فيما تبدأ في مدينة البصرة العراقية الجنوبية محاكمة مغتصب وقاتل طفلة عمرها أربع سنوات، كشفت وزارة حقوق الانسان العراقية أن شبانًا من متعاطي المخدرات هم وراء الجرائم الأخيرة لاغتصاب أطفال وقتلهم.


قالت وزارة حقوق الانسان العراقية إن ما حدث مؤخرًا من حوادث تكررت تم فيها اغتصاب أطفال وقتلهم وآخرها الطفلة quot;بنين علي عبدquot; وعمرها اربع سنوات قبل اسابيع إنما هي تصرفات إجرامية ذات طابع جنائي بحت دخيلة على مجتمعنا quot;نستنكرها وندينها كما يدينها كل الشرفاء في هذا الوطن والعالمquot;.

وأشارت إلى أنّ جريمة اغتصاب وقتل الطفلة quot;عبير حيدرquot; ذات الخمس سنوات الجمعة الماضي قد ارتكبها quot;عشرة من المجرمين والذين لايتجاوزون العشرينات من أعمارهم وهم تحت تأثير المخدرات، وكان رد الفعل والتحرك السريع للقوات الأمنية قد أدى إلى إلقاء القبض على ثمانية منهمquot;.

وشددت الوزارة في بيان صحافي اليوم على أن هذه الجرائم تشكل مؤشرًا خطيرًا يتطلب تحركًا مسؤولاً لوضع الحلول الناجعة لكثير من المخاطر الاجتماعية واستيعابها بدءًا من مكافحة المخدرات ومحاربتها لما لها من آثار خطيرة على المجتمع وشبابه. ودعت وزارة الداخلية إلى تكثيف جهدها الأمني والاستخباري في القضاء على خلايا ترويج المخدرات وتكثيف دورياتها التفتيشية في الاماكن النائية في المحافظات، إضافة إلى ايجاد فرص عمل للعاطلين عن العمل وخاصة الشباب منهم وفتح المراكز الترفيهية والرياضية لاستيعابهم وعدم تركهم لاهواء المفسدين بإغوائهم وانحرافهم.

وأكدت أنه يتأتى في هذا المجال بالدرجة الأخرى الدور الاكبر للمرجعيات الدينية ودواوين الاوقاف لحث رجال الدين من خلال منابرهم وخطبهم ومجالسهم الدينية للتثقيف على القيم والاخلاق الاسلامية الحميدة والابتعاد عن المحرمات والعادات السيئة الدخيلة، وأن تنتبه العوائل لسلوك اولادها ومتابعتهم.

وكان قضاء الزبير في محافظة البصرة قد شهد في السادس عشر من اب (اغسطس) الماضي اغتصاب وقتل طفلة عمرها أربع سنوات تدعى quot;بنين حيدرquot; بعد اغتصابها حيث ستتم اليوم محاكمة المتهم وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي. وأكدت السلطات أنّ quot;أكرم حامدquot; المتهم بقتل الطفلة بنين كان قد اعترف بعد اعتقاله باغتصابها وقتلها والتمثيل بجثتها .

وقد طالبت عشيرة الطفلة بنين حيدر عشيرة خاطفها ومغتصبها وقاتلها بدية غير مشروطة بالتنازل عن الحق الشخصي مقدارها 700 مليون دينار (600 الف دولار) تم تخفيضها خلال جلسة فصل عقدت مؤخرًا في محافظة ذي قار إلى 175 مليون دينار (51 الف دولار) فيما بادرت عشيرة الجاني بهدر دمه وإعلان البراءة منه، فضلاً عن التزامها بدفع الدية.

ومن جهتها، نقلت وسائل إعلام محلية عن حيدر محمد والد الضحية قوله إن quot;التعامل مع القضية وفق السياقات العشائرية لم ولن يسفر عن تنازلنا عن الدعوى القانونية المقامة ضد مرتكب الجريمة ونحن نطالب بمحاكمته وإعدامه على وجه السرعةquot;. وطالب بتنفيذ عقوبة الإعدام في المكان نفسه الذي اقترفت فيه الجريمة.

كما أعلنت وزارة الداخلية العراقية السبت الماضي عن اعتقال أربعة أشخاص بعد ثلاث ساعات من قيامهم باختطاف طفلة في محافظة البصرة عمرها 5 سنوات وتدعى quot;عبير علي عبدquot; وشنقها بعد الاعتداء عليها. وجاء الاعلان عن القبض على الاشخاص الاربعة بعد ساعات من اعلان اللجنة الأمنية في قضاء الزبير السبت الماضي عن العثور على جثة طفلة عمرها خمس سنوات قتلت خنقاً بعد إغتصابها وضربها في ثاني جريمة من نوعها يشهدها القضاء خلال الاسابيع الأخيرة.

وتسود حالة من الهلع بين سكان قضاء الزبير البالغ عددهم 100 الف نسمة، والذين بدأوا يعيشون رعبًا حقيقيًا اثر تكرار جريمة قتل ثاني طفلة بعد اغتصابها في مدينتهم خلال اسابيع قليلة مناشدين السلطات أخذ الاجراءات الكفيلة بعدم تكرار هاتين الجريمتين اللتين هزتا الرأي العام في المحافظة وفي العراق عامة. ويطالب المواطنون بإنزال العقاب الصارم بمرتكبي الجريمتين معبرين عن مخاوف من أن عمليات أخرى تنفذها عناصر في مجموعات منظمة لها صلة بعصابات المخدرات التي تنتشر في المحافظة.

تحذيرات من تحول العراق الى مستهلك للمخدرات

وكان معنيون بشؤون المخدرات قد حذروا في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات في 26 حزيران (يونيو) الماضي من احتمال تحول العراق إلى بلد مستهلك للمخدرات وسط مخاوف من اتساع ظاهرة إدمان المخدرات في البلاد وتحديدًا بين الشباب العاملين في الأجهزة الأمنية.

