فيما يبحث المبعوث العربي الأممي الأخضر الإبراهيميالذي وصل الىبغداد اليوم الإثنين مع رئيسي الجمهورية جلال طالباني والحكومة نوري المالكي مبادرة العراق لحل الأزمة السورية، فقد كشفت مصادر بعثية عراقية في دمشق عن تسليم السلطات السورية نظيرتها العراقية ملفات آلاف البعثيين المقيمين على أراضيها.


لندن: يجتمع المبعوث العربي والأممي الأخضر الإبراهيمي في بغداد التي وصلها من طهراناليوم مع الرئيس العراقي جلال طالباني، ورئيس الحكومة نوري المالكي تطورات الأزمة السورية ومخاطرها على المنطقة ومبادرة العراق لحلها.

ويؤكد العراق باستمرار دعمه لمهمة الإبراهيمي quot;لحل الأزمة السورية وإنهاء مأساة الشعب السوري بشكل سلميquot;. وخلال القمة العربية في بغداد نهاية آذار (مارس) الماضي، قدم العراق مبادرة لمعالجة الأزمة السورية تتضمن تشكيل حكومة انتقالية تضم جميع مكونات الشعب السوري وتتفق الأطراف على الشخصية التي تترأسها. وتتضمن المبادرة أيضا اختيار شخصية سورية مقبولة لدى الجميع للتفاوض مع المعارضة بهدف الوصول إلى حل للأزمة كما تدعو إلى quot;وقف العنف من جميع الاطراف ودعوة البلدان لعدم التدخل في الشأن السوري الداخلي، وتقترح جميع الأطراف في سوريا الجلوس إلى طاولة حوار وطني، تحت اشراف الجامعة العربية، إضافة إلى مطالبة مختلف الأطراف المؤثرة في سوريا من أجل قبول مشروع تشكيل مفوضية مستقلة للانتخابات وإجراء انتخابات تحت اشراف دولي وعربي.

وقد نفى الإبراهيمي من طهران أمس تقارير صحافية حول وضعه خطة لنشر قوة لحفظ السلام في سوريا قوامها 3000 جندي يمكن أن تشارك فيها قوات أوروبية لمراقبة أية هدنة في هذا البلد في المستقبل.

ويقوم الإبراهيمي حاليًا بجولة في المنطقة قادته لحد الآن إلى الرياض واسطنبول وطهران، وسيقوم بعد انتهاء مباحثاته في بغداد بزيارة إلى سوريا للقاء رئيسها بشار الاسد . وأكد الإبراهيمي أمس على ضرورة تقديم مساعدات لحوالي 2.5 مليون نازح واكثر من 350 الف لاجئ في دول الجوار.
وكان الإبراهيمي قام بأول زيارة له إلى الشرق الاوسط في منتصف الشهر الماضي وتخللها لقاء في دمشق مع الاسد الذي يواجه منذ منتصف آذار (مارس) عام 2011 انتفاضة شعبية سلمية تحولت إلى نزاع مسلح.

وفي آخر تصريحات له، حذر المالكي الأسبوع الماضي حلف شمال الأطلسي quot;الناتوquot; من خطورة التدخل في الأزمة السورية تحت مبرر حماية تركيا لأنه لا شيء يهددها. وقال عقب اجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء الماضي أن روسيا والعراق متفقتان على أن تسوية الوضع في سوريا يجب أن تتم من دون أي تدخل خارجي. وأكد الاستعداد لبذل كل ما هو ممكن لضمان نجاح مهمة الإبراهيمي quot;التي يجب أن تتمثل في ايجاد حل سلمي للأزمة السوريةquot;.

وأضاف أن العراق لا يؤيد تلك الدول التي ترى أنه لا يمكن حل المشكلة السورية إلا بطريقة أمنية والإطاحة بالنظام باستخدام القوة. وشدد على أن العراق يعارض تزويد أي طرف للنزاع بالسلاح وتمويله وقال إن بلاده تتخذ موقفًا حياديًا ويعتبر أن كل شيء يجب أن يسوى بطريقة سلمية. ونفى الاتهامات الأميركية بارسال ايران السلاح إلى الحكومة السورية عبر استخدام الأراضي العراقية قائلاً إن ذلك ليس حقيقة وإن العراق لن يسمح باستخدام أراضيه لنقل السلاح والمقاتلين إلى الدول المجاورة.

دمشق سلّمت بغداد ملفات آلاف البعثيين المقيمين لديها

كشفت مصادر عراقية عن قيام المخابرات السورية بتسليم السفارة العراقية في دمشق ملفات أكثر من 30 ألف بعثي عراقي مع افراد عوائلهم أقاموا في سوريا ابتداءً من عام 2003 وأعداد منهم غادرت إلى دول عربية أو أجنبية أو عادت إلى العراق بعد تفجر الاوضاع في سوريا.

وذكرت المصادر أن السفير علاء نجف جوادي تسلم ملفات البعثيين العراقيين شخصياً من المخابرات السورية بناء على طلب من رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، الذي أوفد مبعوثين عنه هما عامر الخزاعي مسؤول ملف المصالحة في مجلس الوزراء، وفالح الفياض مستشار الأمن الوطني إلى السلطات السورية في وقت سابق من الشهر الماضي، حيث أجريا مباحثات مع مسؤولي الأجهزة الأمنية والاستخبارية والحزبية السورية تم الاتفاق في نهايتها على تسليم ملفات البعثيين العراقيين إلى حكومة المالكي عبر السفارة.كما قالت وكالة quot;العباسيةquot; العراقية للأنباء.

