باريس: يصوت اعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي الاثنين على مشروع قانون يعاقب على انكار الابادة الارمنية وهو نص عرضه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وتسبب بازمة خطيرة بين فرنسا وتركيا التي تعتبر بوابة الى الشرق الاوسط وتحظى بنفوذ اقليمي واسع.

وجهود انقرة لاقناع باريس بسحب النص الذي يقضي بفرض عقوبة بالسجن سنة ودفع غرامة بقيمة 45 الف يورو لمن ينكر الابادات المعترف بها امام القانون الفرنسي وبينها الابادة الارمنية، لم تكن كافية. ورغم تعبئة حوالى 15 الف اوروبي من اصل تركي السبت في شوارع باريس وتهديدات الحكومة التركية باطلاق شق ثان من العقوبات quot;الدائمةquot; ضد فرنسا، من المرتقب ان ينظر مجلس الشيوخ الفرنسي الاثنين بمشروع القانون هذا الذي سبق ان اعتمده النواب في الجمعية الوطنية في 22 كانون الاول/ديسمبر.

ومساء السبت دعا وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو مجددا اعضاء مجلس الشيوخ الى رفض نص quot;يخالف حقوق الانسانquot;.

وقال quot;لكن لا تعتقدوا ان تركيا ستبقى صامتة. سيكون هناك عقوبات جديدة وهذه المرة ستكون دائمة الى ان تغير فرنسا موقفهاquot;.

وفيما جمدت تعاونها العسكري والسياسي مع باريس، حذرت الحكومة التركية من سلسلة ثانية من اجراءات الرد التي يمكن ان تتخذها. وبحسب مصادر في انقرة فان تركيا يمكن ان تخفض مستوى تمثيلها الدبلوماسي في فرنسا وان تنظم ردا في المجالين التجاري والاقتصادي لكن ايضا ان تتخذ اجراءات انتقامية اخرى اكثر رمزية مثل تغيير اسماء شوارع في انقرة ومدن تركية اخرى تحمل اسماء فرنسية.

وقد تدهورت العلاقات بين البلدين الى حد كبير منذ وصول نيكولا ساركوزي الى الرئاسة في 2007. وساركوزي لم يخف ابدا معارضته لانضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي.

وقد هاجمت الحكومة التركية الاسبوع الماضي الرئيس الفرنسي واتهمته خصوصا بالانتهازية الانتخابية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في نيسان/ابريل وايار/مايو المقبلين حيث ان كل صوت، بما يشمل اصوات الفرنسيين المتحدرين من اصل ارمني والبالغ عددهم 600 الف شخص، يحتسب.

واتهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ايضا فرنسا بانها دبرت quot;ابادةquot; بين 1945 و1952 في الجزائر حين كانت قوة مستعمرة.

وبدون العودة عن دعمه لمشروع القانون، حاول ساركوزي تهدئة الاجواء ودعا انقرة الى quot;تغليب العقل والحفاظ على الحوارquot;.

والعلاقات بين باريس وانقرة ترتدي اهمية اكبر لان تركيا تلعب دورا اساسيا في عدة ملفات في الشرق الاوسط لا سيما في العراق وسوريا. وتراهن المجموعة الدولية على تركيا كصلة وصل مع سوريا حيث يواجه الرئيس السوري بشار الاسد حركة احتجاج شعبية لا سابق لها منذ عشرة اشهر.

لكن مشروع القانون لا يحظى باجماع في فرنسا حيث ان وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه انتقده واعتبر النص quot;غير مناسبquot;.

كما ان لجنة القوانين في مجلس الشيوخ رفضت الاربعاء هذا النص معتبرة اياه quot;مخالفا للدستورquot; وعبرت بالتالي عن تردد قوي لدى قسم من مجلس الشيوخ، من جهة اليسار واليمن على حد سواء.

لكن من المتوقع ان يوافق مجلس الشيوخ الاثنين في جلسته العامة على هذا النص المدعوم من الرئيس ساركوزي ومن المرشح الاشتراكي للانتخابات الرئاسية فرنسوا هولاند ايضا.

وترفض تركيا تعبير quot;ابادةquot; رغم انها تعترف بالمجازر التي وقعت واسفرت عن مقتل 500 الف ارمني في الاناضول بين 1915 و 1917 فيما يتحدث الارمن عن سقوط حوالى مليون ونصف المليون قتيل.