وبالنظر لما يمتلكه العراق من موقع جغرافي مميز وبفعل تردي ظروفه الاقتصادية والاجتماعية وضعف إجراءاته وتدابيره الأمنية، فإنه يصنف بحسب إحصاءات الأمم المتحدة ضمن قائمة المنافذ النشطة لتهريب المخدرات. ويستغل العديد من تجار المخدرات تلك المزايا باتخاذهم العراق معبراً يسوق لبعض من دول الجوار الإقليمي وخاصة ايران شحنات من المواد المخدرة والأدوية والعقاقير المنبهة والمؤثرة عقليًا وعصبيًا، تضبط الجهات المختصة بين الحين والآخر أنواعًا وكميات مختلفة منها.

وفي العراق ينتشر تعاطي الحشيشة والافيون بحسب الباحث الكيميائي في معهد الطب العدلي علي سعيد الذي قالquot;إن مختبرهم معني بالكشف عن المواد المخدرة التي يتم ضبطها من قبل الأجهزة الأمنية، ثم إتلافها. وأشار إلى أن اغلب أنواع المواد المخدرة المضبوطة هي الحشيشة والافيون او الترياك وكمياتها تتراوح بين الكيلو غرام الواحد إلى 10 كيلو غرامات أما المؤثرات العقلية وهي الأوسع انتشار في العراق وخصوصًا الارتين التي تضبط منها كميات متفاوتة تتراوح أحيانًا بين 248 الف حبة إلى 100 الف حبةquot;.

ممثل الأمانة العامة في مجلس الوزراء ضمن فريق مكافحة المخدرات عبد حسن الكناني أكد اهتمام مجلس الوزراء بهذه الظاهرة وقال quot;إن مجلس شورى الدولة يتدارس نصوص مسودة القانون الجديد لمكافحة المخدرات وأدخلت عقوبات مضافة للمتاجرين والمتعاملين مع العقاقير والمؤثرات العقلية والعصبية، فضلاً عن التأكيد على فتح المصحات ومراكز التأهيل النفسي والاجتماعي للمدمنين من المؤمل أن يعرض للتصويت داخل البرلمانquot;.

لكن مدير مكتب المخدرات المركزي في وزارة الداخلية العميد رعد مهدي عبد الصاحب، يرى بأن القانون النافذ حاليًا كافٍ، لكنه بحاجة إلى التفعيل، مطالبًا بإجراءات قضائية شديدة ودعم لوجستي أوسع للجهات التنفيذية وبما يمكن من ردع تجار المخدرات ومنعهم من الترويج لسمومهم داخل السوق المحلية، مشيرًا إلى وجود ضعف حقيقي في قدرات الأجهزة العراقية، المسؤولة عن كشف المخدرات، وهي بحاجة ماسة إلى فريق الكلاب البوليسية المدربة وأجهزة السونار الخاصة بكشف المخدرات، فضلاً عن رفع قدرات العاملين تحديدًا في المنافذ الحدودية لمجاراة دهاء عصابات المخدرات التي قطعت أشواطًا وطورت أدواتها وفنونها في التهريب والتسويق والتمويه.

ويقول مسؤول طب المجتمع في مستشفى ابن رشد للأمراض النفسية الدكتور علي عبد الاله quot;إن من أهم العوامل التي تدفع البعض وتحديداً الشباب إلى الإفراط في تعاطي المواد المخدرة والمسكرات والمهدئات، هي الفقر والجهل ورفاق السوء والحالة أو الضغوطات النفسية quot;مبينًا أن الكثيرين يظنون أن تلك المستخدمات سوف تشعرهم بالنشوة والانتعاش والراحة والاستقرار النفسي ولا يعلمون أنها خطر يداهم حياتهم وهي تقودهم نحو الإدمان.

وكشف عبد الاله عن بوادر اتساع ظاهرة إدمان المخدرات في العراق وتحديدًا بين الشباب وخصوصًا العاملين في الأجهزة الأمنية الذين يبررون تعاطيهم للأدوية والعقاقير المهدئة والمنبهة والمؤثرة عقليًا بحجج وأعذار واهية من بينها هربهم من الواقع و تحملهم لصعوبة ومشاق المهام الموكلة إليهم في الشارع او وحداتهم العسكرية، وكذلك للتغلب على مشاعر الخوف والقلق التي تراودهم أثناء تنفيذهم واجبات خطرة.

ومن جانبه، يقول سيف الدين صابر عضو الهيئة الإدارية لمنظمة مكافحة المخدرات في إقليم كردستان لإذاعة العراق الحر أن المخدرات منتشرة في العراق بنسبة 3% ضمنهم أكراد إيران يقيمون في الإقليم والمخدرات تلقى رواجًا كبيرًا بين الشباب.

ومؤخرًا أعلن المكتب المركزي لمكافحة المخدرات في وزارة الداخلية العراقية العميد الحقوقي رعد مهدي أن حالات ضبط مواد مخدرة صناعية هي اكثر ما تواجه الفرق التابعة له في أغلب المحافظات العراقية، تليها حالات ضبط المواد المخدرة الطبيعية كالحشيش والأفيون والترياق، والتي تنتشر في المحافظات الجنوبية أكثر من غيرها.

وأضاف مهدي أن quot;العراق كان يعد من البلدان الخالية من انتشار المواد المخدرة قبل عام 2003 غير أن هناك استشراء ملحوظًا ومسجلاً في إرتفاع نسبة تعاطيها وتداولها خلال الأعوام القليلة الماضية رغم أن العراق لايزال أفضل بكثير من دول الجوار من تلك الناحيةquot;.