عمان: فاجأت شخصيات في جماعة الإخوان المسلمين الأردنية قيادتها التنظيمية والأوساط السياسية، بإطلاق إطار سياسي اجتماعي جديد تحت مسمى quot;المبادرة الأردنية للبناء،quot; تضم ممثلين عن الجماعة وشخصيات مستقلة، في خطوة قد ينظر إليها باعتبارها بداية انشقاق داخل الجماعة.
وحتى يوم الثلاثاء فقط، أعلن مؤسسو المبادرة عن إطلاقها رسميا، بعد عقد اجتماعات سرية دون علم قيادة الإخوان في العاصمة عمان، وقالوا إنها quot;تهدف إلى إخراج البلاد من أزمتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، عبر إيجاد تيار إسلامي quot;أوسع من الحركة الإسلامية والجماعة.quot;
ووضع مؤسسو المبادرة سياسات عامة تمهيدا لإقرار نظام داخلي خلال أربعة أشهر، حيث تبنت المبادرة المشاركة في الحكومات والمجالات المختلفة وفق استراتيجيات إصلاحية، والحفاظ على ما أسموه هيبة الدولة الأردنية.
واعتبرت أوساط سياسية ومراقبة، بأن إطلاق المبادرة من خارج الإطار التنظيمي للجماعة، من شأنه أن يفجر خلافات داخلية كبيرة، فيما أكدت قيادة الجماعة عدم اطلاعها المسبق على المبادرة وطلب مراقب عام الإخوان بحسب تأكيدات لـCNN بالعربية، النظر في المبادرة لاتخاذ موقف بشأنها.
وعزا محللون إطلاق المبادرة إلى وجود خلافات تاريخية بين الاتجاهين الرئيسيين، منها ما هو تنظيمي متعلق بتيار quot;شرق أردنيquot; وquot;آخر غرب أردني،quot; ومنها ما هو سياسي.
ويطلق تعبير quot;غرب أردنيquot; على المواطنين الأردنيين من أصول فلسطينية، والذي قدموا إلى البلاد بعد حربي 1948، و1967 بين الجيوش العربية وإسرائيل.
ورفض عراب المبادرة، القيادي الإخواني الدكتور رحيل الغرايبة، أن يكون إطلاق المبادرة quot;تحديا للحركة الإسلاميةquot; أو جماعة الإخوان، مؤكدا في بيان رسمي أنها مبادرة تهدف إلى quot;خلق تيار إسلامي عريض من الإسلاميين وغير الإسلاميين ومن مختلف الانتماءات الفكرية.quot;
أما عن بوادر انشقاق داخل التنظيم الإخواني على إثر إطلاق المبادرة وتقاطعها مع عمل الجماعة ومبادئها، فرفضت قيادات المبادرة ذلك، مشددة في الوقت ذاته على أنها لا تهدف quot;إلى أردنة التنظيم الإخواني.quot;
وأكد عضو المبادرة، الدكتور محمد المجالي، لـCNN بالعربية، أن المبادرة quot;جاءت مكملة لما عجزت عنه جماعة الإخوان من اهتمام بالمستوى المطلوب للشأن الأردني الداخلي،quot; فيما اعتبر أن quot;بعض الإهمال لوحظ في ذلك.quot;
وقال: quot;المبادرة ليس انشقاقا عن أحد ولا أريد أن يفهم من الحديث عن بعض الإهمال بأنه انتقاص من دور الجماعة لكن نريد التركيز على الشأن الأردني وستبقى القضايا العربية والإسلامية في الصميم وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وأرجو أن لا تفهم المبادرة على أنها أردنة للتيار الإخواني.quot;
أما عن السعي لتأسيس حزب سياسي انطلاقا من المبادرة، فنفى المجالي ذلك قائلا إن quot;هناك من يرغبون في الانخراط بالعمل العام لكن يرفضون الانتماء الحزبي ومن هنا انطلقت الفكرة.. والحديث عن حزب تعني انشقاق مبطن وهذا ما لا تسعى له الحركة.quot;
وشهدت جماعة الإخوان الأردن عدة أزمات داخلية أبرزها عام 1997، عندما قدمت قيادات بارزة استقالاتها من الجماعة في المحطة الأولى احتجاجا على قرار مقاطعة الانتخابات النيابية.
وفي عام 2007 أعلنت قيادة الجماعة حل نفسها إثر خسارة فادحة منيت بها في الانتخابات التشريعية، بينما شهدت أيضا خلافات حادة في الأعوام 2009 و2010 على خلفية قضايا تنظيمية من بنيها مطالبات بفصل ما عرف بالمكاتب الإدارية الخارجية للجماعة المرتبطة بعلاقة تنظيمية بين إخوان الأردن وحركة حماس.
وحسمت الجماعة قرارها بفصل المكاتب بطلب من حماس عام 2010.
من جهته، أعرب القيادي في الإخوان المهندس مراد العضايلة عن استغرابه من اتهام الحركة الإسلامية بإهمالها للشأن الأردني، قائلا إن quot;الحركة نزلت إلى الشارع للمطالبة بالإصلاح منذ عامين، وتقدمت جميع المسيرات المطالبة بالإصلاح.quot;
وبين العضايلة أن quot;قيادة الجماعة ستنظر في المبادرة رسميا، وستحيلها إلى الهيئة المناسبة، سواء عبر المكتب التنفيذي للجماعة أو المجلس الأعلى للإصلاح في الحركة الإسلامية بجناحيها جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي حزب جبهة العمل الإسلامي.quot;
وبشأن حدوث أي انشقاق لاحق في صفوف الجماعة، قال: quot;لقد مرت الجماعة بأزمات سابقة وخرجت منها شخصيات لكنها لم تتأثر.quot;
ومن المتوقع أن تحسم قيادة الجماعة موقفها من المبادرة خلال أيام قليلة، فيما جرت العادة في حال استعصاء حل بعض الخلافات الداخلية اللجوء إلى مكتب الإرشاد العالمي الأب الروحي لجماعة الإخوان في الأردن.
التعليقات