هزت جرائم الإعتداء الجنسي على الأطفال المجتمع المصري، لاسيما أن غالبية الجرائم يرتكبها معلمون بالمدارس، أو محفظو القرآن، ما أثار عاصفة من القلق بين الأسر المصرية على أبنائهم، فيما دعا نشطاء حقوقيون إلى تغليظ عقوبات الإعتداء على الأطفال، وعدم التهاون مع المعتدين.
إستيقظ المصريون في العاصمة القاهرة صبيحة الإحتفال بعيد الأضحى على خبر تناقلته وسائل الإعلام يفيد، باعتداء مهندس كمبيوتر على عشرة أطفال أيتام، نزلاء في جمعية خيرية تتولى رعاية الأيتام.
ووقعت الأحداث في مدينة الجيزة، حيث استغل المهندس تردده إلى الجمعية لصيانة أجهزة الحاسب الآلي، في استدراج الأطفال لغرفة في الجمعية والإعتداء عليهم جنسياً، تحت التهديد بالإيذاء. وبلغ عدد ضحاياه حتى الآن عشرة أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 6 و10 أعوام. وعند مواجهة الأطفال بالجاني، أصيب بحالة من الإنهيار العصبي، وانخرط الأطفال في نوبة بكاء هستيرية، من شدة الخوف من الجاني.
معلم يغتصب طفلة
تنتشر تلك الجرائم من أدنى جنوب مصر إلى أقصى الشمال، ففي محافظة أسوان بالقرب من الحدود المصرية السودانية، اتهم معلم باغتصاب طفلة في الصف الأول الإبتدائي، لا يتجاوز عمرها الست سنوات، ما أثار عاصفة من الغضب في أوساط المصريين، لاسيما أن الجاني معلم، وتعتبر حماية الصغار وتربيتهم على فضائل الأخلاق من مهامه الأساسية. ووفقاً لتحقيقات النيابة العامة فإن المدرس quot;45 عاماًquot; ارتكب جرمه يوم الأربعاء الماضي، 24 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، في حرم مدرسة حاجر المويسات البصيلية.
وأضافت التحقيقات أن المدرس استدرج الطفلة إلى داخل إحدى قاعات المدرسة، أثناء حصة التربية الرياضية، حيث كان جميع زملائها في الفناء، ثم اعتدى عليها جنسياً. وأشارت إلى أنه عند عودة الطفلة للمنزل، إكتشف والدها آثار دماء على ملابسها الداخلية، فسألها عما جرى، فروت تفاصيل الإعتداء. وأحال النائب العام المعلم على محكمة الجنايات، بعد أن أدانته التحقيقات بارتكاب الجريمة.
وفي أسوان أيضاً، والقرية نفسها، quot;البصيليةquot; وبعد أقل من أسبوع على الجريمة الأولى، اعتدى عاطل عن العمل، جنسياً على طفل عمره خمس سنوات، بعد استدراجه إلى منزل مهجور، أثناء عودته من دروس تحفيظ القرآن، وألقت الشرطة القبض على الجاني الذي يبلغ من العمر 17 عاماً.
الجاني محفظ قرآن
وفي مدينة السويس شرق القاهرة، وبعد تحقيقات استمرت لمدة شهرين، قررت النيابة العامة إحالة محفظ قرآن يبلغ من العمر 43 عاماً على محكمة الجنايات بتهمة الإعتداء الجنسي على نحو سبعة أطفال، أثناء تحفيظهم القرآن في حي حوض الدرس. ووفقاً لنتائج التحقيقات، فإن محفظ القرآن افتتح في منزله مكتباً لتحفيظ الأطفال القرآن، وأرسل أهالي الحي أطفالهم إليه، ولكنه استغل براءتهم واعتدى عليهم جنسياً مرات عدة، وهددهم بالقتل إذا أبلغوا أسرهم، إلى أن عادت طفلة إلى أسرتها ذات يوم، وهي في حالة إعياء، وعلى ملابسها الداخلية آثار دماء، وبسؤالها عن سبب الدماء، قالت إن الرجل الذي يحفظها القرآن اعتدى عليها جنسياً. فألقي القبض على الجاني، وأحيل على محكمة الجنايات.
