لأول مرة في تاريخه، يعقد منتدى الطاقة العالمي خارج مقر الأمم المتحدة، فتستضيفه دبي لثلاثة أيام. وقد تميّز افتتاحه بحضور دولي حاشد أكد فيه المتكلمون أهمية زيادة التعاون الدولي وتبادل الخبرات من أجل توفير طاقة مستدامة وآمنة ونظيفة، تبني عليها الشعوب نموها الاقتصادي.


صباح أمس الاثنين، انطلقت أعمال quot;منتدى الطاقة العالمي 2012quot; في مركز دبي التجاري العالمي، الذي تستضيفه الإمارات على مدى ثلاثة أيام، بمشاركة نحو 2500 مشارك من دول العالم، على مستوى رؤساء دول وحكومات وخبراء، إلى جانب ممثلين عن عدد من الهيئات والمنظمات الدولية المعنية.

وتميّز الافتتاح بكلمات عدة، ركّزت على التحديات التي يواجهها قطاع الطاقة في العالم، وفي العالم العربي. يتمحور هذا المنتدى حول أهمية زيادة التعاون الدولي وتبادل التجارب والخبرات من أجل توفير طاقة مستدامة وآمنة ونظيفة تنعم بها الشعوب وتحقق رفاهيتها الاقتصادية والاجتماعية.

تحدٍ جماعي

وكانت الكلمة الافتتاحية للشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الامارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي لفت إلى أن مليارًا ونصف مليار شخص بين نحو سبعة مليارات نسمة في العالم محرومون من نعمة الطاقة الكهربائية، quot;ما يشكل تحديًا جماعيًا علينا مواجهته، من خلال التعاون والتنسيق بين الدول المتقدمة والناميةquot;.

وتطرّق الشيخ مكتوم إلى سعي الإمارات الجاد، على الرغم من كونها دولة نفطية، للحدّ من مسببات تغير المناخ وتحقيق الاستدامة في تنويع مصادر الطاقة، quot;وتأكد ذلك من خلال استضافتها الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا) ومقرها أبوظبي، ناهيك عن شروع الإمارات في تخطيط وتنفيذ بعض مشاريع استخدام الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء ورفع كفاءة الإنتاج، واعتماد تطبيق استراتيجية الاقتصاد الأخضر، وغيرها من المبادرات والخطوات المهمة على طريق الاستدامةquot;. وأعرب الشيخ مكتوم عن أمله في أن تكون الإمارات نموذجًا يحتذى للاستفادة منه في هذا المجال.

إلى ذلك، بارك مكتوم لقادة الدول الأفريقية انعقاد قمتهم للطاقة على هامش فعاليات المنتدى، آملًا أن يساهم اجتماعهم في التحول نحو عصر جديد للطاقة المستدامة، ومتمنيًا للمنتدى quot;النجاح والتوفيق في تحقيق تطلعات دولنا وشعوبنا المشتركة نحو غد أفضل في طاقة آمنة ونظيفة ومستدامةquot;.

تقديرًا لمركز دبي

تحدث مو هونج، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، فأشاد باستضافة الامارات لهذا التجمع العالمي، الذي يعنى بالطاقة المتجددة، ويسعى جاهدًا لإيجاد بدائل للطاقة وتنويع مصادرها، كي تصبح طاقة آمنة ونظيفة ومتوفرة للجميع، خصوصًا في الدول النامية.

ثم ألقى أحمد بن حلي، نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية كلمةً اعتبر فيها quot;أن انعقاد منتدى الطاقة العالمي على أرض الإمارات يعد تقديرًا بالغًا واعترافًا دوليًا بمركز الدولة ومكانتها المرموقة وتأثيرها الإيجابي في كل القطاعات والميادين السياسية والاقتصادية والإنسانية، لا سيما دورها الفاعل في تطوير مصادر الطاقة المتجددة واعتماد الاقتصاد الأخضر لتنمية مستدامةquot;.

وكان ختام كلمات الافتتاح مع البروفيسور هارولد هاينسوك، رئيس ومؤسس منتدى الطاقة العالمي، الذي أعرب عن سعادته بانعقاد منتدى 2012 خارج مقر الأمم المتحدة للمرة الأولى، مشيدًا باستضافة الإمارات لهذه الدورة، quot;خصوصًا أن هذه الدولة تعد نموذجًا حيًا للبحث عن مصادر بديلة للطاقة التقليديةquot;.

ونوّه هاينسوك في كلمته بتبني الإمارات مشاريع عملاقة وحيوية في مجال إيجاد مصادر دائمة للطاقة النظيفة والمتجددة، quot;إيمانًا من قيادتها بأهمية الحفاظ على البيئة وتوفير الطاقة المستدامة وتأمينها كي تكون في متناول الجميع، لا سيما في دول العالم الثالث التي تفتقر إلى الطاقة التقليديةquot;، وشكر الشيخ مكتوم اهتمامه بأعمال هذا المنتدى وحرصه على تحقيق الأهداف المرجوة، التي تخدم مصالح الدول والشعوب كافة، وتحقق العدالة في الحصول على الطاقة المتجددة.

