يؤيد عراقيون ما ذهبت إليه تقارير صادرة هذا الأسبوع عن منظمات مجتمع مدني تفيد بأن معدل ختان الإناث تجاوز نسبة الـ 38 بالمائة في محافظة كركوك (240كم شمالي بغداد)، حيث أشارت التقارير أيضًا إلى أنّ ختان الإناث ينتشر في الكثير من مدن العراق ولا ينحصر في طائفة معينة.


يستغرب بعض العراقيين وجود ظاهرة الختان في مجتمعهم ويعدونها تلفيقًا، وأنهم لم يسمعوا بمثل هذا إلا في أفريقيا ودول أخرى. لكن الحقائق التي يَخْفى قسم منها على البعض تؤكد هذه الظاهرة، لاسيما في المناطق المحافظة ومناطق الريف.

إحصائيات

وتعطي بيانات منظمة (وادي) للمجتمع المدني دليلاً قويًا للفرضية التي تقول إن الختان للإناث سائد في أرجاء العراق بين مختلف الطوائف والقوميات، وهي سائدة في المناطق الكردية والعربية على حد سواء. وتفيد البيانات أن النساء في إقليم كردستان هنّ الأكثر تعرضا للختان وبنسبة 65.4% بينما تقل النسبة بين النساء العربيات حيث تبلغ 25.7% وبيت القومية التركمانية بنسبة 12.3%.

وفي الوقت الذي يصعب فيه الحديث مع فتاة تعرضت للختان، فإن الطبيب سعيد الطريحي في كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد)، يؤكد الظاهرة ويشير في حديثه إلى أنّ نحو عشر حالات عايشها في عام 2011، بسبب مضاعفات صحية سببها الختان ما اضطر اهالي الفتيات الى عرضهن على الطبيب. وبحسب الطريحي تعرضت احدى الفتيات الى التهاب حاد في اعضائها التناسلية، ما اضطرها الى دخول المستشفى.

شاهد عيان

ويتحدث المضمد الصحي حسين الزبيدي من قضاء المحمودية ( 15 كلم جنوب بغداد) عن الكثير من حالات ختان الاناث في منطقة المحمودية وأريافها. وبحسب الزبيدي، فإن أغلب عمليات الختان تتم على أيدي نساء لهن تجربة كما يزعمن في هذا المجال لكنهن لا يمتلكن أي دراسة أكاديمية أو مؤهل صحي.

لكن الحقائق تتضح أكثر حين تستطلع في الارياف عن تفاصيل عايشها اناس، لكن الحقيقة تبدو في نصفها غائبة بسبب التكتم المتعمد على الظاهرة. ويكشف الشيخ ابو عصام الجلابي ويسكن شمال المحمودية عن وفاة فتاة تعرضت الى التهاب في اعضائها التناسلية بعد شهر من ختانها.

ويخمن أبو عصام عدد الفتيات اللواتي تعرضن لهذه العملية في قريته التي تضم نحو سبعين اسرة وبيتا الى عشر فتيات خلال عام. ويقول: هناك امرأة متخصصة في هذا المجال تأتي على القرية وتقوم بختان الاناث بطرق بدائية جدا.

عمليات سرية

والشيخ ابو عصام يؤكد انه حتى في الارياف فإن العملية سرية، ويفضل الأهل إجراءها بعيدة عن الغرباء وغالبا ما تتم في أجواء من عدم السعادة، عكس ختان الذكور الذي تصاحبه الأفراح والحفلات.

ويرجع أبو عصام سبب لجوء البعض إلى ختان الإناث لاعتقادهم أنهم بهذا العمل يقللون من الدوافع الجنسية عند الفتيات. ويقول أبو عصام رغم أن الظاهرة موجودة لكن هناك مبالغة في انتشارها.

من جانبه لا يؤيد رجل الدين قادر الكيلاني ختان الاناث ويقول إنها عادة جاهلية يرفضها الدين الإسلامي. ويتابع: يحاول البعض ايجاد مبررات شرعية لها لكن هذا الامر بلا وجه حق.

وبحسب منظمات حقوق الانسان العالمية، فإن ختان الإناث ينتشر في أنحاء العالم المختلفة حيث يقدر عدد الفتيات المختونات حوالى 130 مليون أنثى.

وفي منطقة ابو صخير في النجف (160 كم جنوبي بغداد) يشير ليث الجزائري الى اصابة فتاة بمرض نفسي بعد ختانها مرغمة من قبل اهلها. ويؤكد ان بعض الحالات تعرض على المستشفيات بسبب مضاعفات يسببها الختان.

تشويه للأعضاء التناسلية

لكن الباحثة الاجتماعية والناشطة النسوية آمال البياتي تستعرض الكثير من حالات ختان الاناث في المناطق الريفية على وجه الخصوص لكنها لا تستثني المدن من ذلك. البياتي تصف إحدى حالات الختان التي شهدتها وتمت عن طريق شفرة حادة استخدمتها امرأة لها تجربة سنوات في ختان الفتيات، وكانت تستعين بامرأة اخرى تمسك الفتاة التي ستُخْتن.

وتعتبر الطبيبة نداء جواد ختان الاناث (تشويها للاعضاء التناسلية الانثوية) وما يجره ذلك من حالات نفسية معقدة قد تصاب بها الفتاة. وحث مجلس النواب العراقي على سن قانون يجرم ختان الإناث.

وغالبا ما يتم الختان وسط صراخ الفتاة وبكائها الشديد مع تكتم شديد من قبل الاهل على المشهد الذي غالبا ما ينتهي باستسلام الفتاة الى قدرها. وبحسب احصاءات فان حالات الختان بين الفتيات في كردستان اكثر مما هي في المناطق الاخرى من العراق.

لكن هناك من العراقيين من ينكر حدوث ختان الاناث في العراق ومنهم محمد امين وهو مدرس حيث يقول إنه لم يعايش هذه الحالة لكنه يعرف ان هذه الظاهرة تنتشر في اقليم كردستان. ويضيف: مناطق وسط وجنوب العراق لا تعرف هذه الحالة، واذا وجدت فهي بصورة نادرة جدًا.

جدير ذكره ان عام 2011 شهد إشادة منظمة حقوق الانسان بحظر برلمان إقليم كردستان في العراق ختان الاناث و تجريمه هذه الممارسة، ما يؤكد انتشار الظاهرة والقلق المتزايد من اتساع رقعة انتشارها.