تقف الجالية العربية الأميركية على مفترق طرق بين باراك أوباما وميت رومني، لكنها تميل لصالح أوباما بالرغم من أنه لم يكن حاسمًا في قضايا عربية وشرق أوسطية، وتنأى بنفسها عن رومني الذي لم يوجه حتى الآن كلمة للعرب الأميركيين.


يختار الناخب العربي الأميركي أحد المرشحين للفترة الرئاسية الحالية وفق معايير خصوصًا، تختص بتقييم برنامجه الرئاسي وانجازته المقبلة في كل القضايا الداخلية والسياسات الخارجية الخصوصًا بالوطن العربي. فيتم تقييم كلا المرشحين في الملفات الخصوصًا بالشرق الأوسط وخصوصًا الصراع العربي الإسرائيلي والنظرة للإسلام والمسلمين. كما يقيم العربي الأميركي النظرة العامة للعرب الأميركيين من دون تمييز بينهم، والتشكيك بولائهم لوطنهم أميركا، ومعاملتهم كمواطنين من دون استهدافهم بدافع الحرب على الإرهاب. هذا كله في كفة، وفي الكفة الأخرى إنجازاته ووعوده في الإقتصاد واستحداث فرص العمل والرعاية الصحية والضرائب.

أوباما.. أهون الشرين

بالرغم من الإخفاقات التي مني بها العرب في ملف قضايا الشرق الأوسط، وخصوصًا في ملف الصراع العربي- الإسرائيلي، إثر إعلان باراك أوباما القدس عاصمة أبدية لإسرائيل ومساندة إسرائيل مساندة تامة ومطالبته الرئيس الفلسطيني عدم إعلان الدولة الفلسطينية، إلا أن أغلب العرب الأميركيين حسموا صوتهم لصالح الرئيس، سعيًا إلى أعادته للبيت الأبيض في ولاية رئاسية ثانية.

يجد الكثير من العرب الأميركيين أن اختيار باراك أوباما قد لا يكون الأفضل، لكنهم يريدون الانتخاب مشاركة في الحياة العامة، ولهذا يختارون أهون الشرين. وهو المبدأ نفسه الذي اعتمدوه في الإنتخابات الماضية في العام 2008، فصوتوا لأوباما لأنه أفضل من منافسة الجمهوري جون ماكين، الذي اتسمت مواقفه بالتشدد تجاه المسلمين.

وفي استطلاعين للرأي أجريا في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أظهر أولهما الذي أجرته مؤسسة زغبي انترناشيونال لبحوث الرأي العام أن 52 بالمئة من العرب الأميركيين سيصوتون لصالح أوباما، مقابل28 بالمئة لصالح رومني، وبقي15 بالمئة لم يحسموا أمرهم.

وأظهر الأستطلاع الثاني الذي أجرته شركة وينزل ستراتيجيز لبحوث الرأي العام والإستشارات الإعلامية أن72 بالمئة من العرب الأميركيين سيدعمون أوباما، مقابل11 بالمئة مع رومني، علمًا أن عدد الناخبين الأميركيين من أصول عربية وإسلامية نحو10 ملايين مواطن، منهم 3.5 ملايين مسلم من أصول عربية.

يخافون الجمهوريين

اعتبر الدكتور جميس زغبي، رئيس المعهد العربي الأميركي ورئيس مؤسسة زغبي انترناشيونال، أن الكفة تميل لصالح أوباما quot;لتزايد نفور العرب الأميركيين من الحزب الجمهوري وتوجهات الجمهوريين، فسياسات المحافظين الجدد في عهد جورج بوش خلال فترتي رئاسته اتسمت بالعدائية تجاه المسلمين، خصوصًا في ظل الحرب على الإرهاب التي سرعان ما استهدفتهم، ومعارضتهم الشرسة لبناء مركز اسلامي في نيويورك، والتشكيك في ولائهم وانتمائهم لأميركا، والمناداة بأن يقسم المسلمون الأميركيون قسمًا إضافيًا بالولاء للولايات المتحدةquot;.

