في حين يبدو أن تركيا وسوريا تقفان على شفير الصدام، يقول ديبلوماسيون أن تحركات الحكومة التركية لا تتعلق كثيراً بالحرب الأهلية المستعرة في جميع أنحاء سوريا، بل بصراع أشد فتكًا وهو الحرب المستمرة منذ فترة طويلة ضد المقاتلين الانفصاليين الأكراد الذين تعتبرهم الحكومة التركية تهديداً لوجود الدولة نفسها.


أنقرة: في خطوة بدت وكأنها انتقام لدعم تركيا للثورة ضد الرئيس السوري بشار الأسد، نقلت سوريا السيطرة على البلدات الكردية في شمال سوريا إلى حزب العمال الكردستاني، مما سبب قلقاً في أنقرة.

وعلاوة على ذلك، يقال إن حزب العمال الكردستاني قد نشر عدداً كبيراً من المقاتلين، نحو ألفين أو أكثر، إلى سوريا لدعم حزب الاتحاد الديمقراطي.

تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تنظر إلى حزب العمال الكردستاني على أنه منظمة ارهابية تهدف إلى تفتيت الدولة التركية، ويقول القادة الاتراك إنهم لن يسمحوا لكيان تابع لحزب العمال الكردستاني بتسلم القيادة على حدودها.

في رأي العديد من المراقبين الديبلوماسيين، لجوء تركيا إلى القوة في سوريا أو بالقرب منها لن يكون بهدف السعي إلى الإطاحة بالأسد، لأنه لا يشكل قلقاً أمنياً أساسياً بالنسبة لها، خلافاً لحزب العمال الكردستاني، الذي يأمل في إقامة دولة كردية مستقلة بعد سقوط الأسد تؤثر على سيادة تركيا وإيران وسوريا والعراق.

وفي دليل واضح على أن النظام السري يلعب quot;الورقة الكرديةquot; في وجه تركيا، قال أحد المنشقين عن حزب العمال الكردستاني في أواخر حزيران/ يونيو للمسؤولين الأتراك إن quot;كميات كبيرة من المال تدفقت من سوريا الى حزب العمال الكردستاني في النصف الأول من عام 2012quot;.

خلال الشهرين الماضيين، قامت الطائرات التركية بقصف قواعد حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل في شمال العراق.

وفي الأسبوع الماضي، انتقل سرب من طائرات الـ اف 16 في جنوب شرق تركيا، اعتقد البعض أن هذا الاجراء كان احتياطياً بعد تبادل قذائف مع سوريا، لكن العديد نظر اليه على أنه بداية لشن هجمات ضد قواعد حزب العمال الكردستاني في العراق.

ويقول المراقبون إن أنقرة لا تستعد لحرب محتملة مع بشار الأسد، نظراً لتصعيد المواجهة بين تركيا وسوريا فحسب، بل تستعد أيضًا لمواجهة الأكراد المنشقين، حيث تخشى تركيا أن يشجع الوضع في سوريا الأكراد على إحياء قضيتهم.

وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت إلى نجدت أوزيل، رئيس الهيئة العامة للأركان التركية، بعد الرد على القصف السوري مطلع هذا الشهر الذي راح ضحيته 5 مدنيين، إلا أنه شدد على أنه سيتم الرد إذا لم يتوقف القصف السوري.

توغلت مجموعات عديدة من الدبابات على بعد أمتار قليلة من الحدود مع سوريا، فضلاً عن هبوط على الأقل 25 طائرة مقاتلة إضافية في قاعدة quot;ديار بكرquot; الجوية.

وكانت رسالة أوزيل أن الجيش التركي المكون من 612 ألف جندي والأكبر في منطقة الشرق الأوسط، مستعد للحرب مع سوريا.

جيش الجنرال التركي - ثاني أكبر جيش في الحجم بعد الولايات المتحدة داخل حلف الناتو ndash; قد يهزم نظام الأسد في غضون أيام قليلة، إلا أن الهجوم قد يؤدي لانضمام حلف الناتو إلى الصراع، الأمر الذي يطرح مخاطر كبيرة.

القذائف القليلة التي تسقط على الأراضي التركية أقل من يقلق رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان لأنه أكثر قلقاً بشأن مناورة استراتيجية من جانب سوريا، حيث يسمح الأسد للأكراد بالتصرف كما يحلو لهم على الجانب السوري من الحدود، مما يثير مخاوف الأتراك من انتفاضة جديدة في بلادهم من قبل الأقلية الكردية.

إرغام تركيا طائرة الركاب السورية على الهبوط، والتي حملت ذخائر وأجزاء صواريخ قادمة من روسيا، أغضب نظام الأسد وأثار حفيظة الحليف السوري، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. ودفع هذا الحادث تركيا لفرض حظر على جميع الطائرات السورية من مجالها.

في الوقت نفسه، أمرت طائرة أرمينية متوجهة إلى مدينة حلب السورية بالهبوط، ثم سمحت لها باستكمال رحلتها بعد تفتيش حمولتها التي تبين أنها مساعدات إنسانية وفقاً لتصريحات مسؤولين من أرمينيا.

الأكراد المنشقون في تركيا، والذين ينظرون بحقد إلى سوريا، قد يجدون أنه الوقت المناسب لإحياء قضيتهم من جديد، لدرجة قد تصل إلى تحقيق quot;كردستان أكبرquot; تشمل الحدود الجنوبية لتركيا، فهل يكون الأكراد المحبون للحرية، أكثر من نظام الأسد، هدفًا حقيقيًا وراء خطط تركيا لحرب محتملة؟

قد يشعر أردوغان أنه مضطر للتصرف إذا ما قُتل أتراك في حادث قصف سوري جديد، وستساعده عداوته الشخصية تجاه الأسد على التغلب على أية مخاوف من أن يلقى اعتراضات داخل حكومته.

ولإعداد رجال الحرب لما هو أسوأ، ناشد رئيس الوزراء روحهم الوطنية قائلاً: quot;الدولة التي لا تكون مستعدة للحرب في أي وقت، لا تكون متطورة بالكاملquot;.