في مواجهة دعوات لتشكيل حكومة أغلبية سياسية في العراق يتصدرها ائتلاف المالكي، حذّر نواب من أنّ تشكيل هذه الحكومة سيكون بداية فتنة كبيرة وانقسام أكبر يخرج على مبدأ التوافق السياسي في إدارة الدولة، إضافة إلى كونه قطيعة مع الأكراد.


قال النائب المستقل حسن العلوي في اتصال هاتفي مع quot;إيلافquot; من أربيل إن الدستور العراقي ينص على أن الأغلبية البرلمانية هي التي تشكل الحكومة وهو مبدأ عام سارت عليه الدولة منذ عام 2003 ولكن في بعض البلدان التي تتكون من طوائف وقوميات متعددة مثل العراق فإن القوى السياسية المعارضة للنظام السابق كانت، وازاء المخاوف من انفراد طائفة واحدة بالسلطة، قد اتفقت في مؤتمراتها منذ تسعينات القرن الماضي على مبدأ التوافق الذي يضمن حقوق جميع مكونات الشعب العراقي.

وأوضح أن المحاصصة التي اتبعت خلال السنوات العشر الاخيرة جاءت لضمان عدم انفراد الأغلبية البرلمانية المتكونة من طائفة واحدة بالسلطة. وأضاف العلوي أن الدعوة الحالية الى حكومة الأغلبية تأتي الان لتخرق مبدأ التوافق السياسي المتفق عليه منذ التسعينات.

وحذر من أنّ مثل هذه الحكومة ستتحول حتمًا الى حكومة أغلبية طائفية رغم انها قد تطعّم بقوى صغيرة تمل الطوائف والقوميات الاخرى. وقال quot;لكن هذا التمثيل سيكون مزوراً لانه يمثل الضد النوعي للمكونات والتشكيلات الكبرى والاساسيةquot;.

وشدد العلوي على أنّ حكومة الأغلبية ستكون في حال تشكيلها بداية فتنة كبيرة وانقسام اكبر في السياسة العراقية، وستكون انقلاباً على مبدأ التوافق وقال: quot;لذلك فإن امر تشكيل حكومة الأغلبية لن يتحقق لأنها ستكون في حقيقتها أغلبية طائفيةquot;. وأوضح أن الدعوة لحكومة الأغلبية يبدو أنها تنطلق من التحالف الشيعي وبتطعيمها من منشقين عن ائتلاف العراقية والتحالف الكردستاني.

وحول موقف القادة الاكراد من حكومة الأغلبية بحكم قربه منهم أشار العلوي إلى أنّ الاكراد يعتبرون تشكيلها قطيعة معهم ويستغربون كيف أن أطرافًا في المجلس الأعلى الإسلامي برئاسة عمار الحكيم الذي يحتفظون بعلاقات ممتازة معه يؤيدون الدعوة لحكومة الأغلبية.

وأوضح أن التحالف الكردستاني يعتبر حكومة الأغلبية السياسية هي حكومة موجهة ضد الاكراد.. وتساءل عمن من الاكراد سيغامر بسمعته امام ناخبيه ويذهب الى حكومة أغلبية سياسية ويصوت لصالحها مع علمه أن هذه الفكرة موجهة ضده بالدرجة الاولى.

وأشار النائب العلوي إلى أنّه يمكن القول إن الحديث عن هذه الدعوة اليوم شيء من الترف السياسي لا علاقة له بالواقع السياسي العراقي المتأزم. وتساءل قائلاً quot;من الذي يدعو اليوم الى تشكيل حكومة أغلبية سياسية ؟ التحالف الوطني باستثناء التيار الصدري الذي يمتلك اربعين مقعدًا برلمانيًا وهناك مستقلون ليسوا اكثر من خمسة فالتحالف الكردستاني لن يصوت لحكومة الأغلبية الى جانب القائمة العراقية باستثناء بعض التكتلات المنشقة عنها وهي معدودة.

اما نائب وزير الداخلية السابق جواد البولاني فقد اكد في اتصال هاتفي معquot;إيلافquot; من بغداد أن تشكيل حكومة أغلبية بحاجة الى ترشيق وزاري حقيقي ومنح صلاحيات واسعة للمحافظات. وأشار إلى أنّ هذا يتطلب ايضًا إلغاء أو دمج الوزارات ذات الاختصاصات المتشابهة والقريبة من بعضها. ومن جهته، أكد التحالف الكردستاني رفضه تشكيل حكومة أغلبية سياسية نافياً أنه قد تلقى دعوة أو طلبًا رسمياً من إئتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي بشأن ذلك.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم التحالف النائب مؤيد الطيب في تصريح نشر اليوم أن ما أعلنه نائب عن دولة القانون بأن عددًا من نواب كتلتي التحالف الكردستاني وحركة التغيير الكردية المعارضة يؤيدون تشكيل حكومة الأغلبية المقترحة، إدعاء غير صحيح. وأكد انه لم يجرِ أي اتصال بأعضاء في التحالف الكردستاني حول هذا الموضوع، مشدداً على أن التحالف لم يتلقَ لحد الآن أي دعوة أو طلب رسمي بهذا المضمون من ائتلاف دولة القانون. وأضاف أنه حتى في حال تلقي مثل هذه الدعوة فإن موقف التحالف واضح وسبق أن أعلنه مرارًا وهو رفض تشكيل هذه الحكومة.

