تمكنت الدبلوماسية الجزائرية من التسويق لضرورة فسح المجال أما الحوار بشأن الأزمة في شمال مالي، معطلة بذلك مشروع التدخل العسكري الذي يدعمه الغرب.


الجزائر: نجحت التحركات الجزائرية على عدة مستويات في quot;تجميدquot; مشروع التدخل العسكري في شمال مالي بشكل أثار حفيظة دول غرب أفريقيا التي تقود الحملة بدعم فرنسي، حيث أعلنت عدة دول تحفظها على العملية بالإضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي حذر من عواقب ذلك.

وأعلنت الجزائر، وهي أكبر قوة اقتصادية وعسكرية مجاورة لمالي، تحفظها على مشروع التدخل العسكري منذ بداية التحركات الأفريقية ودعت لفسح المجال للتفاوض بين حكومة باماكو وحركات متمردة في الشمال تتبنى مبدأ نبذ التطرف والإرهاب.

وتتخوف الجزائر التي تربطها حدود مشتركة مع مالي بطول 1400 كيلومتر، من أن يخلف أي تدخل عسكري واسع شمال مالي مشاكل أمنية معقدة لها، فضلاً عن نزوح عشرات الآلاف من الطوارق الماليين.

وقدم وزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية مؤخرًا للمرة الاولىالطرح الجزائري بشأن الأزمة بوضوح حيث قال إنه quot;لا بد من حل سياسي يكون بدفع المتمردين الطوارق من حركتي أزواد وأنصار الدين للتحاور بحرية مع حكومة مالي وصيانة وحدة البلاد، ثم بعدها يبقى التصدي للحركات الإرهابية وتجار المخدرات أكثر سهولةquot;.

وأطلقت الجزائر بالتزامن مع حشد الدول الأفريقية لهذا المشروع تحركات على مسارين الأول دبلوماسي حيث قام وزير الخارجية مراد مدلسي ونائبه المكلف بالشؤون المغاربية والأفريقية مراد مدلسي بزيارات مكوكية في المنطقة وكذا دول غربية أخرى مثل روسيا والولايات المتحدة وفرنسا لشرح الطرح الجزائري.

كما عرفت البلاد خلال الأسابيع الأخيرة حراكًا دبلوماسيًا كثيفًا من خلال زيارات لمسؤولين دوليين ومن المنطقة بينهم وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين أشتون إلى جانب المبعوث الأممي إلى الساحل الأفريقي رومانو برودي ثم رئيس الوزراء المصري هشام قنديل وأخيرًا رئيس الحكومة التونسية حمادي جبالي الذي أعلن quot;دعم بلاده المطلق للطرح الجزائري الحكيم بشأن ماليquot;.

وأعلن وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي مؤخراً أن quot;الدول الغربية التي كانت متحمسة للتدخل العسكري في مالي بدأت بالتراجع بعد أن أدركت واقعية الطرح الجزائري وخطورة الخطوةquot;.

أما المسار الثاني للتحرك الجزائري فكان بإطلاق وساطة بين الحكومة المالية وحركتي أنصار الدين والأزواد من أجل الشروع في مفاوضات لإيجاد مخرج سلمي للأزمة في الشمال.

ووصل منذ أسبوع إلى الجزائر وفد من حركة أنصار الدين لإجراء مباحثات يحضرها ممثل عن حكومة باماكو من أجل التمهيد لإطلاق مفاوضات مباشرة بينها.

وقال وزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية في تصريح سابق بشأن المفاوضات أن quot;قبول حركتي أنصار الدين وتحرير أزواد بالشروع في مفاوضات مع حكومة باماكو لم يأتِ صدفة، وإنما بتوجيهات من الجزائرquot;.

ويرى خبراء أن حل الأزمة في مالي لابد أن يمر عبر الجزائر التي قادت وساطات من سنوات لحل أزمة مالي وكذا نفوذها الاستخباراتي الكبير في المنطقة بحكم تجربتها في مواجهة الحركات الجهادية.

وتتنازع حركتا تحرير أزواد وأنصار الدين النفوذ في شمال مالي مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد المنشقة عنه منذ أبريل/ نيسان الماضي، تاريخ سقوط شمال البلاد تحت سيطرة هذه المجموعات غداة انقلاب عسكري أطاح بالرئيس المالي توماني توري وانسحاب الجيش النظامي من الشمال.

وكانت مجموعة دول غرب أفريقيا (إكواس) قررت نشر قوة أفريقية قوامها 3300 جندي شمال مالي عقب قمة بأبوجا النيجيرية الشهر الماضي، وتمت إحالة المشروع لمجلس الأمن الذي منح المجموعة مهلة 45 يومًا لتقديم مخططها حول التدخل في شمال مالي انتهت في الـ 26 من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

وحذرت إكواس من تأخر التدخل العسكري في شمال مالي، ولكن الممثل الخاص للأمم المتحدة لمنطقة الساحل رومانو برودي قال في نهاية نوفمير/ تشرين الثاني إن التدخل العسكري في مالي غير ممكن في الوقت الراهن.

وأكد أن quot;كل الخبراء السياسيين والعسكريين متفقون على أن التدخل العسكري لا يمكن أن يحدث إلا في سبتمبر 2013quot;. داعيًا إلى quot;البحث عن حل سياسيquot; في quot;مالي والساحلquot;.