بعدما تم تكليفه من قبل ملكة إنكلترا إليزابيث الثانية عام 2003 بكتابة السيرة الذاتية الرسمية لوالدتها الملكة إليزابيث الأم، ونشرها بالفعل عام 2009، سمحت الملكة الحالية كذلك لكاتب السير الذاتية ويليام شوكروس بتجميع مجموعة من خطابات والدتها.


الملكة إليزابيث الأم

أشرف أبوجلالة من القاهرة: أوضح شوكروس في مقال كتبه في صحيفة التلغراف البريطانية بهذا الخصوص أنه وباعتباره كاتب السيرة الذاتية الرسمي لأحد أفراد العائلة الملكية قد حظي بفرصة الإطلاع على أوراق ومستندات خاصة في الأرشيف الملكي في قلعة ويندسور.

وأضاف أنه كان محظوظاً لرؤية تلك الأوراق الموجودة في ويندسور وجلاميس، حيث منزل أسرة الملكة إليزابيث في اسكتلندا، وهي الخطابات التي كتبتها على مدار حياتها.

ثم أشار إلى أنه وبمجرد وصول أول صندوق خاص بخطابات الملكة إليه، فوجئ بوفرتها وغزارتها، مبيناً أنه وجد أن كلماتها كانت تعجّ بالحيوية والحماسة والتفاؤل.

كان من حسن حظ شوكروس كذلك أن خط يدها كان جميلاً وواضحاً منذ أن كانت تبلغ من العمر 10 أعوام وحتى وفاتها. ورغم أن تعليمها الرسمي يعتبر محدوداً وفقاً لمعايير اليوم، إلا أن خطاباتها تظهر تذوقاً من جانبها للغة وتلمع بالفعل بفرح العيش.

تابع شوكروس بلفته إلى المقال الذي كتبته وهي في سن العاشرة بعنوان: quot;اختراع جديد: الطائراتquot;، وكتبت فيه quot;تتشكل الطائرة عادةً مثل السيجارة، وتوجد فيها مروحة عند أحد الطرفين، وعلى كلا الجانبين هناك أجنحة بيضاء كبيرة، تجعلها تشبه الطائر. وهي ليست آمنة إلى حد كبير الآن، وقد وقع كثير من الحوادثquot;.

وحين اندلعت الحرب العالمية الأولى في شهر آب/ أغسطس عام 1914 عندما كان عمرها 14 عاماً، كتبت خطاباً لصديق لها يدعى بيريل، بعد قتل شقيقها فيرغس وأسر شقيقها الآخر مايكل كأسير حرب، بعد علمهم بأن مايكل لا يزال على قيد الحياة، قالت له فيه: quot;أنا في حالة تامة من الهذيان والتعجب. فهل أنا مجنونة من البؤس أم من الفرحة؟ من الفرحة ! مايك آمن تماماً.. أليس ذلك أمرًا رائعًا للغاية. لا يمكنني تصديق ذلك، بل يمكنني أن أصدقه، لكنك تعلم ما الذي أعنيه بالفعل ..quot;.

في تلك الأثناء، كان يستقبل مقر إقامة أسرتها في قلعة ويندسور الجنود المصابين لمداواة جروحهم، وكانوا جميعهم يحبون إليزابيث بسبب فرحها بالعيش وعطفها عليهم.

بعد مقابلتها دوق يورك عام 1920، الذي أحبها وظل يلاحقها على نحو غير تقليدي، لم تكن إليزابيث متأكدة من مشاعرها، وكانت خطاباتها إليه لطيفة ومؤثرة على حد سواء. وحين قبلته زوجاً في الأخير في كانون الثاني/ يناير عام 1923، كانت تعجّ خطاباتها بالفرحة والسعادة.

وفي عشرينات ومطلع ثلاثينيات القرن الماضي، كانت تشعر إليزابيث بالسعادة وتحظى بشعبية باعتبارها دوقة يورك ووالدة الطفلتين الصغيرتين آنذاك الأميرة إليزابيث والأميرة مارغريت. ولم يكن هناك تفكير في أن تصبح ملكة، إلى أن تنازل إدوارد الثامن من أجل الزواج بواليس سيمبسون.

في صيف 1939، مع اقتراب الحرب مع هتلر، سافر الملك الجديد وزوجته الملكة إلى كندا، لحفز دعم الدومينيين للقضية البريطانية، وبعدها سافرا إلى نيويورك وواشنطن، في محاولة لتغيير حياد أميركا المعلن. ومن القطار الذي أقلهما في كندا، كتبت إليزابيث مجموعة خطابات وصفية لابنتيها.

ووصفت لهما في أحد الخطابات كيف كانت تصل إليهما عادةً مجموعة كبيرة من الأطفال في المحطات البعيدة قاطعين ربما مئات الميال بوساطة قوارب عبر البحيرات نظراً إلى عدم وجود طرق، على عكس المدن، كان هناك الآلاف والآلاف من الأشخاص بانتظارها هي وزوجها في محطات عدة.

ووصفت في خطاب آخر لابنتها الأميرة إليزابيث كيف أنها قضت نزهة سعيدة داخل منزل الرئيس روزفلت في نيويورك. وبعدها بأيام قليلة، كتبت إليزابيث خطاباً لرئيس أساقفة كانتربري قالت له فيه quot;الأمل الوحيد للعالم هو الحبquot;.

وكتبت أيضاً لصديقها القديم الأمير بول (يوغوسلافيا) quot;إنه لأمر مأساوي أن نفكر بالإهدار الذي نجم من الحرب. ويجب على البشرية أن تتصدى للأمور السيئة إن كنا نرغب في الحياة، والأمور الروحية أقوى من أي شيء آخر، ولا يمكن تدميرها الحمد للهquot;. ولم تتوقف إليزابيث عن الكتابة لأصدقائها القدامى، وكذلك الجدد حتى وفاتها عام 2002.