التزمت الغزيّة عندليب شحاتة (47 عامًا) الدفاع عن حقوق المرأة في بلدها فلسطين، فهي تسعى إلى تعزيز العقوبات ضد المغتصبين ومن يقتلون النساء بذريعة الدفاع عن الشرف. إلا أنها معنية أيضاً بالمشاكل المعيشية اليومية.


في أحياء غزة، التي يعتبر سكانها أنها غير ملائمة لأي إنسان، أمضت عندليب عدوان شحاتة 47 عاماً من عمرها تحاول تخطي مصاعب الحياة اليومية، إلى جانب كفاح آخر التزمت به، وهو الدفاع عن حقوق المرأة ودورها وسط مجتمع ذكوري مهيمن.

بين الحصار الجغرافي والنفسي، الذي يفرضه الإحتلال الإسرائيلي، وسطوة حركة حماس، بنت عندليب وأسرتها منزلاً من ثلاث طبقات في العام 1998، وما زالت تحاول حتى اللحظة بناء أسس لمجتمع لا يحظر فيه دور المرأة وأبسط حقوقها.

لا تملك السيدة الغزاوية الكثير من الأصدقاء، وربما يعود ذلك إلى أن ابنها (13 عاماً) يتابع تحصيله الدراسي في المدرسة الدولية الأميركية. وربما أيضاً بسبب حفل الزفاف المختلط، الذي أقامته لابنتها أخيراً، أو لأنها لا تدخل إلى المسجد أو تغطي شعرها. وقد يكون سبب عزلتها ببساطة هو أنها أمضت حياتها في الحديث بجرأة عن مشاكل النساء في مجتمع يهيمن عليه الرجال، متحدية نظرة المجتمع إلى قضايا الاغتصاب والطلاق والقتل بدافع الشرف وإساءة معاملة النساء.

تقول عندليب إن وضع المرأة اليوم أسوأ مما كان عليه في السابق، مشيرة إلى أنها إذا قبلت فكرة أنها تستحق هذا النوع من الحياة، فسوف تفقد الأمل، فهي تؤمن بأنها تستحق حياة أفضل، وتصرّ على الاستمرار في خوض معركتها.

خسرت عدوان معركة شخصية في الشهر الماضي عندما رفضت المحكمة العليا في إسرائيل التماساً مقدماً منها ومن ثلاث نساء أخريات للدراسة في الضفة الغربية، فقد بدأت دراستها للحصول على درجة الماجستير في دراسات النوع الاجتماعي في جامعة بيرزيت في عام 1999، لكنها منعت من حضور الفصول الدراسية بعد فصلين بسبب الانتفاضة الثانية.

على الرغم من ذلك، فقد استمر نشاطها في غزة، حيث أنشأت quot;مركز الإعلام المجتمعيquot; في العام 2007 لتدريب الفلسطينيين على استخدام الأفلام الوثائقية وغيرها من الأساليب الأخرى لكشف النقاب عن صعوبات الحياة اليومية.

يعتبر المركز، الذي تأتي ميزانيته السنوية البالغة 200 ألف دولار من منظمات غربية، من بينها خدمات الإغاثة الكاثوليكية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، الأحدث بين سلسلة من المنظمات التي أسهمت عدوان في إنشائها أو إدارتها منذ العام 1991.

بدأت عندليب النشاط السياسي منذ طفولتها في مخيم اللاجئين في رفح، حيث كانت الفتاة الوحيدة التي تدلي بتصريحات حول نظام الخطاب العام في المدارس، وتشارك في الحركة الطلابية في مطلع الثمانينات من القرن العشرين، والتي أدت إلى تعليق الدراسة لمدة يومين. وفي سن السادسة عشرة نشرت أولى قصصها القصيرة المتعددة حول ما يعرف بـ quot;الوضع السائدquot; في غزة.

وعلى الرغم من نشاطاتها الإجتماعية وجهودها في تمكين المرأة من ممارسة حقوقها بعيداً عن الذكورية المتسلطة، تواجه عندليب انتقادات تدينها باعتبارها يسارية، رفضت التعاون مع الجهود الحكومية بشأن النساء أو دعوة مسؤولين في حركة حماس إلى النشاطات التي تقيمها.

واتهمتها أميرة هارون، المدافعة عن حقوق النساء المسلمات، بأنها تهدر وقتها في الترويج لـquot;أجندة غربية مختلفةquot;، بينما يجب أن يكون العمل قائماً على الأجندة الوطنية ومستلهماً منها، وأولها مقاومة الاحتلال الإسرائيلي كأولوية، نظراً إلى أن الاحتلال هو أصل كل المشكلات.

هذه القيود والضغوط غالباً ما أدت إلى استسلام المناديات بالمساواة بين الجنسين في غزة، لكن عدوان قاومت الإحباط، لأنها تحب غزة بشدة وتصفها بـ quot;الجنة السوداءquot;.

بعدما رفضت المحكمة الإسرائيلية طلبها للدراسة في الضفة الغربية، تستكمل عدوان رسالة الماجستير في الدراسات الشرق أوسطية والتي اختارت أن تتناول فيها تعامل وسائل الإعلام الإخبارية المطبوعة مع قضايا المرأة أثناء وبعد حرب غزة في الفترة من 2008 إلى 2009.

من الأولويات التي تسعى عندليب إلى تحقيقها، تحسين وضع المرأة في حالة الطلاق وإجراءات الوصاية، وتعزيز العقوبات ضد المغتصبين ومن يقتلون النساء بذريعة الدفاع عن الشرف. إلا أنها معنية أيضاً بالمشاكل اليومية مثل انقطاع الكهرباء والتلوث وغيرها.

أما فلسفة عندليب الخاصة عن القوة فتستلهمها من الحيوانات، وتحديداً الفيلة، لأنها تعتبرها مسالمة، ولا تؤذي أحداً، على الرغم من قوتها وضخامتها، فبالنسبة إليها quot;الأخلاقيات السامية هي أن تتمتع بالقوة، لكن شرط ألا تستغلها ضد أحدquot;.