روسيا التي تربطها بسوريا عقود وصفقات أسلحة تصل قيمتها إلى 5 مليارات دولار، تقاوم الضغوط الدولية المتزايدة التي تهدف إلى معاقبة حليفتها، فتدافع عن نظام الأسد بشكل علني، ولا تنفي موسكو التقارير التي تتحدث عن شحنات أسلحة روسية تم إرسالها في الأيام الأخيرة.
سوريا لا تتوقف عن توريد السلاح إلى سوريا رغم قمع الأسد لمعارضيه |
موسكو: على الرغم من حملة القمع الوحشية التي يمارسها نظام الأسد في سوريا ضد المتظاهرين، تقف روسيا في وجه الإجراءات الدولية التي تهدف إلى وضع حد لعملية القمع التي يمارسها الأسد ضد الثورة الشعبية التي بدأت منذ أكثر من 10 أشهر في آذار/مارس العام الماضي.
في هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـ quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; ان روسيا لا تستخدم فقط حق النقض ضد أي عقوبات توضع أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بل أيضاً تواصل توريد الأسلحة إلى سوريا التي تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات، بناء على العقود بين البلدين.
في ظل ارتفاع عدد القتلى في الثورة الشعبية السورية إلى أكثر من 5000 في الأشهر الأخيرة، دعا زعماء الغرب إلى فرض مزيد من العقوبات ضد نظام الأسد، لكن روسيا عارضت هذه التدابير بشدة.
واعتبرت الصحيفة أن المعارضة الروسية ترجع جزئياً إلى تزايد الشكوك في نوايا الغرب، ومخاوف روسيا المتزايدة من ان تخسر أقدم وأهم حليف لها في الشرق الأوسط من خلال تغيير النظام السوري برعاية الغرب.
ويشير بعض المحللين إلى أن انعدام الاستقرار في روسيا التي تشهد احتداماً على الساحة السياسية، زاد من حدة المقاومة في الكرملين ضد ولاية التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة.
ويقول ألكسندر جولتس، خبير عسكري لصحيفة quot;جورنال يزهدنيفنيquot; الالكترونية إن quot;القادة الروس ينظرون إلى سوريا كحليف رئيس لهم في الشرق الأوسط، تربطهم به علاقات سياسية وعسكرية واقتصادية جيدةquot;.
ويضيف: quot;بوتين لديه عقدة الرهاب من الثورات الملونة، ويقرأ الثورات المؤيدة للديمقراطية، على انها نتيجة المؤامرات الغربيةquot;.
في مؤتمره الصحافي السنوي يوم الأربعاء، رفض وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المخاوف بشأن تسليم ذخيرة وأسلحة روسية للقوات المسلحة في سوريا هذا الشهر قائلاً: quot;نحن لا نعتبر أنه من الضروري تفسير أو تبرير موقفنا، كما أننا لا ننتهك أي اتفاقات دولية للأمم المتحدة أو قرارات مجلس الأمنquot;؟
العقوبات قد تكلف روسيا خسارة 5 مليارات دولار في مبيعات الأسلحة
رفض مسؤول الشركة الروسية لتصدير الأسلحة، quot;روسوبورون اكسبورتquot;، تقديم التفاصيل عن مدة العقود بشأن تجارة الاسلحة مع سوريا. وقال، فياتشيسلاف دافيدينكو، المتحدث باسم الشركة للصحافة ان quot;روسيا لم تفعل شيئاً يعتبر انتهاكاً لعقوبات الامم المتحدة. ونحن أحرار في توريد أي سلع أو خدمات الى سوريا، طالما اننا لا نخرق القوانينquot;.
لكن وفقا لمركز مستقل لتحليل تجارة الأسلحة العالمية (CAWAT) في موسكو، تعتبر سوريا سابع أكبر العملاء لروسيا في السوق العالمية للأسلحة التي أسفرت عن مبيعات بقيمة بلغت نحو 8 مليارات دولار لروسوبورون اكسبورت في عام 2009.
وقد بلغت مبيعات الشركة لسوريا على مدى العقد الماضي إلى نحو 10 في المئة من إجمالي الصادرات الروسية للاسلحة.
بناء على ذلك، روسيا ستخسر حوالي 5 مليارات دولار في مبيعات الاسلحة اذا فرضت الامم المتحدة عقوبات على سوريا، بما في ذلك العقود الحالية تبلغ قيمتها نحو 1.5 مليار دولار.
في السنوات الأخيرة عملت روسيا على تحديث الأسلحة السورية القديمة مثل دبابات T - 72 وزودتها بـ 24 طائرة جديدة من طراز ميج 29 المقاتلة، فضلا عن تقديم مجموعة من الصواريخ المضادة للطائرات، صواريخ مضادة للدبابات، وأسلحة أخرى أصغر حجماً.
فقدان السوق السورية سيكون ضربة كبيرة لصناعة تصدير الأسلحة الروسية، التي فقدت بالفعل ما يقدر بنحو 4.5 مليارات دولار في عقود مع ليبيا وخسرت نحو 13 مليار دولار بسبب عقوبات مجلس الأمن ضد إيران.
تباين في الآراء
لا يتفق الجميع على أن مصالح روسيا تحكمها تجارة السلاح فقط. فيقول الكسندر شارافين، مدير معهد مستقل للتحليل السياسي والعسكري: quot;أنا أتساءل عما إذا كانت مصالح روسيا باتباع هذه العقود، فهناك خلافات في الرأي داخل النخبة الحاكمة في روسيا، لكن يبدو ان المجموعة التي ترى سوريا كحليف تقليدي يجب دعمه هي التي تسود حالياًquot;.
وأضاف: quot;أعتقد ان هذه العقود واستخدام ميناء طرطوس لاستقبال سفن حربية روسية، هي امر مهم، لكن ليس لدرجة ان تتحكم بالسياسة الروسية الخارجيةquot;، مشيراً إلى أنه quot;ربما كان علينا أن نغير هذه المواقف منذ زمن طويل، لأن العلاقة بين البلدين تؤذي روسيا وتهدد علاقاتنا مع الغربquot;.
واشتكى لافروف ان الدول الغربية تخطط سراً، وربما تسلح المعارضين السوريين لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد. فقال: quot;شركاؤنا في الغرب يناقشون امكانية فرض منطقة حظر الطيران... لا أحد يستطيع أن ينكر أن (بعض القوى) اعمل على تهريب الاسلحة الى المتطرفين في سوريا الذين يحاولون استغلال حركة الاحتجاج لتحقيق أهداف اغتصاب السلطةquot;.
quot;روسيا ليست مهتمة بأي ما يقال في الغربquot;، يقول الكسندر خرامشيكين، الخبير في معهد مستقل للتحليل السياسي والعسكري في موسكو، مشيراً إلى أن quot;القادة الروس يرون المعايير المزدوجة التي يعتمدها الغرب حول الديكتاتوريات في الشرق الأوسطquot;.
ويضيف: quot;موقف روسيا عادل ومتوازن حيال سوريا. نريد أن نرى نهاية للعنف على كلا الجانبين، ونلقي اللوم على قدم المساواة على كلا الطرفين، ونحن ضد أي تدخل خارجي في سورياquot;.
التعليقات