يتعجب سياسيون مصريون معارضون للرئيس محمد مرسي عن سر الاستعجال في إنهاء التصويت على الدستور الجديد في الجمعية التأسيسية بالرغم من مهلة شهرين أعلنها مرسي للتفاهم حول بنوده، ويقولون إن الدستور والاعلان الدستوري وجهان للفاشية الإخوانية.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: بالرغم من أن الرئيس محمد مرسي منح الجمعية التأسيسية للدستور شهرين من أجل توافق مختلف القوى السياسية على صياغة نهائية للدستور، تمهيدًا لطرحه على الإستفتاء الشعبي، إلا أن التيار الإسلامي إستعجل الأمر، وتم التصويت عل مشروع الدستور طوال اليومين الماضيين، ومن المقرر تسليمه لمرسي خلال الأربع وعشرين ساعة القادمين، لتحديد موعد الإستفتاء.

يأتي ذلك في محاولة من التيار الإسلامي بقيادة جماعة الإخوان المسلمين للخروج عنق زجاجة إعلان مرسي الدستوري، الذي ترفضه التيارات المدنية، تعتصم ضده بميدان التحرير منذ يوم 22 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.

وجهان للاستبداد الاسلامي

ترى القوى المدنية الليبرالية واليسارية، ومعها القوى الثورية، أن الدستور الجديد والإعلان الدستوري باطلان، ويعتبران وجهان لعملة واحدة هي إستبداد تيار الإسلامي السياسي. وأكدت أن الدستور خرج من رحم جمعية تأسيسية باطلة قانونيًا وسياسيًا، وأنه يعود بمصر إلى الوراء، ويقدم ضمانات للحريات والحقوق أقل من التي تضمنها دستور مبارك الذي ثار المصريون عليه.

قال محمود عفيفي، عضو المكتب السياسي لحركة 6 أبريل، لـquot;إيلافquot; إن التيار الإسلامي يقوم بمحاولات مستميتة من أجل تمرير الدستور الجديد، مشيرًا إلى أن القوى السياسية تفاجأت بسلق الدستور خلال يومين، بالرغم من أن الرئيس محمد مرسي منح الجمعية التأسيسية شهرين للتوافق بين التيار الإسلامي والقوى المدنية حول المواد الخلافية.

أضاف: quot;ما يفعله الإخوان المسلمون والتيار الإسلامي بشكل عام إبتزاز رخيص، فالجماعة تخير الشعب المصري بين إعلان دستوري ديكتاتوري ودستور معيب صادر عن جمعية تأسيسية باطلةquot;.

ولفت عفيفي إلى أن حركة 6 أبريل ستنسق مع مختلف القوى السياسية من أجل إتخاذ موقف موحد ضد الدستور الجديد، لمقاطعة التصويت عليه شعبيًا، في حالة إصرار جماعة الإخوان المسلمون عليه. ونبه إلى أن هذا الدستور لا يعبر عن المصريين، ولا يعبر عن ثورة 25 يناير، بل يعبر عن التيار الإسلامي فقط، ويفتقد لأدني درجات التوافق الاجتماعي.

أحلاهما مرّ

بينما يصر مرسي على عدم إلغاء الإعلان الدستوري، وعلى التعجيل في طرح الدستور الجديد على الإستفتاء بعد الإنتهاء منه، عقدت جبهة الإنقاذ الوطني إجتماعًا في مقر حزب الوفد، حضره الدكتور عبد الجليل مصطفى، وحمدين صباحي، والدكتور السيد البدوي، والدكتور عمرو حمزاوي، والدكتور محمد أبو الغار، والدكتور وحيد عبد المجيد، حيث أكدوا رفض الدستور الجديد، لأنه صدر عن جمعية تأسيسية فقدت شرعيتها الأخلاقية والسياسية. ودعت الجبهة إلى إستمرار التصعيد ومواصلة المظاهرات والمسيرات السلمية.

وقال جورج اسحاق، عضو الجبهة، لـquot;إيلافquot; إن الشعب المصري يرفض محاولات التيار الإسلامي وضعه بين خيارين أحلاهما مر، إما الإعلان الدستوري الذي يؤسس لدولة ديكتاتورية أو دستور باطل لا يحقق أدني درجات الحقوق والحريات للمصريين.

أضاف: quot;الدستور الجديد باطل، والإستفتاء عليه باطل أيضًا، وغير ملزم للمصريين، لأنهم لم يشاركوا في وضعه أو صياغته، بل إستأثرت به جماعة الإخوان المسلمين فقط، وضعته بما يخدم مصالحها ومصالح المتحالفين معهاquot;.

نعت المهندس بهاء الدين شعبان، المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير ووكيل مؤسسي حزب التحالف الإشتراكي المصري، الجمعية الدستورية الحالية بالمسخرة الدستورية، وقال لـquot;إيلافquot;: quot;ما يحدث جريمة كبرى، تجرى تحت جنح الظلام، وهذا يفسر الإستعجال في سلق الدستورquot;.

وأضاف شعبان أن هذا الدستور مرفوض شكلًا وموضوعًا، لافتًا إلى أن القوى المدنية لا تعترف بالجمعية التأسيسية من الأساس، quot;لأنها حُلّت بحكم قضائي وأعيد تشكيلها بناءً على الأوضاع نفسها، وهناك طعون في شرعيتها منظورة أمام القضاء الإداري والمحكمة الدستورية العلياquot;.

وتابع قائلًا: quot;هذا الدستور أسوأ الدساتير في تاريخ مصر بل في العالم أجمعquot;.

لا يرى شعبان أن الإنتهاء من الدستور وطرحه للإستفتاء سيكون حلًا للخروج من مأزق الإعلان الدستوري، quot;فالإنشغال بالتفاصيل غير مجد، لأن الدستور مرفوض شكلًا وموضوعًا، أنتجته جمعية تأسيسية باطلة، تفتقد إلى التوافق المجتمعي في إنتجه وصياغته، والغاية لا تبرر الوسيلة، فكلاهما وجهان للديكتاتورية والفاشية الإخوانية quot;. وأكد شعبان أن المجتمع سيرفض هذا الدستور حتى لو كان ملائكيًا، لأن فئاته وطوائفه لم تشترك في صياغته.

لم يُسلق

ورأى شعبان أن مرسي يسير على خطى مبارك في سلق القوانين، بل تفوق على سابقه في سلق الدساتير. ولفت إلى أن نظام مبارك كان يتعامل مع القوانين والتعديلات الدستورية بخبرة وإحترافية، عبر مجموعة من quot;ترزية القوانين المحترفينquot;.

ودعا شعبان مرسي للإستعانة بالدكتور فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب في عهد مبارك، لإعداد القوانين والدستور، إذا كان ينوي الإستمرار في السير على نهج الرئيس المخلوع.

بالمقابل، قال الدكتور حلمي الجزار، عضو الجمعية التأسيسية للدستور والقيادي بحزب الحرية والعدالة، إن الدستور الجديد يليق بثورة 25 يناير.

وأضاف لـquot;إيلافquot;: quot;الدستور الجديد لم يتعرض للسلق كما يروج البعض، فالجلسات الأخيرة التي جرى فيها التصويت على الدستور كانت تتويجًا لمناقشات وجلسات إستماع إستمرت أكثر من ستة أشهرquot;. ولفت الجزار إلى أن مختلف القوى السياسية شاركت في هذه الجلسات، ولم يتم إستبعاد أي فئة أو جهة.