لندن: في غمرة ارتفاع الأسعار وهبوط المبيعات، من دكاكين اللحوم الى متاجر الكومبيوترات في سوق دمشق ، قال البائع حسن ان تجارتهالتي تمتد بضاعتها من مجلة الايكونومست الى الترجمة العربية لكتاب هتلر quot;كفاحيquot; هي تجارة رائجة،وتشهد ازدهارا سببه بحث الدمشقيين عن ملاذ يلجأون اليهم هربا من نزيف الأزمة السورية والمعاناة اليومية التي سببها النزاع.
ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن حسن quot;ان البعض يملون من التلفزيون والأخبار، وهناك بالطبع انقطاع الكهرباء فيتجهون الى القراءة لكي ينسواquot;.
ويعبر رأي حسن عن موقف رواقي يتخذه العديد من الدمشقيين الذي سلَّموا بحالة الحصار دون ان يطرأ على موقفهم تغيير يُذكر على ما يبدو بعد قرار مجلس الأمن الدولي نشر مئات المراقبين بموجب خطة المبعوث الدولي كوفي انان.
وسواء أكانوا مع النظام او ضده، أو يحاولون تفادي الخوض في السياسة، وهم الأرجح كفة، فإن العديد من الدمشقيين أخذوا يعيشون حياة تقشف إزاء الحرمانات وما يرون انها جهود دولية عقيمة، لوقف سفك الدماء الذي كلف أكثر من 9000 قتيل حتى الآن في انحاء البلاد، بحسب أرقام الأمم المتحدة.
ابو خليل صاحب متجر لبيع اللوازم والأجهزة الكهربائية يؤكد ان الطلب على بضاعته هبط بنسبة 90 في المئة منذ اندلاع الانتفاضة ضد نظام الرئيس بشار الأسد قبل أكثر من عام. ويضيف أبو خليل بنبرة ألم quot;نحن الشعب وحدنا الذين نستطيع ان نحلها، الشعب السوري وحده. وإذا كان لديكم أي خيار آخر فقولوا لي ما هوquot;.
يحافظ وسط دمشق على مظاهر حياة عادية تكاد تثير القلق بسطحيتها حيث الأسواق مكتظة والشوارع مزدحمة في بعض المناطق خلال الساعات المبكرة من اليوم الأول لأسبوع العمل. ولكن الطريق المؤدي الى حمص المدمرة بالقصف حيث تقول إحدى الصور الكثيرة التي تمجد بشار ووالده حافظ الأسد بشعار quot;طريقكم سيبقى طريقناquot;، يبدو وكأنه طريق يؤدي الى بلد آخر. وتأتي الأنباء عن وقوع قتلى، من الجانبين، تذكيرا بأن الانطباعات الأولى عن رقعة واحدة وسط المدينة قد تكون مضللة.
وكان وسط دمشق نفسها شهد احتجاجات خاطفة صغيرة، وتفجيرات غامضة استهدفت مباني حكومية، والسكان من خارج دائرة النخبة المعزولة يشعرون بوطأة النزاع وما يسببه لهم من معاناة.
وقال القصاب محمد، واقفا خارج ملحمته حيث كان فخذ ضأن يتيم يتدلى من خطاف في واجهة المحل ان الأسعار تضاعفت الى 900 ليرة سورية لكيلو اللحم مع تردي الوضع الأمني والعقوبات الدولية وتربح التجار المجهزين.
وعن مآل الأزمة، قال محمد بلغة مراوغة يلفها ابهام من المفهوم ان يفضله كثير من السوريين في هذه الأوقات الخطيرة ان quot;من غير الواضحquot; كيف ستنتهي الأزمة. وكان ابراهيم الذي يبيع ملابس في متجر مجاور حذرا كجاره محمد. وقال لصحيفة فايننشيال تايمز quot;اعتقد ان السلام قادمquot; دون ان يوضح كيف ومتى.
وعلى الغرار نفسه انزوت السياسة في ركن منعزل من مقاهي دمشق حيث كانت هتافات التشجيع والاحتجاج مساء السبت، ليست حول تصويت مجلس الأمن الدولي بل المواجهة الكروية بين برشلونة وريال مدريد.
وفي حين ان كثيرا من السوريين قد يرون في عناق ليونيل ميسي، وكريستيانو رونالدو مشهدا مطلوبا يلهيهم عن الواقع فان قلة جاهروا برأيهم عن حالة الانكار السائدة. وقال شاب اسمه اسماعيل quot;لا أحد يقول لك الحقيقةquot; مشيرا الى الشارع المزدحم بالمتسوقين من حوله. واضاف quot;انهم يعرفون اننا نُقتل ولكنهم لا يريدون ان يقولوا ذلكquot;.
التعليقات