام او غيره نحن ننظر الى الامر بأنه استهداف لسوريا وليس للنظامquot;، مضيفاً: quot;كل ما نأمله ان تنتهي الازمة السورية وان يكف التحريض من الخارجquot;.

المقدسي، وفي حديث الى محطة quot;أو تي فيquot; التابعة لرئيس تكتل التغيير والاصلاح ميشال عون، علق المقدسي على الدعوة التي وجهها جنبلاط قائلا quot;لا اود الدخول في السياسة اللبنانية الداخلية، ولكن رداً على ذلك، نقول انه لا يوجد سياسة قمع في سوريا فهناك من يحمل السلاح في وجه الدولة وسنرد بحزم على هذا الامرquot;، لافتاً الى ان quot;سوريا حريصة بالاصل على كل مواطنيها والجيش في سوريا بحالة دفاع وليس بحالة هجومquot;.

اللواء: اتصالات داخلية عاجلة
ويشهد لبنان انقساماً سياسياً حاداً حيال الوضع في سوريا، وسط حملات إعلامية متبادلة بين الحكومة والمعارضة بسبب المواقف الداخلية والخارجية للدبلوماسية اللبنانية التي تصب في صالح النظام السوري. وقد نقلت صحيفة quot;اللواءquot; اللبنانية
أن تصريحات جنبلاط كانت موضع اتصالات عاجلة جرت بين اكثر من مسؤول حتى لا يترك موقفه هذا ارتدادات على الوضع الحكومي، ويتسبب بسجالات داخلها. ولفتت الصحيفة إلى أنّ الاتصالات تركزت بين الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي مع جنبلاط الذي بادر إلى ارسال النائب اكرم شهيب لمقابلة رئيس الحكومة في السراي، موضحا ان موقفه ليس جديداً، وان كان قد استند إلى قول الرئيس التشيكوسلوفاكي الراحل فافلاف هافل: quot;قوة الضعفاءquot; التي حركت وتحرك الثورات العربية للمطالبة بالحرية والكرامة والعزة.

أما صحيفة المستقبل والتابعة إلى تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري، فشددت على لسان مصادر على أنّ quot;جنبلاط يجهد للحفاظ على علاقاته مع كل الأفرقاء السياسيين في الداخل اللبناني ولا سيما مع من هم في الحكومة، إذ إن مصلحة لبنان في هذه المرحلة تكمن أساساً في إبقائه هادئاً ومستقراً، بعيداً عن التشنّج الإقليمي وتبعاته، وخصوصاً وأن لا مصلحة لأحد في استيراد ذلك التّشنّج أو إضافته إلى ما هو موجود عندناquot;، مشيرة إلى quot;تمسّك جنبلاط بثوابت ثلاثة: السلم الأهلي، عدم ترك البلاد من دون حكومة، والحوار بين جميع الأطرافquot;.