ولم يكن محفظ القرآن هذا الوحيد، الذي يرتكب هذا الجرم، بل إعتدى محفظ قرآن آخر يبلغ من العمر 61 عاماً يقيم في منطقة الخانكة في القاهرة، على طفلة تبلغ من العمر 12 عاماً، وتكررت اعتداءاته عليها، حتى حملت منه سفاحاً. ولم تكتشف أسرتها الجريمة، إلا بعد أن بدت عليها مظاهر الحمل، وظنت الأسرة أنها تعاني الإنتفاخ، وكانت الصدمة، عندما عرضوها على الطبيب، فأخبرهم أن الطفلة حامل.
انزعاج شديد
لم تكن تلك الحوادث هي الأولى، بل تعتبر حلقة في سلسلة جرائم الإعتداء على الأطفال، التي تؤرق المجتمع المصري منذ عدة سنوات، ووصل الأمر في نهاية عهد مبارك إلى أن وزارة التربية والتعليم قررت تزويد الفصول والمدارس بكاميرات مراقبة، لكن الخطة لم تنفذ، نظراً لاندلاع ثورة 25 يناير.
وأبدى المجلس القومي للمرأة انزعاجه الشديد من الإعتداء على الأطفال عموماً، وطفلة أسوان خصوصاً، وقالت السفيرة مرفت التلاوي رئيسة المجلس في تصريحات لها، quot;إن المجلس تابع باستياء شديد الحادث المؤلم الذي تعرضت له طالبة في الصف الأول الابتدائي، والتي تبلغ من العمر 6 سنوات، في مدرسة (حاجر المواساة) في منطقة البصيلية في مركز إدفو في محافظة أسوان، والتي تم الاعتداء عليها جنسيًا أثناء حصة الألعاب من مدرس 45 عاماquot;.
ووصفت الحادث بأنه quot;هذا يعد فعًلا إجراميًا ووحشيًا، وانتهاكًا لحقوق الطفل وهي جزء من حقوق الإنسانquot;، مشيرة إلى أن المجلس سيتكفل بتوفير المساعدة القانونية لأسرة الضحية عبر فرع مكتب شكاوى المرأة في محافظة أسوان، وإجراء دراسة حالة على أسرة الضحية للوقوف على أوجه المساعدة التي يمكن تقديمها.
استفحال الظاهرة
فيما قال الدكتور حسن محمود عضو جمعية البراءة للدفاع عن حقوق الطفل، إن تلك الحوادث تدق ناقوس الخطر في المجتمع المصري، مشيراً إلى أن نسبتها ارتفعت خلال الخمسة أعوام الأخيرة، لاسيما في المدارس.
وأضاف لـquot;إيلافquot; أن أكثر حوادث الإعتداء الجنسي على الأطفال تقع من قبل المعلمين، ولفت إلى أن تلك الظاهرة تحتاج إلى دراسة مجتمعية، وتفرض على وزارة التربية والتعليم إعادة النظر في طريقة اختيار المعلمين، لاسيما أولئك الذين يتصدرون لتعليم الأطفال قبل سن البلوغ. ولفت إلى أن تلك الظاهرة كانت قد استفحلت في نهاية عهد مبارك، ووضعت وزارة التربية والتعليم في نهاية العام 2010، خطة لتزويد المدارس بكاميرات مراقبة، لكنها لم تنفذ حتى الآن. ودعا إلى ضرورة الإسراع في تنفيذها، وإجراء اختبارات نفسية للمعلمين قبل الالتحاق بالعمل.
وشدد على ضرورة إعادة النظر في قوانين الطفل، وتغليظ العقوبات في جرائم هتك عرض الأطفال أو الإعتداء الجنسي عليهم، بحيث تصل إلى الإعدام، حتى ولو لم يكن الجاني من المسؤولين عن رعاية الطفل، معتبراً أن جريمة الإعتداء الجنسي على الطفل أشد إيلاماً من القتل، وتلازمه آلام نفسية مدى الحياة. كما دعا إلى إنشاء مجلس لرعاية هؤلاء الأطفال نفسياً.
التعليقات