اضاف زغبي: quot;لا ينسى العرب تنافس الجمهوريين للإساءة للدول العربية والإسلامية، واتخاذ المواقف العدائية من العرب والمسلمين لدى مناقشة أي قضية تتعلق بالشرق الأوسط. كلها عوامل ولدت في الناخب العربي الأميركي إحساسًا بتعرضه للتمييز ضده، والتخوف من الحزب الجمهوري في حال فوز مرشحهquot;.

من جهتها، تؤكد السيدة إحسان علي، وهي عربية أميركية من أصول فلسطينية مقيمة في مدينة شيكاغو، بأنها ستدلي بصوتها في الإنتخابات وستمنح صوتها quot;لمن يعجبني برنامجه في ما يختص بي كمواطن أميركي، فإذا كنا لا نجد أيًا من المرشحين لديه برنامج جيد في قضايا الشرق الأوسط، علينا أن نركز جيدا في اختيار ما يناسبنا في القضايا الداخليةquot;.

القضايا الداخلية أولًا

في المقابل، لا يختار الناخب العربي الأميركي أوباما على الأساس السياسي أولًا بل وفق ما يعد به في القضايا المحلية الداخلية. فالإقتصاد وفرص العمل والرعاية الصحية تأتي في المرتبة الأولى التي تهمه كمواطن أميركي، ولو كان عربيًا، وصيانة الحقوق المدنية التي هي من أولوياته. فقد أعرب63 بالمئة من الناخبين العرب عن اعتقادهم بأهمية صيانة الحقوق المدنية، تليها السياسات الخارجية، وموقف الرئيس القادم من قضايا الشرق الأوسط، وخصوصًا الصراع العربي الإسرائيلي، الذي أعرب80 بالمئة من الناخبين العرب الأميركيين عن أهميته في عملية الإختيار.

سمير طبيب من ولاية نيويورك، يؤكد أن مواقف أوباما تجاه قضايا الشرق الأوسط لم تكن مشرفة، و لم تتسم بالحسم، خصوصًا في ما يخص الصراع في سوريا، واعلان الدولة الفلسطينية، والقدس. يقول: quot;لأننا أمام مفترق تاريخي ومفصلي حاسم، لا بد فيه من الأختيار، لا أرى أن مواقف رومني ستكون أفضل، لذلك أرجح كفة أوباما في الفوز، انطلاقًا من مواقفه تجاه القضايا والملفات الداخلية بين الناخبين العرب الأميركيينquot;.

وأقر ثلث الناخبين العرب الأميركيين أنهم اختاروا التصويت لأوباما لمواقفه من الإقتصاد والقضايا الداخلية وملف الرعاية الصحية والضرائب، وأن20 بالمئة منهم سيصوتون لأوباما، لأنهم لا يحبذون مواقف ميت رومني المتطرفة وذلك على حسب الإستطلاعات الأخيرة.

إندماج عربي

م. س. مقيم في أوكلاهوما سيتي، رفض ذكر أسمه، أقر بأنه لا يريد أي من المرشحين، لكنه أمام واجب وطني يجبره على الإدلاء بصوته، لذا سيصوت لصالح أوباما لأنه لا يحبذ مواقف رومني في كثير من القضايا، وخصوصًا الرعاية االصحية والضرائب. كما رأى عزيز منصور، من ولاية نيوجرسي، أن فترة رئاسة آوباما أعطت فرصة أكبر للجالية العربية للإندماج في المجتمع الأميركي، واستطاع أوباما الإنفتاح على الجالية المسلمة واشركهم في القضايا الداخلية.

زغبي يرى أن الحزب الجمهوري لم يقدم رسالة موجهة للعرب الأميركيين حتى الآن، و كل ما وصل إليهم هو مواقف عدائية من الإسلام والمسلمين والحريات المدنية و قضايا الشرق الأوسط، و هو ما أدى إلى عدم تعاطف الناخب العربي الأميركي مع الحزب الجمهوري وأي من مرشحيه.