رغم عدم إعلان وزيرة الخارجية الأميركيةهيلاري كلينتون عن خطواتها السياسية المقبلة سوى أنها ستغادر منصبها الحالي في الإدارة الجديدة حتى لو فاز المرشح الديمقراطي باراك أوباما، إلا أن الكثيرين يتوقعون أن تكون منافسة قوية للترشح لمنصب الرئيس بعد 4 سنوات.


واشنطن: فيما تستعد وزيرة الخارجية الاميركية لوداع منصبها كوزيرة للخارجية الاميركية، لا يعتقد أحد أنها وزوجها بيل كلينتون سيختفيان عن الساحة السياسية الاميركية التي هيمنا عليها لنحو عقدين.
وعلى الرغم من التساؤلات عما اذا كانت هيلاري كلينتون هي المسؤولة عن الثغرات الامنية قبل الهجوم على القنصلية الاميركية في مدينة بنغازي الليبية في ايلول/سبتمبر الماضي، لا تزال وزيرة الخارجية واحدة من ابرز الشخصيات التي تلقى قبولاً في الادارة الاميركية.
فقد وصفتها صحيفة نيويورك تايمز بأنها quot;الدبلوماسية النجمةquot;، واستقبلتها الحشود بهتافات الابتهاج في الكثير من الاماكن والبلدان ومن بينها القصر الرئاسي في منغوليا وجامعة جورج تاون في واشنطن.
وخلال اعوامها الاربعة على رأس الدبلوماسية الاميركية، جابت كلينتون العالم وزارت عددًا من الدول فاق عدد الدول التي زارها أي من وزراء الخارجية الذين سبقوها، ودعت الى الديموقراطية وما وصفته بـquot;القوة الذكيةquot; دون كلل أو ملل.
ورغم نفيها المتكرر، الا أن الكثيرين ما زالوا مقتنعين أنها ستحاول مرة أخرى الترشح لمنصب الرئاسة.
ووسط الجو السياسي المرير في العام الانتخابي، الا أن استطلاعات الرأي اظهرت حصولها على نسب تفوق 60% في استفتاءات حول الشعبية، ويعتقد بعض المحللين أن الحزب الديموقراطي سيعرض عليها الترشح لانتخابات الرئاسة في 2016.
واقتربت من تحقيق ذلك في 2008. الا أن منافسها باراك اوباما تمكن من الحصول على ترشيح الحزب.
وبعد معركة ضارية بينهما للفوز بالترشيح في الانتخابات التمهيدية، والتي كان زوجها بيل كلينتون من أشد المناصرين لها، فوجئ العديدون باختيار اوباما لها لتكون وزيرة للخارجية في ادارته.
وقال البعض إن عائلة كلينتون ستحاول العودة من الباب الخلفي للحصول على السلطة.
الا أن هيلاري كلينتون (65 عاماً) اظهرت ولاء قويًا لاوباما، حتى أن البعض يقول إنها ضحت من اجله باعلان مسؤوليتها شخصيًا عن مقتل اربعة دبلوماسيين في هجوم بنغازي.
غير أن النقاد يقولون إنها اخفقت في تحقيق نجاحات تسجل لها في تاريخها، مثلما فعل هنري كيسنجر في مبادرته للصين الشيوعية.
ويلوم البعض اوباما في ذلك ويقولون إنه احكم سيطرته على السياسة المتعلقة بالقضايا المهمة التي تواجه بلاده ومن بينها افغانستان والعراق والاضطرابات في العالم العربي.
وصرح جستين فيس من معهد بروكينغز لوكالة فرانس برس quot;لقد كانت كلينتون وزيرة خارجية مخلصة وفعالة للغاية، واستخدمت قدراتها بطريقة مفيدة لاوباما وتركت بصماتها على قضايا صغيرة مثل الانترنت أو دمج سياسات التنمية بشكل افضل مع السياسة الخارجيةquot;.
وقال quot;لكنها كانت دائمًا خاضعة لهيمنة البيت الابيض لأن هذه هي طبيعة اوباما الذي يريد أن يكون هو من يتخذ القرار في كل شيء تقريبًاquot;.
واضاف quot;ولكن ذلك لا يقلل من قدر كلينتون. فهي رائعة بحق ومليئة بالحيوية والطاقة، وذكية وتمتلك اسلوبًا راقياً في التعامل. لكن الوضع السياسي قيدها بشكل كبيرquot;.
فقد عملت كلينتون بجهد كبير، على سبيل المثال، على التقارب مع باكستان، الحليفة في الحرب ضد تمرد طالبان في افغانستان، كما نسقت الحصول على موافقة دول الغرب على تشديد العقوبات على ايران.
وخلال زيارتها الى الصين هذا العام، نجحت في تفادي حدوث خلاف يشبه ما كان يحدث ايام الحرب الباردة عندما فر المنشق الصيني شين غوانغشينغ من اقامته الجبرية ودخل الى السفارة الاميركية في بكين طالباً اللجوء.
كما دعمت العديد من القضايا التي عادة ما يتم اهمالها مثل حقوق المرأة.
الا ان ستيفن والت، البروفسور في جامعة هارفارد، كتب في مجلة السياسة الخارجية quot;فورين بوليسيquot; مشيرًا الى عدم تحقيق كلينتون انجازات كبيرة. وقال quot;لا يمكن لأحد أن يصفها بأنها كانت وزيرة عظيمة، رغم أن ذلك لم يكن بسبب خطأ منهاquot;.
وكتب والت في وقت سابق من هذا العام يقول إن اوباما لم يمنحها سلطة اكبر في السياسة الخارجية quot;كما أن اعتماده المبدئي على مجموعة من المبعوثين الخاصين خفف من قوة كلينتون اكثرquot;.
واضاف أن quot;البنتاغون واجهزة الاستخبارات تمتلك حاليًا موارد اكبر بكثير من تلك التي تملكها وزارة الخارجية كما أن لها تأثيرًا أكبر بكثير على العلاقات مع مناطق الاضطرابات مثل وسط اسيا واليمن والخليجquot;.
وتؤكد كلينتون أنه اذا فاز اوباما في الانتخابات الرئاسية التي ستجري الثلاثاء المقبل، فإنها ستبقى في منصبها فقط لحين العثور على خليفة لها. وصرحت لصحيفة واشنطن بوست مؤخراً quot;أهدف الى مغادرة المنصب بعد وقت قصير من تنصيب الرئيس. هذه هي خطتيquot;.
وصرح اوباما أنه يود أن تبقى كلينتون في منصبها، لكنه قال إنه quot;رغم رجائي الشديد لهاquot; بالبقاء الا أنها قررت مغادرة المنصب.
وصرحت كلينتون لمجلة ماري كلير مؤخراً quot;أنني اخوض غمار السياسة القومية والدولية والقيادة منذ نحو 20 عامًا .. وقد كان ذلك شرفاً شخصياً استثنائياً، وتجربة رائعة. ولكنني اريد استعادة وقتي الخاص. اريد أن اكون نفسي. وانا اتطلع لذلكquot;.
لكن بالطبع اذا تسنى لها أن تصبح رئيسة للبلاد في العام 2016، رغم أن عمرها سيكون 69 عامًا، فستكون بيدها كل السلطات التي ستمكنها من تحقيق ما تريد.