تعتبر السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سوزان رايس، أبرز المرشحين لخلافة وزيرة الخارجية الحالية هيلاري كلينتون لكونها من مؤيدي سياسة الرئيس باراك أوباما الخارجية.
لندن: برزت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سوزان رايس بوصفها المرشحة الأولى لخلافة هيلاري كلينتون في وزارة الخارجية رغم الجدل السياسي الذي أثارته تصريحاتها عن الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي في 11 ايلول (سبتمبر) الماضي، الذي أودى بحياة 4 اميركيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز.
وقال ستة مسؤولين حاليين وسابقين في البيت الأبيض إن رايس لا تزال قريبة من الرئيس باراك وتشاطره الكثير من آرائه في السياسة الخارجية. وشدد المسؤولون الستة على أن اوباما لم يتخذ قرارا نهائيا بتعيينها حتى الآن وأن كلينتون قد تبقى في منصبها أشهراً من ولاية اوباما الثانية.
ونقل موقع بلومبرغ عن الرئيس السابق لطاقم موظفي البيت الأبيض بيل ديلي ومسؤولين آخرين ان أولى خطوات اوباما ستكون اختيار خلف لوزير الخزانة تيم غايتنر وربما تعيين بدائل لوزير الدفاع ليون بانيتا ورئيس الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر والممثل التجاري رون كيرك.
ويُعتقد أن سوزان رايس خيار اوباما المفضل على مرشحين آخرين لمنصب وزير الخارجية، هما رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جون كيري ومستشار الأمن القومي توم دونيلون، بحسب مسؤولين حاليين وسابقين في الادارة.
والمعروف عن رايس التي شاركت في إدارة الحملات الانتخابية لكل من كيري وحاكم ولاية ماسيشوسيتس السابق مايكل دوكاكيس، شخصيتها القوية وكونها من أشد المدافعين صلابة عن سياسة أوباما الخارجية في مجلس الأمن القومي، والاجتماعات التي تُعقد بين الأجهزة والوزارات المختلفة ذات العلاقة.
وكانت رايس من مؤيدي الدعم العسكري الأميركي للمعارضة الليبية خلال الانتفاضة ضد نظام العقيد معمر القذافي، ويقول أنصارها إنها أسهمت في ضمان تأييد مجلس الأمن الدولي للقرار الذي أجاز التدخل الدولي في ليبيا.
وقال مسؤولون إن تحمسها للتدخل في ليبيا ربما كان مدفوعا، من بين أسباب أخرى، بتخلف إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون عن التدخل لوقف أعمال الإبادة الجماعية في رواندا عندما كانت رايس في الثلاثين من العمر ومن اعضاء طاقم مجلس الأمن القومي.
وقالت رايس التي زارت رواندا العام الماضي مع أفراد عائلتها بعد زيارة مفاجئة إلى ليبيا إن العديد منا سمعوا أصداء قوية لما حدث عام 1994 عندما توعد القذافي باجتثاث الناس في بنغازيquot;.
ولكنها أكدت أيضا أن ما حدث في ليبيا من تدخل ناجح لن يتكرر في سوريا حيث يتناقض موقفها المعارض للتدخل مع موقف كيري الذي أعرب عن تأييده لإقامة ممرات إنسانية.
وفي الأمم المتحدة، يقول دبلوماسيون إن أسلوبها السليط في أحيان كثيرة يلاقي الإعجاب والاستهجان في آن واحد. وإنها وراء الأبواب المغلقة لا تهادن وتستخدم لغة منمقة في إيصال وجهة نظرها.
واصطدمت سوزان رايس، أكثر من مرة مع نظيرها الروسي فيتالي تشوركين، وخاصة بشأن الأزمة السورية. وكانت سجالاتهما تتحول أحيانا إلى مواجهات شخصية، كما حدث العام الماضي عندما عنَّفها تشوركين علنا بسبب انفعالها وقال ان سوريا ليست قضية يمكن ان تُطمس بالشتائم.
وبصرف النظر عن هذه الاحتكاكات، فان رايس أسهمت في استصدار قرارات قوية عن مجلس الأمن الدولي عام 2010 تستهدف البرنامج النووي الايراني. وتعين عليها أن تُجري مفاوضات مديدة مع المسؤولين الروس لضمان تأييدهم في هذا الشأن. كما قامت بدور بارز في قبول جنوب السودان عضوا في الأمم المتحدة.
ويشكل اسم رايس المعروف وعلاقاتها مع سفراء أوروبا وروسيا والصين في الأمم المتحدة رصيداً مهماً رغم افتقارها إلى خبرة هيلاري كلينتون في التعامل السياسي اليومي وشهرتها كمرشحة رئاسية وعضو في مجلس الشيوخ وسيدة الولايات المتحدة الأولى لدورتين متتاليتين.
وقال مسؤولون إن الارتقاء إلى مستوى كلينتون في السياسة الخارجية سيكون صعباً ولكن كثيرين في البيت الأبيض يعتبرون رايس ابرز الأسماء المطروحة لخلافة كلينتون ومدافعة موثوقا بها عن مواقف اوباما من إيران وسوريا، وقضايا معقدة أخرى.
وستكون رايس (47 عاما) التي درست في جامعة ستانفورد ثاني امرأة سوداء تتولى حقيبة الخارجية إذا رُشحت لهذا المنصب، وصادق مجلس الشيوخ على ترشيحها. وهي لا تمت بصلة قربى إلى كوندوليزا رايس التي خدمت وزيرة الخارجية في ادارة جورج بوش.
وكانت سوزان رايس التي عملت مديرة مجلس الأمن القومي ومساعدة وزير الخارجية للشؤون الافريقية في ادارة الرئيس كلينتون، انضمت إلى حملة اوباما في عام 2007 وساعدت في قيادة طاقم السياسة الخارجية الذي كان يقدم استشارته للمرشح الرئاسي وقتذاك.
وقال مسؤولان أميركيان إن رايس اقرب بكثير إلى اوباما من كيري أو دونيلون وان تعيينها على رأس وزارة الخارجية سيضمن استمرار سيطرة البيت الأبيض على السياسة الخارجية الأميركية.
وقال مراقبون ان تصريحاتها في 16 ايلول (سبتمبر) الماضي إن الهجوم على البعثة الدبلوماسية الأميركية في بنغازي بدأ احتجاجا سلميا خطفه متطرفون يُعد عقبة أمام مصادقة مجلس الشيوخ على تعيينها ودعوة لمزيد من الانتقادات ضد طريقة الإدارة في تعاملها مع الهجوم.
ولكن انتخابات يوم الثلاثاء بددت بعض أسباب القلق وإن لم تبددها كلها، كما قال اثنان من المسؤولين الأميركيين. ولاحظ المسؤولان أن المرشح الجمهوري ميت رومني لم يتطرق إلى تصريحات رايس خلال المناظرة الثالثة والأخيرة مع اوباما، وأن اثنين من كبار الجمهوريين هما وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس، ونائب وزير الدفاع السابق بول وولفوفيتز انتقدا بعض التهجمات التي تعرضت اليها ادارة اوباما بشأن القضية.
وقال مسؤول ثالث في الإدارة إن التحقيق الجاري في الهجوم قد يكشف ان تصريحات رايس كانت تستند إلى تقارير استخباراتية أولية أُعيد النظر فيها لاحقاً وان فيلم quot;براءة المسلمينquot; المسيء قام بدور في التحريض على الهجوم.
التعليقات