قرر الائتلاف الثلاثي الحاكم في تونس تطبيق قانونين ينظمان قطاع الإعلام ويضمنان حرية الصحافة واستقلاليتها، بعد أن نفذ صحافيو البلاد الأربعاء إضرابًا عامًا في قطاع الإعلام هو الاول في تاريخ تونس، للمطالبة بـquot;رفع يدquot; الحكومة عن الصحافة.


تونس: قالت الحكومة التونسية التي تقودها حركة النهضة الاسلامية في بيان مساء الاربعاء quot;إن الرغبة السياسية للائتلاف (..) في تكريس مبادئ الحرية والاستقلالية لقطاع الإعلام، تتجسم مرة أخرى بوضوح في قراره الصادر يوم السبت 13 تشرين الأول (اكتوبر) 2012 بتفعيل (تطبيق) المرسومين (القانونين) 115 و116 المنظمين لقطاع الإعلامquot;.
ويتكون الائتلاف الثلاثي الحاكم من أحزاب quot;المؤتمرquot; وquot;التكتلquot; (يساريان وسطيان) والنهضة.

ورجح مراقبون أن تكون الحكومة التي يرأسها حمادي الجبالي أمين عام حركة النهضة، اتخذت القرار اليوم وليس السبت الماضي quot;تحت ضغطquot; الاضراب العام، لأنها لم تعلن عنه في ابانه السبت الماضي ولا في الايام التي تلته.
ورفضت حكومة الجبالي تطبيق المرسومين 115 و116 رغم أنهما نشرا في الجريدة الرسمية بعدما صادقت عليهما الحكومة السابقة برئاسة الباجي قايد السبسي في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011.

وينظم المرسوم 115 quot;حرية الصحافة والطباعة والنشرquot; فيما ينص المرسوم 116 على quot;إحداث الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصريquot;، وهي هيئة quot;تعديليةquot; تتولى تعيين مسؤولي المؤسسات السمعية والبصرية العمومية وتحمي استقلاليتها إزاء السلطات.
وكانت quot;الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصالquot; (مستقلة) وضعت المرسومين اللذين قالت إن quot;منظمات مهنية وحقوقية تونسية ودولية شهدت بتطابقهما، أي المرسومين، مع المعايير الدولية لحرية التعبيرquot;.

وتأسست الهيئة في 2 آذار (مارس) 2011 بقرار من الرئيس السابق فؤاد المبزع بهدف quot;تقديم مقترحات حول إصلاح الاعلام والاتصال مع مراعاة المعايير الدولية في حرية التعبيرquot;.
وفي 4 تموز (يوليو) 2012، أعلنت الهيئة حل نفسها بسبب رفض حكومة حمادي الجبالي تطبيق المرسومين 115 و116.

واتهم رئيس الهيئة الصحافي كمال العبيدي، الحكومة بـquot;تجاوز السلطةquot; لرفضها تطبيق مرسومين صادقت عليهما حكومة سابقة ونشرا في الجريدة الرسمية.
ودعت منظمات دولية تعنى بالدفاع عن حرية الصحافة مثل quot;مراسلون بلا حدودquot; والاتحاد الدولي للصحافيين، حكومة حمادي الجبالي بتطبيق المرسومين 115 و116.

ويقول مراقبون إن الحكومة تعمدت عدم تطبيق المرسومين حتى يتسنى لها تعيين مقربين منها على رأس وسائل الاعلام العمومية quot;خدمة لأجنداتها السياسية والانتخابيةquot;.
وبالفعل فقد عينت الحكومة محسوبين على حركة النهضة، على رأس وسائل إعلام عمومية، وأخرى خاصة كانت مملوكة لأقارب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وصادرتها الدولة بعد الاطاحة ببن علي في 14 كانون الثاني (يناير) 2011.

