يبدو أنّ حالة الجمود داخل جماعة العدل والإحسان المغربية لم تعد ترضي حتى أصحاب القرار فيها، بسبب عدم وجود أهداف ورهانات سياسية قابلة للتحقق، إلى جانب الارتباك في المواقف والمبادرات، ما حدا بهم الى لفت انتباه الصحافة ولو عبر رسالة مثيرة للجدل.


الرباط: يبدو أن العدل والإحسان التي تملك قاعدة شعبية مهمة في المغرب، تعيش حالة ارتباك كشفت النقاب عنها الرسالة الأخيرة لعبد الله الشيباني، عضو مجلس إرشاد الجماعة، التي تضمنت انتقادات شديدة للحكومة بقيادة الإسلاميين.

وحملت هذه الرسالة العديد من القراءات، إذ فيما يرى مراقبون أن الشيباني حاول من خلالها إخراج العدل والإحسان من quot;العزلةquot;، التي خلقت نقاشا داخليا حول المستقبل السياسي للجماعة، يشير آخرون إلى أنها أماطت اللثام عن النقاش الساخن الدائر حول خلافة الزعيم الروحي عبد السلام ياسين.

وفي هذا الإطار، قال حسن بناجح، مدير مكتب الناطق الرسمي باسم الجماعة، إن quot;التفاعل داخل العدل والإحسان دائما موجودquot;، مشيرا إلى أن quot;الجماعة معروفة بحيويتها، وقوتها العددية والاقتراحية، وانتشارها وسط مختلف فئات المجتمعquot;.

وأكد حسن بناجح في تصريح لـquot;إيلافquot;، أن quot;هذا لا يمكن أن يتأتى إلا نتيجة تفاعل أفكار وآراء مختلف الأطرافquot;.

وذكر أن quot;الجماعة لديها مؤسسات، وتعتمد على الشورىquot;، مبرزا أن quot;رأي المؤسسات هو الملزم للعدل والإحسانquot;.

وبخصوص الانتقادات التي وجّهها الشبياني للحكومة، أكد حسن بناجح أن quot;الجماعة دائما لديها رأيها ومواقفها بخصوص الأوضاع السياسية في البلدquot;، مشيرا إلى أنه quot;في تحليلها، تتحدث دائما عن أن الممسك بالقرار السياسي هو نظام يلغي جميع المؤسسات، وبالتالي الحكومة أو البرلمان، أو جميع المؤسسات التي يقال إنها المنتخبة، هي شكلية وصورية، سواء بالنسبة إلى هذه الحكومة أو تلك التي سبقتهاquot;.

وقال القيادي الإسلامي quot;الوضع المتدهور في البلد لا تتحدث عنه فقط العدل والإحسان، بل جميع الأطراف، بما فيها تلك الموجودة في الأغلبيةquot;.

من جهته، ربط بلال التليدي، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، رسالة الشيباني بـquot;حالة العزلة والانسداد السياسي الذي تعانيه الجماعة، خاصة بعد موقفها المرتبك من قضية الحراك الشعبي انخراطا وانسحاباquot;، في إشارة إلى المشاركة ثم الانسحاب من احتجاجات quot;حركة 20 فبرايرquot;.

واستبعد بلال التليدي في تصريح لـquot;إيلافquot;، أن يكون تمرير هذه الرسالة في هذه الظرفية له علاقة بقضية خلافة عبد السلام ياسين أم عدم خلافته، مشيرا إلى أن quot;الأمر أكبر من ذلك، إذ هناك حالة من الجمود داخل العدل والإحسان، بسبب عدم وجود أهداف ورهانات سياسية قابلة للتحقق، إلى جانب الارتباك في المواقف والمبادرات السياسية، وذلك نتيجة العزلة الكبيرة التي تعيشها الجماعةquot;.

وأكد المختص في الجماعات الإسلامية أن quot;هذه المؤشرات هي التي جعلت العدل والإحسان تفكر في خيار آخر للفت الانتباه إليها، بعدما لم تحظ مبادرتها السابقة بأدنى اهتمام، سواء ما يتعلق بمبادرة جميعا من أجل الخلاص في 2007، أو المبادرات التي تلتهاquot;.

وأضاف quot;أعتقد أن هذه الرسالة هي تشبه إلى حد كبير الرسالة السابقة التي وجهها مجلس الإرشاد إلى حركة التوحيد والإصلاح، أو إلى حزب العدالة والتنمية. لكن يبدو أن تلك الرسالة لم تؤد مفعولها السياسي، بحكم أنها لم تحظ بالنقاش الكافي على المستوى الإعلامي، ولم تلفت الانتباه إلى الجماعة كما كان مخططا لها. ويبدو اليوم أنه جرى، من خلال مبادرة الشيباني، إضافة لغة أخرى غير اللغة الأنيقة والمتزنة التي كانت في رسالة مجلس الإرشاد، إذ جرى إضافة لغة نقدية أحيانا تزيغ عن الأصول المعروفة في النصح لدى الحركات الإسلاميةquot;.

وقال بلال التليدي: quot;أعتقد أن هذه اللغة كان قصدها القاصد هو أن تستدرج فضول الإعلاميين، لأنه في الغالب الإعلام يميل إلى اقتناص والتقاط المشاكساتquot;، وزاد موضحا quot;هذه الرسالة كان فيها قدر من المشاكسة، وكان القصد هو لفت انتباه الإعلام إلى الجماعة، والتذكير بأنها موجودة، وأنها متحركة في المشهد السياسي، وفي الوقت نفسه هي موجهة للداخل، إذ إن هناك حراكا داخليا مؤشراته غير ظاهرةquot;.

وأضاف quot;يبدو أن هذه المبادرات، التي تصدر بين الفينة والأخرى، تؤشر إلى أن هناك حالة داخلية من عدم الرضى على المسار السياسي للعدل والإحسان. والقيادة تحاول أن تخرج بمثل هذه المبادرات لكي تشعر الداخل بأن الجماعة موجودةquot;.

وكانت الجماعة في شخص عضو مكتبها الإرشادي ودائرتها السياسية عبد الله الشيباني وجهت رسالة مفتوحة إلى عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، تطلبه بـ quot;التوبةquot; من رئاسته الحكومة، وإلا أن يستعمل ما له من صلاة مع القصر من أجل إقناع الملك على قيادة quot;ثورةquot; على ثروته الشخصية المتمثلة في امتلاكه القصور والشركات.