ونقلت عن بعثيين عراقيين ما زالوا مقيمين في دمشق راجعوا دوائر الإقامة في أحياء أم رمانة والمزة وركن الدين مؤخراً، أن موظفين وضباطاً في هذه الدوائر أبلغوهم همساً أن ملفاتهم استنسخت وحولت إلى السفارة العراقية بناء على أوامر من جهات سورية عليا مع تحذيرات لهم بضرورة خروجهم من سوريا خشية تعرضهم لمتاعب ومضايقات لاحقاً. وكان عدد من القياديين البعثيين قد غادروا دمشق إلى اليمن ولبنان وتركيا وأربيل في شمال العراق خلال الاسابيع القليلة الماضية، بعد أن شعروا بتشديد الرقابة على منازلهم ومتابعة تحركاتهم من قبل الاجهزة السورية فيما تعرض من تبقى منهم إلى اعتداءات متكررة من (الشبيحة) المرتبطين بتلك الاجهزة إضافة إلى استهداف بيوتهم وسرقة محتوياتها كما حصل في أحياء دوما وقدسية وجرمانا والعدوي والمعظمية في العاصمة السورية.

وأوضحت المصادر أن السفير العراقي جوادي أبلغ وزارة الخارجية في بغداد أنه قام بتسليم ملفات البعثيين العراقيين إلى الامانة العامة لمجلس الوزراء بناء على تعليمات من رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي.

وقالت المصادر إن هذا الاجراء السوري الذي يتعارض مع مواثيق حقوق الانسان، ويتنافى مع قوانين وتشريعات الأمم المتحدة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ضمن عمليات التنسيق الامني والاستخباري التي تصاعدت وتيرتها بين نظام بشار وحكومة المالكي خلال الأشهر الماضية
وعلى الصعيد ذاتهفقد أرغمت السلطات السورية قائداً عسكرياً عراقياً سابقًا على مغادرة دمشق التي كان يقيم فيها منذ عام 2004 بعد أن هددته بتسليمه إلى السفارة العراقية تمهيداً لنقله إلى بغداد واعتقاله هناك.

وأوضحت المصادر أن المخابرات العسكرية السورية استدعت الفريق الأول الركن طالع الدوري وخيرته بين الانضمام إلى مجموعة محمد يونس الأحمد الذي يقود جناحًا بعثيًا عراقيًا يتعاون مع الأجهزة السورية أو تسليمه إلى السفارة العراقية في دمشق. وأضافت أن الفريق الدوري الذي يعد واحداً من قادة الجيش العراقي خلال الحرب العراقية الايرانية (1980-1988) وقاد على امتداد ثمانية أعوام عدة فرقاً وفيالق عسكرية وحصل على العديد من الأوسمة قد رفض العرض السوري بالتعاون مع الاحمد وأعلن للمسؤولين السوريين الذين إستدعوه بأنه سيظل بعثياً ولن يساوم على قيادة عزة الدوري (نائب الرئيس السابق صدام حسين في قيادة الحزب والمطلوب حالياً للسلطات العراقية) والذي يقود الجناح الآخر من البعث العراقي. واشارت إلى أن الفريق طالع الدوري نجح في مغادرة دمشق بسلام وتمكن من الوصول إلى صنعاء حيث يقيم فيها حالياً بصفة موقتة.
وكان المالكي دعا في 20 تموز (يوليو) الماضي العراقيين في سوريا إلى quot;العودة إلى بلدهم مكرمينquot; ووعد بالعفو عمن لم تتلطخ ايديهم بدماء المواطنين في اشارة إلى البعثيين. وقال إن العراقيين الابرياء والمسالمين في سوريا يتعرضون إلی عمليات قتل ونهب للأموال وسلب للممتلکات من العصابات الإجرامية التي إنتهکت جميع الأعراف والقيم الإنسانية .

وأضاف المالكي قائلاً في بيان صحافي إنه quot;في ظل الظروف الأمنية الصعبة التي يعيشها اخواننا و ابناؤنا في سوريا، فإننا ندعوهم رجالاً ونساء واطفالاً إلی العودة إلی بلادهم معززين ومکرمين ونقول لهم تفضلوا إلی وطنکم الذي هو موطن أمنکم وعزکم إن شاء الله ، وسنصفح عن کل الذين اتخذوا مواقف سلبية ولم يتورطوا بسفك دماء الأبرياء ليعيش الجميع بأمن وسلام ونضع يدًا بيد لحماية بلدنا وشعبنا من عبث العابثينquot;.

وكان آلاف من البعثيين العراقيين قد لجأوا إلى سوريا اثر سقوط النظام البعثي في العراق عام 2003.
يذكر أن حوالي 400 ألف عراقي يقيمون في سوريا بعدما غادروا بلادهم بسبب أعمال العنف الطائفي التي اجتاحت العراق عامي 2006 و2007 لكن السلطات السورية اكدت بداية عام 2011 وجود أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ عراقي على أراضيها لكن حوالي 30 الفًا منهم عادوا إلى العراق منذ اندلاع الاحتجاجات ضد النظام السوري في اذار (مارس) من ذلك العام .