وطالبت quot;النقابة الوطنية للصحافيين التونسيينquot; (مستقلة) في بيان الحكومة بـquot;التراجعquot; عن هذه quot;التعيينات المسقطةquot;.
ولفتت إلى أن حكومة الجبالي عينت على رأس بعض وسائل الاعلام العمومية quot;أشخاصًا (كانوا) ضالعين في المنظومة الدعائية السابقة لبن عليquot; معتبرة ذلك quot;طعناً للمسار الثوري في بلادناquot;.

وقال راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في شريط فيديو نادر نشر مؤخرًا على شبكات التواصل الاجتماعي إن quot;الاعلامquot; في تونس لا يزال بيد quot;العلمانيينquot; رغم وصول الاسلاميين الى الحكم، ما اعتبره محللوه مؤشرًا على سعي حركة النهضة إلى السيطرة على وسائل الاعلام.
ونفذ صحافيو تونس الاربعاء إضرابًا عامًا في قطاع الاعلام هو الأول في تاريخ البلاد.

وشارك في الاضراب الذي دعت إليه النقابة الوطنية للصحافيين التونسيينquot; (مستقلة) صحافيو وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة والالكترونية بالقطاعين العام والخاص.
وفاقت نسبة المشاركة في الاضراب الذي حظي بدعم ومساندة نقابات إعلام ومنظمات غير حكومية تونسية وعربية ودولية، 90 % بحسب مصادر في نقابة الصحافيين التونسيين.

وأمام مقر النقابة تجمع نحو 300 من الصحافيين المضربين رافعين لافتات كتبت عليها شعارات مثل quot;من أجل صحافة حرةquot; وquot;سلطة رابعة لا سلطة راكعةquot; وquot;إعلام حر، صحافة مستقلةquot;.
وردد هؤلاء شعارات معادية للشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، ولطفي زيتون عضو الحركة والمحسوب على الجناح المتشدد فيها، والمستشار السياسي المكلف بالاعلام لدى رئيس الحكومة من قبيل quot;يا غنوشي يا جيان الصحافي لا يهانquot; وquot;يا زيتون يا جبان الصحافي لا يهانquot;.
وفي آب (أغسطس) 2012 اتهمت نقابة الصحافيين في بيان لطفي زيتون بقيادة quot;حملة تحريض وتهييج شعبيquot; ضد الصحافيين في تونس.

ويقول صحافيون إن لطفي زيتون أصبح بسبب quot;تهجمه المستمرquot; على الصحافيين أكثر شخصية حكومية quot;مكروهةquot; في الوسط الاعلامي التونسي.
وهدد لطفي زيتون في وقت سابق بنشر quot;قائمة سوداءquot; بأسماء الصحافيين الذين تعاملوا مع نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
ويحمل صحافيون لطفي زيتون مسؤولية فشل المفاوضات بين الحكومة ونقابة الصحافيين حول عدة مسائل خلافية.

وقالت نقابة الصحافيين التونسيين إن الهدف من إضراب الأربعاء هو المطالبة بـquot;التنصيص على حرية التعبير والصحافة والإبداع دون تقييد في الدستورquot; التونسي الجديد الذي يعكف المجلس الوطني التأسيسي على صياغته، وquot;تجريم الاعتداءات المادية والمعنوية على الصحافيين والعاملين بالقطاع وفتح تحقيق جدي في كل الانتهاكات والاعتداءاتquot; التي استهدفتهم وquot;تطبيق المرسومين (القانونين) 115 و 116quot;.
وطالبت في بيان بـquot;التعجيل بإحداث الهيئة الوطنية المستقلة للإعلام السمعي والبصريquot; وquot;رفض كل المشاريع التي تزج بالصحافيين في السجن وتحد من حرية الصحافة والتعبيرquot; وquot;ضمان حق الصحافي في النفاذ إلى المعلومةquot;.
ويبلغ عدد الصحافيين في تونس حوالي 1200 بحسب النقابة الوطنية للصحافيين.