يبدو الأسد متخوفًا من هجمات محتملة للمعارضة على مؤسسات النظام في دمشق حيث عززت السلطات الإجراءات الأمنية في محيط المباني الحكومية فيما تسعى المعارضة لتشكيل قيادة مشتركة تجمع الأطراف العسكرية السورية.


دمشق: عززت السلطات السورية الاجراءات الامنية في محيط المباني الحكومية في دمشق تخوفاً من ضربات جديدة للمعارضة على مؤسسات النظام. وأُحيط مبنى محافظة دمشق في حي الصالحية وسط العاصمة بمكعبات من الاسمنت. واغلق شارع 29 آيار الرئيسي المؤدي الى الحي بشكل جزئي امام حركة السيارات، وتقوم السلطات بوضع مكعبات من الاسمنت يتجاوز ارتفاعها المتر على طول هذا الشارع.

كذلك وضعت مكعبات من الاسمنت وعوائق حديدية بالقرب من مبنى وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) في شارع البرامكة جنوب غربي العاصمة. ويتولى جنود نظاميون حماية مدخل المبنى حيث وضعت اكياس من الرمل. كما اغلق بشكل جزئي امام حركة السير شارعان من الشوارع المؤدية الى المصرف المركزي الكائن في ساحة السبع بحرات. ووضعت أربع شاحنات على جانبي المصرف منذ خمسة ايام.

وعززت الاجراءات الامنية في الاشهر الاخيرة في دمشق التي تشهد بعض احيائها اشتباكات بين المقاتلين المعارضين والقوات النظامية، أو تتعرض للقصف من قبل هذه القوات. وتركزت هذه التعزيزات في محيط المباني العسكرية والامنية خوفاً من هجمات تستهدفها. وتعرض مبنى قيادة الاركان العامة في دمشق ومركز الاستخبارات الجوية والمقر العام للشرطة في قلب دمشق لاعتداءات.

وأدى اغلاق العديد من الشوارع الرئيسية بشكل جزئي امام حركة السير وتضاعف عدد الحواجز العسكرية التي تتولى التدقيق في الهويات، الى زيادة زحمة السير في العاصمة السورية حيث يضطر السائقون الى اجراء التفافات عدة للوصول الى مقاصدهم.

جهود لتشكيل قيادة مشتركة لصفوف الكتائب العسكرية

من جانب آخر، أكد قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد أن جهودًا حثيثة تبذل على خط توحيد صفوف الكتائب العسكرية، ولا سيما تلك التي تتولى المهمة في الداخل السوري. وقال الأسعد quot;يتم العمل بين كل الأطراف، ولا سيما القادة العسكريين في الداخل والخارج لتحقيق هذا الهدف، وسيعلن عن نتائجه الإيجابية في الأيام القليلة المقبلةquot;.

ولفت الأسعد إلى أنه سيكون هناك قيادة مشتركة quot;تجمع تحت مظلتها كل الأطراف العسكرية للتنسيق في ما بينها في ما يتعلق بالعمليات العسكرية وتوزيع السلاحquot;، مشيراً إلى أن تشكيل قيادة مشتركة للكتائب العسكرية quot;سيضع الدول أمام واجباتها تجاه الشعب السوري وتسليح المعارضة للدفاع عنه وإسقاط النظام في أسرع وقت، بعدما كانت لا تجد أمامها سوى هذه الحجة للامتناع عن تقديم الأسلحةquot;.

وأوضح الأسعد في حديث لـ quot;الشرق الأوسطquot; أن الاستراتيجية العسكرية التي كان قد بدأها الجيش الحر منذ شهر تقريباً في عدد من المناطق السورية، ولا سيما إدلب وجبل الأكراد وجسر الشغور، حيث نجح الجيش الحر في مهاجمة فوج كامل من كتائب النظام وأسر وقتل معظم عناصره وتم الاستيلاء على أسلحتهم، سيتم اعتمادها في المرحلة المقبلة والتركيز على ضرب أهداف محددة ومراكز أمنية وعسكرية، وهذا ما سيتم تنفيذه في الأيام المقبلة.

وفي حين نفى الأسعد ما أشيع عن خلافات بينه وبين تركيا، ومغادرته أراضيها، قال: quot;ليس هناك أي سبب لنشوء أي خلاف مع دولة استقبلتنا واستقبلت شعبنا ووفرت لنا كل ما نحتاجه في حين تقاعست دول عربية أخرى عن هذا الأمرquot;... وعن مكان وجوده حالياً، قال الأسعد: quot;الوضع تغيّر في الشهر الأخير، ولست موجوداً في مكان ثابت.. لكن ما أستطيع تأكيده أنني أدخل إلى سوريا وأعود إلى تركيا متى أشاءquot;.

استمرار العنف

ميدانيًا، شنت الطائرات الحربية السورية الخميس غارات جديدة على مدينة معرة النعمان الاستراتيجية ومحيطها في شمال غرب البلاد، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.