وقبيل اختتام حفل الافتتاح، وقع المشاركون في المؤتمر وثيقة الأمم المتحدة للإعلان العالمي للطاقة المستدامة، الذي يؤكد التزام زعماء الدول وصناع القرار فيها باستدامة الطاقة، ويقرر أن يكون يوم الثاني والعشرين من تشرين الأول (أكتوبر) من كل عام يومًا عالميًا للطاقة المستدامة.

غاز البحرين ونفطه

خلال أعمال المنتدى، ألقى الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية، كلمة بالإنابة عن الملك حمد آل خليفة ملك مملكة البحرين، فأكد أن دول مجلس التعاون الخليجي أثبتت تحمّلها مسؤولية الحفاظ على استقرار النفط عالميًا، الذي يمثل ركيزة أساسية للمحافظة على استقرار الاقتصاد العالمي.

وقال الشيخ ناصر إن مملكة البحرين تعمل على الاستثمار في قطاع الطاقة، بهدف توفير احتياجاتها على المديين المتوسط والبعيد، ما يعد ركيزة أساسية لدعم الاقتصاد الوطني ومسيرة التنمية بوجه عام، quot;فالبحرين قد قطعت الآن أشواطًا كبيرة لتوفير مصادر للطاقة تغطي احتياجات التنمية للأجيال الحالية والقادمةquot;، إلا أنه طالب بالاستمرار في السعي لتبادل الخبرات والأفكار، عبر جلسات المنتدى، للخروج بتصور حول كيفية تحقيق استثمار ممكن للطاقة وسبل التوسع لاستخدام إمكانات بديلة.

الانتقال إلى اقتصاد المعرفة

أما الدكتور نايف الحجرف، وزير المالية ووزير التعليم العالي الكويتي بالإنابة، فناب عن الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، وألقى كلمته التي أكد فيها أن quot;الطلب على الطاقة يعتمد أساسًا على نمو واستقرار الاقتصاد العالمي، كما أن استقرار أسواق الطاقة وإمداداتها ضروري للنمو الاقتصادي العالمي وتتفق توقعات الصناعة إلى أن الجزء الأكبر من احتياجات الطاقة العالمية لعقود عدة مقبلة سيوفره الوقود الأحفوري من النفط والغاز والفحم، حيث لا بد أن نستذكر معًا التحديات التي تواجهها أسواق الطاقة، وفي مقدمها الاستثمار لتنويع مصادرها، كذلك ضمان إمدادات كافية والتقلبات في أسواقها والسياسات الاقتصادية في المناطق المنتجة والمستهلكة إضافة إلى التصدي لفقر الطاقةquot;.

وأشار الحجرف إلى أن مطالب تأمين الطاقة المستدامة للجميع هدف يجب أن نعمل معًا على تحقيقه حتى تكون مصادر الطاقة ملائمة للبيئة، لافتًا إلى أن دول المنطقة quot;حباها الله بوفرة من الإشعاع الشمسي طيلة أيام السنة، ما يؤهلها لاستخدام الطاقة الشمسية، ومن هذا المنطلق تعمل دولة الكويت من أجل الاستفادة من تكنولوجيا الطاقة المتجددة بكل مجالاتها لتطوير العديد من المشاريع المحلية والعالمية في تطبيقات متنوعة لهذه الطاقة الشمسية، كما يمثل اكتساب الخبرات في هذا المجال أهمية كبيرة ستساعد في الانتقال إلى الاقتصاد القائم على المعرفة وزيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجماليquot;.

وكرر الحجرف التزام دولة الكويت مواجهة التحديات العالمية المتعلقة بالطاقة والتقدم الاقتصادي، من خلال استثماراتها في قطاعات الطاقة المختلفة وتشجيع التقنيات النظيفة المتعلقة بمجال النفط والغاز .

تحديات الموارد

وتحدث ماهيندا راجباكسا، رئيس جمهورية سريلانكا الديمقراطية، عن تحديات توفير الموارد بما يواكب الطلب المتزايد على الطاقة بشكل متوازن، لافتاً إلى أن ما كان يقوم به عدد من الدول لتوفير الطاقة لم يكن مناسباً للبيئة، ما تسبّب بتدهور بيئي شكل تحديًا للإنسانية وأعاقها عن ضمان مصادر مستدامة للأجيال المقبلة، كما quot;أن ندرة موارد الطاقة في بعض الدول النامية قد يعيق جهودها لتحسين الطرق المعيشية والاستعانة بموارد الطاقة المناسبةquot; .

وكشف إسماعيل عمر جيله، رئيس جيبوتي، عن خطط بلاده للاعتماد بشكل كامل على مصادر الطاقة المتجددة النظيفة بحلول العام 2020، لتستغني جيبوتي تمامًا عن كل مصادر الطاقة التقليدية. وأكد انعكاسات هذه الخطوة الإيجابية quot;على خطط التنمية المستدامة في جيبوتي، ومكانتها على خريطة دول العالم السباقة في اعتماد الطاقة النظيفةquot;.