يرى مراقبون أن قطر ما زالت مُصرِّة على تغيير النظام في سوريا، وأن الدوحة لن تسمح أن تضيّع فرصة وجود نظام بديل من نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وستعمل كل ما بوسعها من أجل تحقيق هدفها، الذي أعلنت عنه بشكل صريح.


أمير قطر والرئيس السوري quot;أرشيفquot;

يتفق عدد من مراقبي السياسة القطرية على أن الدوحة ملتزمة بتغيير النظام الحاكم في سوريا.

ويقول هؤلاء المراقبين إنه حين تركِّز الدوحة في قضية ما، فإنها تكمل الطريق، مهما كان الثمن، ومهما كانت الأخطار. وهو ما جعلهم يشددون على ضرورة الانتباه إلى الدعوة التي أطلقها أمير قطر في ما يتعلق بنشر قوات عربية في سوريا.

في هذا السياق، نقلت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية عن شخص مطّلع على دوائر صنع القرار في الدوحة، قوله إن التعليقات التي سبق وأن أدلى بها أمير قطر لإحدى المحطات التلفزية الأميركية في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وتم بثها قبل أيام، تؤكد على كامل التزام القطريين تجاه الانتفاضة السورية. وأضاف هذا الشخص: quot;ينصبّ تركيزهم على هذا الملف تماماً، ولن يسمحوا للفرصة بأن تفلت من أيديهمquot;.

لكن الصحيفة استبعدت من جانبها إمكانية إرسال قوات عربية إلى سوريا، لأن تلك الوضعية لن تكون النتيجة المرغوب فيها بأي حال من الأحوال، خاصة في ظل الصعوبات التي تواجهها جامعة الدول العربية مع بعثة المراقبين، التي فشلت إلى حدّ بعيد في مهمتها. وأكدت أن إرسال قوات عسكرية عربية إلى هناك لن يحقق نتائج أفضل.

ويرى بعض المراقبين أن أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، قد تخلى تماماً عن جامعة الدول العربية، ويقال إنه بدأ يحول تركيزه في ما يتعلق بالملفّ السوري إلى وسائل أخرى، منها ربما دعم جيش سوريا الحر، الذي يتألف من مجموعة من المنشقين العسكريين، الذين أخذوا على عاتقهم مهمة خوض القتال ضد قوات النظام.

ورأت الصحيفة أن مثل هذه الخطوة ستكرر الإستراتيجية التي انتهجتها قطر في ليبيا، حيث ساندت الدوحة الثوار من خلال إمكاناتها المالية والدبلوماسية، فضلاً عن إرسالها مستشارين عسكريين.

باستثناء ذلك، بطبيعة الحال، فإن الأخطار في سوريا أعلى بكثير، كما إن إستراتيجية قطر الشاملة أكثر خطورة. ولفتت الصحيفة في السياق نفسهإلى أن تصريحات أمير قطر ربما قُصِد من ورائها فتح النقاش بشأن احتمالية التدخل العسكري، وهي الاحتمالية، التي ترفض التفكير فيها الحكومات بالغرب وداخل العالم العربي نفسه، رغم علمها أنها قد تصبح حتمية في نهاية المطاف.

ثم مضت الصحيفة تتحدث عن الانقسام الحاصل في صفوف المعارضة السورية، وفشل اتفاق الوحدة، الذي توسطت فيه جامعة الدول العربية أخيراً بين فصيلي المعارضة الرئيسين في البلاد.

وأشارت الصحيفة بعدها إلى أنه، ورغم نجاح الدوحة في دفع جامعة الدول العربية صوب تبني موقف أكثر صرامةضد الرئيس بشار الأسد، الذي كان يعدّ أحد أصدقائها في يوم من الأيام، إلا أن تلك السياسة قد انتهت أيضاً بإرسال مراقبين عرب، تم استغلال مهمتهم من قبل النظام السوري، لتهيمن حالة من الحيرة على المسؤولين في الدوحة مثلما هو الحال على المعارضة السورية.

وأوضحت الصحيفة كذلك أنه، وعلى عكس الأوضاع في ليبيا، لا يوجد أمل لمنح الضوء الأخضر للتدخل العسكري في سوريا من جانب مجلس الأمن. ولفتت بعدها كذلك إلى التداعيات الخطرة، التي تحملها الأزمة السورية في طياتها بالنسبة إلى بعض دول المنطقة، وحذرت الصحيفة في هذا الصدد من احتمالية أن يرد النظام في دمشق إذا ما ضغطت الدوحة من أجل اتخاذ إجراءات أكثر جرأة بشأن الملف السوري.

ورغم إدراك القطريين للأخطار، إلا أنهم يعتقدوا على ما يبدو أن الأزمة السورية قد وصلت إلى نقطة اللاعودة، وأن المقامرة ضد نظام الأسد تستحق كل هذا الجهد.

وفي ختام حديثها، نقلت الصحيفة عن دافيد روبرتس، من معهد الخدمات المتحدة الملكي في الدوحة، قوله إن حسابات قطر للفوائد والأخطار ليست في غير محلها.

وأضاف quot;سيخسر القطريون، إن ظلّ الأسد في الحكم طوال السنوات العشر المقبلة، لكن العلاقات منتهية بالفعل، والمخاوف الأمنية من سوريا قائمة بالفعل كذلك. أي إن التكاليف قد تم دفعها بالفعل، لذا ما الذي سيخسره الأمير بمحاولته أن يكون في الطليعة ؟quot;.