واشارت وكالة الأنباء الفرنسية الى أن طائرات مقاتلة حلقت فوق المدينة ومحيطها في ساعات الصباح الاولى، وألقت ما لا يقل عن خمس قذائف على معرة النعمان الخاضعة لسيطرة المقاتلين المعارضين، وعلى اطرافها الشرقية. من جهته قال المرصد quot;بدأت الطائرات الحربية غاراتها على ريف معرة النعمان حيث نفذت غارة على قرية معر حطاط وأخرى على بسيدةquot;.

واوضح الصحافي أن المقاتلين استخدموا الرشاشات المضادة للطيران في التصدي للطائرات المغيرة، من دون أن يتمكنوا من ذلك. وكان المقاتلون المعارضون نجحوا الاربعاء في اسقاط طائرة مروحية كانت تشارك في الاشتباكات في محيط معرة النعمان.

كذلك يقصف quot;مقاتلون من الكتائب الثائرة المقاتلة ومقاتلون من جبهة النصرةquot; بقذائف الهاون معسكر وادي الضيف، الاكبر في المنطقة والذي يحاصره المقاتلون المعارضون، وحاولوا اقتحامه خلال الايام الماضية.

وتشهد هذه المدينة الواقعة في محافظة إدلب ومحيطها، غارات جوية متكررة منذ أن سيطر عليها المقاتلون المعارضون في 9 تشرين الاول/اكتوبر الجاري، كما استحوذوا على جزء من الطريق السريع بين دمشق وحلب (شمال) بالقرب من معرة النعمان، مما مكنهم من اعاقة امدادات القوات النظامية.

وفي محافظة حمص (وسط)، تتعرض مدينة القصير للقصف من قبل القوات النظامية quot;التي سيطرت على قرى في ريفها خلال الايام الفائتة وتحاول فرض سيطرتها على المدينةquot;.

وكانت القوات النظامية اقتحمت الاربعاء بلدة جوسية الحدودية في ريف القصير بعد معارك استمرت ايامًا، مع محاولتها السيطرة على مناطق في حمص خاضعة لسيطرة المقاتلين المعارضين الذين يعتبرونها quot;عاصمة الثورةquot;، لا سيما في أحياء وسط مدينة حمص وريف القصير.

وفي دير الزور (شرق)، دارت اشتباكات عنيفة صباح الخميس بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين في حي الجبيلة، تم بنتيجتها quot;ابعاد القوات الى اطراف الحيquot;. وحصدت الاشهر العشرون للنزاع في سوريا اكثر من 33 الف قتيل، بحسب المرصد.

الابراهيمي في دمشق السبت

سياسيًا، يصل الموفد الاممي والعربي الاخضر الابراهيمي الى دمشق السبت، بحسب ما افادت وزارة الخارجية السورية. وقال المتحدث باسم الوزارة جهاد مقدسي لفرانس برس إن الابراهيمي، الذي دعا الى وقف لاطلاق النار في سوريا خلال عيد الاضحى، quot;سيلتقي صباح السبت وزير الخارجية وليد المعلمquot;.

وتأتي المحطة السورية للابراهيمي الموجود في عمان اليوم، ضمن جولة في المنطقة شملت السعودية وتركيا وايران والعراق ومصر ولبنان، وتخللها طرحه وقف اطلاق النار في سوريا خلال العيد الذي يصادف في 26 تشرين الاول/اكتوبر المقبل. ولقي هذا الطرح تأييد عدد من الدول الاقليمية والمنظمات المعنية بالنزاع السوري الذي اكد طرفاه استعدادهما للبحث في وقف إطلاق النار خلال الاضحى شرط التزام الطرف الآخر به.

ويصل الابراهيمي الى دمشق وسط اجواء مؤاتية لجهوده التي تركز quot;على إقناع الأطراف بالموافقة على تحقيق هدف جزئي وموقتquot;، بحسب ما كتبت صحيفة quot;البعثquot; التابعة للحزب الحاكم في افتتاحيتها اليوم.
واشارت الصحيفة الى أن طرح وقف النار في الاضحى quot;هو بمثابة نواة أولى للحل واختبار للنوايا فيالوقت نفسه، بغية تثبيته وتوسيعه لاحقاquot;.

واعتبرت ان طلب الموفد الدولي من quot;بعض الاطراف الاقليمية والدوليةquot; عدم مد quot;المجموعات المسلحةquot; بالسلاح والبناء على النقاط الست لسلفه كوفي انان واعتماده مفردات حل quot;سياديquot; في سوريا، يعكس quot;قناعة لدى الابراهيمي أن اصعب العراقيل التي تعيق الحل السياسي لا تأتي من الطرف الحكوميquot;.

وتابعت quot;ولعل هذه القناعة هي التي تفسر بذل الرجل جهداً دبلوماسيًا شاقًا وحذرًا لتذليل تلك العراقيل، واتباع ما يمكن تسميته بدبلوماسية التقدم ببطءquot;.

وتشهد سوريا منذ منتصف آذار الماضي احتجاجات مطالبة باسقاط نظام الرئيس بشار الاسد، تحولت نزاعًا عنيفًا حصد اكثر من 33 ألف قتيل، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.