يطالب اللاجئون السوريون في لبنان الذين تجاوز عددهم الـ125 ألف شخص، باقامة مخيمات لهم على غرار تلك المقامة في تركيا والأردن، لكن الحكومة اللبنانية والامم المتحدة ترفضان هذه الفكرة.


حلبا: يقيم نحو 30 في المئة من اللاجئين السوريين في شمال لبنان ويعتمدون على العائلات في استضافتهم، في حين يواجه الباقون صعوبة في العثور على سقف يأويهم. ويطالب هؤلاء الذين تجاوز عددهم الـ 125ألف شخص، باقامة مخيمات لهم لكن الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة ترفضان.

وللبنان تاريخ مضطرب مع المخيمات، حيث كان الوجود الفلسطيني عاملاً أساسيًا في الحرب اللبنانية الأهلية التي اندلعت بين العامين 1975 و1990. وتخشى السلطات اللبنانية أن يشجع انشاء مخيم للاجئين السوريين على الاستقرار في شكل دائم في حال طال أمد النزاع في بلادهم.

التوازن الديموغرافي

الى ذلك، يخشى كثير من الشيعة والمسيحيين أن تؤثر الموجة الجديدة من اللاجئين على التوازن الديموغرافي والمذهبي الهش في لبنان لصالح الطائفة السنية التي تنتمي اليها غالبية اللاجئين السوريين شأنهم شأن الفلسطينيين.

لكن العديد من هؤلاء اللاجئين يعتبرون أن اقامة المخيم أو توفير أماكن اقامة موقتة هي الحل الوحيد لتلبية احتياجاتهم الانسانية.

وتشير ارقام الامم المتحدة الى وجود اكثر من 125 الف لاجىء سوري في لبنان، 78 في المئة منهم من الاطفال والنساء. لكنّ ناشطين يؤكدون أن العدد الفعلي للاجئين الهاربين من النزاع السوري المستمر منذ 20 شهرًا هو أعلى بكثير.

بدون مخيمات... ينامون في الشوارع

ويقول الناشط السوري ايمن الحريري المقيم في محافظة عكار (شمال لبنان) التي تستضيف عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين quot;في حال عدم اقامة مخيم أو التوصل الى حل سريع، سينتهي الامر بالعائلات بالنوم في الشوارع أو العودة الى سورياquot;.

يضيف quot;لا احد يريد الاقامة في مخيم، لكن الغالبية لا يمكنها تحمل دفع 200 أو 300 دولار كبدل ايجار شهريquot;، مشيرًا الى أن اقامة المخيم quot;ستساعد ايضًا في تنظيم المساعداتquot; لأن الوضع في حالة quot;فوضى حاليًا، والعائلات الاكثر ضعفًا تدفع الثمن الاعلىquot;.

ويقول رئيس بلدية حلبا سعيد الحلبي quot;لا نعرف اين يقيم غالبية السوريين. لو كان لدينا مخيم، لكان الوضع اسهل تنظيميًاquot;.

20 ألف نازح كل شهر

ومع تصاعد أعمال العنف في سوريا المجاورة، يشهد كل شهر وصول 20 ألف نازح جديد الى الاراضي اللبنانية، كما قال منسق الامم المتحدة للشؤون الانسانية في لبنان روبرت واتكينز للصحافيين في حلبا. وتقوم الامم المتحدة والسلطات اللبنانية بمساعدة المجتمعات المحلية في استضافة السوريين، مع السعي في الوقت نفسه الى الدفع في اتجاه التنمية.

وقال واتكينز إن quot;موقف الامم المتحدة بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية، هو أن هذا الامر غير مستحب حاليًاquot;، وذلك ردًا على سؤال عما اذا كان يمكن أن تؤدي اقامة مخيمات جديدة الى التخفيف من معاناة اللاجئين.
وأضاف quot;المخيمات تخلق مشاكل اكثر مما تحلها، وهي ايضًا مرتفعة الكلفةquot;.

كذلك، يعارض سكان طرابلس، كبرى مدن شمال لبنان، اقامة مخيمات للاجئين السوريين. ويقول شريف النعيمي (28 عامًا) وهو تاجر ساعات في المدينة quot;اذا كانت لدينا مخيمات، فإن اللاجئين السوريين سيفعلون بنا ما فعله الفلسطينيون. سيصبحون امراء عليناquot;.

وفي حين يعيش غالبية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ظروفًا سيئة، انتقد كثير من اللبنانيين خلال السبعينات من القرن الماضي وجودهم المسلح. وخوفًا من أن تتكرر التجربة مع اللاجئين السوريين، ترفض بشدة الحكومة اللبنانية، التي اعتمدت سياسة quot;النأي بالنفسquot; عن الازمة السورية، اقامة مخيمات للاجئين.

ويقول النائب ميشال موسى quot;لا يوجد أي نقاش او ما شابه حول اقامة أي مخيمquot;. ويضيف هذا النائب المنتمي الى كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري المقرب من دمشق quot;لا نعتقد أن المخيم سيحفظ حقوق اللاجىء اياً كانquot;.

نقص في مواد الأزمة

وإزاء النقص في الموارد المخصصة للازمة الانسانية السورية، تعاني الامم المتحدة ايضًا من مشكلاتها الخاصة في هذا الاطار. على سبيل المثال، تواجه منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف) عجزًا نسبته 57 في المئة في تمويل برنامجها للاطفال السوريين في لبنان، وهي مشكلة تواجهها ايضًا منظمات اخرى.

وبحسب المسؤولة الاعلامية لليونيسيف في لبنان سهى بساط بستاني quot;نحن في حاجة الى أن يكون المجتمع الدولي اكثر كرمًا معنا لنتمكن من القيام بالحد الادنى المطلوب لتوفير حلول مستدامةquot;. ويعتقد عبدو (27 عامًا) وهو بائع خضار سوري في طرابلس، ان غياب الحلول طويلة الامد لازمة اللاجئين السوريين في لبنان يعود الى اسباب سياسية.

ويقول هذا السوري الذي نزح من ريف حلب الى لبنان قبل نحو خمسة أشهر quot;غالبية النازحين الى لبنان من النساء والاطفال، ويأتون غالبًا بلا مال او ممتلكات. كيف يتوقعون منهم أن يتدبروا امورهم؟quot;. يضيف quot;المخيم فكرة جيدة. لكن لبنان منقسم حيال سوريا الى درجة أن الحكومة لا تبالي ان ينام الناس في البرد. يريدون فقط أن يخفوا المشكلة تحت السجادةquot;.

ويشهد لبنان انقسامًا حادًا على خلفية النزاع السوري، ادى الى وقوع مواجهات عدة راح ضحيتها قتلى وجرحى. ويدعم حزب الله وحلفاؤه الذين يتمتعون بالغالبية في الحكومة، نظام الرئيس بشار الاسد، بينما تؤيد quot;قوى 14 آذارquot; المعارضة، المعارضين المطالبين باسقاطه.