للمرة الاولى منذ توليه العرش، يواجه الملك عبد الله الثاني الذي يحتفل بعيد ميلاده الخمسين الاثنين المقبل، تحديات داخلية جمّة تتصدرها مطالب الاصلاح.


عمان: للمرة الاولى منذ توليه العرش عام 1999، يواجه العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني الذي يحتفل بعيد ميلاده الخمسين الاثنين المقبل، تحديات داخلية تتصدرها مطالب الاصلاح التي تصاعدت وتيرتها تأثرا بالربيع العربي.

وحكم الملك عبد الله الذي تولى عرش المملكة في السابع من شباط/فبراير من عام 1999 لم يكن سهلا لاسباب كثيرة منها على وجه الخصوص تداعيات هجمات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001 على المنطقة والغزو الاميركي للعراق عام 2003 واخيرا الاوضاع في الاراضي الفلسطينية وتأثيرها على المملكة التي يشكل الاردنيون من اصول فلسطينية نحو نصف عدد سكانها.

ثم جاء quot;الربيع العربيquot; وتداعياته على الاردن ليشكل التحدي الابرز للملك.

ويرى محمد المصري الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية انه quot;للمرة الاولى يواجه الملك تحديات داخلية، بالتالي فان قدرته على المناورة (اصبحت) اقل في مواجهة التحديات الخارجيةquot;.

ويتمتع الاردن منذ مدة طويلة بسمعة طيبة في مجال الامن والاستقرار بالاضافة الى انفتاح نسبي وهو ما كان يميزه دائما عن الكثير من الدول العربية خاصة دول الجوار، لكن الربيع العربي جاء ليخلط الاوراق.

وقالت منظمة quot;مراسلون بلا حدودquot; في تقرير نشر الاربعاء ان المملكة خسرت ثماني نقاط في تصنيفها لحرية الصحافة في العام 2011 وحلت في المرتبة 128.

واصدرت محكمة امن الدولة الاردنية الخميس حكما بالسجن سنتين بحق ناشط شاب احرق صورة للعاهل الاردني.

ويضيف المصري ان quot;الاشياء تغيرت، وبالمقارنة فأن تونس ومصر تجاوزتا حاليا المملكة في طريق الديمقراطية. ومن اولويات مطالب الاردنيين تعزيز الاجراءات الحازمة حيال مكافحة الفساد واجراء الاصلاحات السياسية الجوهريةquot;.

وتشهد المملكة دعوات واسعة لمحاكمة مسؤولين متهمين باختلاس مليارات الدولارات في اطار خطة التحول الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، حيث بلغ الدين العام 18 مليار دولار، اي ما يزيد على 65% من اجمالي الناتج المحلي الذي بلغ عام 1999 سبعة مليارات دولار.

وفي حديث لفرانس برس يقول علي الحباشنة رئيس اللجنة الوطنية العليا للمتقاعدين العسكريين، الذي شكل الاسبوع الماضي حزبا سياسيا، سيكون في حال الترخيص به اول حزب منبثق عن الحراك الشعبي، quot;يجب على الملك ان يعلن بكل وضوح وصراحة ارادته الحقيقية بفتح تحقيق في كل قضايا الفساد بغض النظر عن الصداقة او صلة القرابة منهquot;.

ودعا الحباشنة الملك الى quot;الاقتداء باجداده وان يعلن تبرعه بامواله المنقولة وغير المنقولة لصالح خزينة المملكة وان يدعو الامراء الى الاقتداء بهذه الخطوةquot;، التي رأى انها quot;ستغلق افواه كثيرةquot;.

وكان العاهل الاردني الذي دعا السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في البلاد الى التحرك وبسرعة حيال ملفات الفساد، اعلن عبر بيان اصدره الديوان الملكي مطلع الشهر الماضي انه للفترة من 2000-2003 تم تسجيل 4827 دونما (الدونم الواحد يساوي 1000 متر مربع) من اراضي الخزينة باسم الملك مشيرا الى ان هذا التسجيل كان لاغراض تنموية ووطنية ولم يتم بيع اي شيء من هذه الاراضي.

وبالنسبة لزكي بني ارشيد رئيس المكتب السياسي في حزب جبهة العمل الاسلامي، الذراع السياسية للاخوان المسلمين وابرز احزاب المعارضة في الاردن، فانه quot;حتى اللحظة لا يوجد ما يبشر بانتهاج سياسة جادة في معالجة الأزماتquot;.

ويضيف quot;لذلك نرى ان الشعب الاردني يعبر عن عدم رضاه عن هذه الاوضاع باشكال متعددة ومتفاوتة منها على سبيل المثال الحراك الشعبي المستمر منذ اكثر من سنة والاعتصامات والاضرابات والاحتجاجات والمظاهر التي بدأنا نلمسها مؤخرا باقدام بعض المواطنين على حرق انفسهمquot;.

واضرم اردنيان النار بنفسيهما الشهر الحالي الاول بسبب ظروفه الاقتصادية الصعبة والثاني quot;لاسباب نفسيةquot; بحسب السلطات الامنية.

واوضح بني ارشيد ان quot;هذه كلها عبارة عن نواقيس خطر تدق سمع صاحب القرار في الاردنquot;.

ورأى ان quot;المخرج الحقيقي هو في الاستئناف السريع للاصلاحات الدستورية والذهاب بشكل مبكر الى انتخابات برلمانية وفقا لقانون انتخابي ديمقراطي جديد، واجراء انتخابات خالية من التزوير والفساد الذي اتسمت به الانتخابات السابقةquot;.

وبالنسبة للباحث محمد المصري فأن امام الملك quot;فرصة تاريخية لتقديم نموذج للديمقراطية من خلال عملية سلمية وتدريجية دون مخاطر من شأنها ان تسمح للجميع بالشعور بالرضاquot;.

واوضح ان quot;الامر لايتعلق باتخاذ قرارات تصحيحية هنا وهناك ولكن باقامة ديمقراطية حقيقية ستكون مصدر شرعية جديدة للنظام وضمانة للامن والاستقرار في البلادquot;.