وأضاف الطيب quot;أننا على قناعة تامة بأن إئتلاف دولة القانون عاجز تمامًا عن تحقيق هذه الفكرة لأنه بالأساس يفتقر إلى الأغلبية البرلمانية لدعم هذا المشروع وسبق أن فشل هذا الإئتلاف في الكثير من محاولاته بضمان الأغلبية البرلمانية حول مشاريع سابقة ما يجعله غير قادر تمامًا على تحقيق الأغلبية البرلمانية لدعم مشروع بهذا الحجم الكبير الذي من شأنه أن يغيّر ملامح النظام السياسي في العراقquot;.

وأشار المتحدث الكردستاني إلى أنه اذا تطلبت الضرورة تشكيل مثل هذه الحكومة للخروج من الأزمة السياسية الحالية فالتحالف الكردستاني والقائمة العراقية وغيرهما من الكتل البرلمانية أقدر على تشكيل تلك الحكومة من كتلة دولة القانون وسنتمكن من تحقيق الأغلبية التي تفتقر إليها تلك الكتلةquot;.

وحول الوضع القانوني لحكومة الأغلبية أوضح الخبير القانوني طارق حرب أن حكومة الأغلبية السياسية تحتاج الى موافقة 163 نائبًا (من مجموع اعضاء مجلس النواب البالغ 325 عضواً) طبقًا للمادة 76 من الدستور وستكون حكومة أغلبية برلمانية وحكومة شراكة مصغرة.

وأضاف في بيان صحافي وزعه اليوم أن حكومة الأغلبية السياسية ستحافظ على تمثيل المكونات فيها، لانها ستضم كتلة أو اكثر من الكتل التي تمثل الكرد في البرلمان لتمثيل المكون الكردي كما أنها ستضم ثلاث كتل أو اكثر من القائمة العراقية لتمثيل المكون العربي السني، كما أنها ستضم جميع الكتل الخارجة عن القائمة العراقية كالبيضاء والحرة وستضم الكثير من كتل التحالف الوطني وليس جميع الكتل في التحالف لتمثل المكون العربي الشيعي إضافة إلى أنّها ستضم جميع الكتل للمكونات الصغيرة كالمكون المسيحي.

وأشار إلى أنّ امر تشكيل حكومة الأغلبية يعتمد على معاضدة وتأييد الرئيس جلال طالباني في مسعاه نحو المؤتمر الوطني ونجاحه من عدمه. وكان رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عمار الحكيم قد دعا الجمعة الماضي الى تشكيل حكومة أغلبية تتكون من أغلبية سياسية وليس من أغلبية طائفية لتستطيع اخراج البلاد سريعًا من النفق المظلم الذي تمر به.

وأشار إلى أنّ دعوته الى حكومة الأغلبية السياسية لم تكن تغييرًا في مفاهيمه وانما جاءت من منطلق ضرورة الخروج السريع من النفق المظلم الذي يمرّ به العراق. وأوضح أن حكومة الأغلبية يجب أن تكون سياسية ذات شراكة بين المكونات العراقية quot;لأن الشراكة اساس النجاح والتقدم والحكومة الجامعة أفضل من الحكومة المقتصرة على البعضquot;.

وأوضح الحكيم أن الأغلبية لا تعني مطلقاً الأغلبية الطائفية وانما هي أغلبية سياسية مكونة للشعب العراقي ويجب أن تكون منسجمة ومتفقة على نهج معين لادارة شؤون البلاد وتكون مسؤولة عن قراراتها و خططها وادارتها. وخاطب القوى السياسية قائلا quot;اذا لم تستطيعوا أن تدفعوا ثمن الشراكة فعليكم الذهاب الى الأغلبية واذا لم تقبلوا بالأغلبية عليكم القبول بالشراكة فكل شيء مقبول الا تفكك الدولةquot;.

وأضاف أن مشروع الدولة مازال يصارع لحظات الولادة وانها بلا شك ولادة عسيرة وأحد اهم اسبابها هو عدم فهم البعض لمشروع العراق الجديد.. وتساءل قائلاً quot;كيف نكمل بناء الدولة ونحن لم نكمل بناء الوطن؟quot;

ومن جانبه عارض زعيم التحالف الوطني العراقي quot;الشيعيquot; ابراهيم الجعفري الاربعاء الماضي دعوات تشكيل حكومة أغلبية في البلاد مؤكداً أن الكثير من الأطراف السياسية العراقية لا تجيد فن المعارضة السلمية، ولذلك فإن بعضها قد يلجأ الى المعارضة المسلحة مشددًا على عدم الخشية على السنة من الشيعة أو الشيعة من السنة وانما من الاختراقات الإرهابية التي لا تنتمي إلى مذهب وتعادي كل المذاهب والديانات والقوميات.

وتأتي هذه المواقف من الدعوات لحكومة الأغلبية في وقت يؤكد ائتلاف دولة القانون أن المرحلةَ المقبلةَ تحتاج إلى حكومة أغلبية سياسية لأن حكومةَ الشراكةِ الوطنية الحالية ساهمت في إعاقة عملِ الحكومة كما قال. واكد المالكي مطلع الشهر الحالي عزمه على تشكيل حكومة أغلبية سياسية في المرحلة المقبلة وقال إنه يبذل جهداً في سبيل عدم تكرار تجربة حكومة الشراكة معتبراً أنها أصبحت محاولة لعرقلة العمل.

ومن جانبها اعتبرت بعض الاطراف المنضوية تحت لواء التحالف الوطني تشكيل حكومة الأغلبية خطوة انقاذ للعملية السياسية المهددة بالتفكك نتيجة التقاطعات المستمرة بين القوى السياسية لكن التحالف الكردستاني والقائمة العراقية عارضا ذلك مؤكدين أن العراق يجب أن تقودَه حكومة شراكة وطنية تمثل جميع الأطراف.