تاريخه أقرب إلى رواية من روايات الجاسوسية بطلها عميل سري استخدم الحيلة والتكنولوجيا لمساعدة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية على اصطياد قيادي في تنظيم القاعدة. ولكن إذا صحت الرواية فإن الأقوال التي نُشرت حديثا لرجل دنماركي كشف أنه كان عميلاً مزدوجًا، يمكن أن تسبب تعقيدات أمام محاولات الاستخبارات الاميركية والاوروبية لاختراق الجماعات الارهابية في المستقبل، كما يقول خبراء أمنيون.


أثار الجهادي الدنماركي السابق مورتن ستورم، الذي اعترف بأنه جهادي سابق، جدلا في بلده الدنمارك في مقابلة صحافية معه قال فيها إنه ساعد وكالة الاستخبارات المركزية في استهداف أنور العولقي، القيادي في تنظيم القاعدة الذي قُتل في غارة شنتها طائرة اميركية من دون طيار في اليمن العام الماضي.

وروى الدنماركي البالغ من العمر 36 عاما بالتفصيل كيف اقام على مدى سنوات علاقة مع العولقي في اليمن ثم ساعد وكالة الاستخبارات المركزية في زرع جهاز سري لتعقب تحركاته أدى في النهاية الى مقتل الخطيب التحريضي اليمني المولود في الولايات المتحدة.

دلائل ستورم

وامتنعت وكالة الاستخبارات المركزية والاستخبارات الدنماركية عن تأكيد رواية ستورم أو نفيها. ولكن ستورم شفع روايته بنسخ مما يُفترض انها مراسلات الكترونية مع العولقي قدمها الى الصحيفة الدنماركية التي قابلته، وكذلك ما يقول انه شريط صوتي سري لوقائع اجتماع بينه وبين ضابط في وكالة الاستخبارات المركزية بُحث فيه استهداف العولقي.

وقال محللون اميركيون وأوروبيون بينهم مسؤولون استخباراتيون سابقون ان رواية ستورم جائزة عموما معترفين في الوقت نفسه بأن من المتعذر التحقق من صحة العديد من تفاصيلها. واشار المحللون الى ان تباهي ستورم بخدماته للاستخبارات الدنماركية والاميركية يمكن ان يزيد المخاوف الأمنية في الدنمارك التي استهدفها تنظيم القاعدة مرات متكررة في السنوات الأخيرة.

يضاف الى ذلك ان كشفه تفاصيل عن مطاردة العولقي يمكن أن يزيد على الأجهزة الاستخباراتية الغربية صعوبة زرع مدسوسين داخل الجماعات الارهابية، كما يرى عملاء مخضرمون في اجهزة الاستخبارات وخبراء في مكافحة الارهاب. وما يبعث على القلق بصفة خاصة وصف ستورم لاستخدام سواقات يو أس بي بريئة المظهر في توجيه صواريخ وكالة الاستخبارات المركزية نحو هدفها.

وقال الباحث السويدي ومستشار الاتحاد الاوروبي السابق لمكافحة الارهاب ماغنوس رانستورب لصحيفة واشنطن بوست ان ما كشفه ستورم quot;يدعو الى القلق ويجب ان يدعو الى القلق. وهو على أقل تقدير محرج عملياتيا ويدفع المرء الى التساؤل ماذا بعدquot;.

من متطرف إلى جاسوس

وبدأ ستورم يكشف عمله مخبرا منذ ايام بنشر مقابلة معه على موقع صحيفة يولاندس بوستن الدنماركية. وروى ستورم الذي كان أحد أفراد عصابة محلية تستخدم الدراجات النارية كيف تحول خلال السنوات العشر الماضية من متطرف اسلامي معاد للولايات المتحدة الى جاسوس مدسوس عقد العزم على تدمير العولقي بعد ما كان يكنّ له الاعجاب.

وقال ستورم في حديثه المسجل مع ضابط وكالة الاستخبارات الاميركية المفترض الذي اكتفى بتسميته مايكل ان العولقي quot;كان شيخي ومعلمي، وكان صديقيquot;. واضاف ستورم انه بسبب ما في العولقي quot;من شرquot; وافق على مساعدة الاميركيين على قتله.

وبحسب رواية ستورم فان علاقته بالجماعات والشخصيات الاسلامية المتطرفة لفتت انتباه المحققين الاوروبيين منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ولكنه في عام 2006 وافق على ان يعمل مخبرا للاستخبارات الدنماركية.

وزعم ستورم بأنه أصبح صديق العولقي بعد عدة زيارات الى اليمن وان القيادي في تنظيم القاعدة كان يطلب منه احيانا ان يشتري عطورا ومواد شخصية أخرى لزوجة العولقي. وكان الرجلان احيانا يتبادلان الرسائل باستخدام سواقات يو أس بي ينقلها سعاة، وهي ممارسة ساعدت ستورم لاحقا على إعطاء العولقي جهازا حسن التمويه لتوجيه الصواريخ.

وقال ستورم انه قرر الكشف عن قصته لأنه يعتقد بأنه لم يكافأ كما يستحق على مساعدته وكالة الاستخبارات المركزية في تصفية العولقي في ايلول/سبتمبر 2011. واعتبر خبراء ان شريط ستورم الصوتي محاولة منه لانتزاع اعتراف وكالة الاستخبارات المركزية بدوره في الايقاع بالعولقي.

ويشكر المدعو مايكل في التسجيل الصوتي ستورم على مساهماته ولكنه يشير الى مجهود مواز من جانب وكالة المخابرات المركزية معتبرا ان هذا المجهود قام بقسط مباشر أكبر من المسؤولية عن اصطياد العولقي.

وقال الضابط في وكالة الاستخبارات المركزية ومستشار البيت الأبيض لمكافحة الارهاب سابقا بروس ريدل ان الدنماركي يمثل quot;نموذجا كلاسيكيا لاختراق القاعدة فهو اوروبي اعتنق الاسلام، متزوج من مسلمة يمنية ولديه شغف بالجهادquot;.

ولكن إقدام ستورم على كشف قصته يبين المخاطر التي تقترن باستخدام عملاء مزدوجين، بحسب الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية روبرت بير الذي عمل في الشرق الأوسط مشيرا الى ان العملاء المزدوجين يمكن ان يسببوا اضرارا جسيمة بعد اعتزالهم العمل وان ذلك يشكل كابوسا لأجهزة الاستخبارات.