ممنوع أن يكتسب أولاد الأردنية المتزوجة من أجنبي جنسية والدتهم، خوفًا من موجة تجنيس تؤثر في حق العودة الفلسطيني، لكن هذا الخوف أقل من المآسي التي تعيشها هؤلاء النسوة وأبناؤهن، حيث لا يتمتعون بأقل الحقوق المدنية.


أيمن الزامل من عمان: للأم الاردنية قصة قد تختلف باختلاف جنسية زوجها. الحكاية تبدأ من اللحظة التي تعقد بها إحدى الاردنيات قرانها على رجل لا يحمل جنسيتها. فربما تكون أسيرة عدم معرفتها بأنها قد تعيش معاناة طوال أيام حياتها بعد الزواج، خصوصًا إذا ما رزقها الله بأبناء من شريك حياتها.

مأساة الزواج من سوري

كانت ميسون رحمها الله متزوجة من رجل سوري أصيب بالسرطان. توفي وهو في ريعان شبابه لترث قبل وفاتها حملًا كبيرًا ومعاناة اجتماعية صعبة لم تستطع أن تتحملها، لتفارق الحياة بعد عدة سنوات، وتركت وراءها أبناءً أربعة مشردين، أوصت أختها برعايتهم.

تقول أم محمد، شقيقة ميسون، لـquot;إيلافquot;: quot;منذ وفاة شقيقتي أعاني بسبب غياب أي وثيقة تساعد ابناء اختي على العيش بكرامة، خصوصًا أن والدهم سوري الجنسية، ومع الاحداث التي تعيشها سوريا منذ عامين لم نستطع أن نستخرج لهم وثائق هوية، إلا بعد عدة مراجعات للسفارة السورية في عمانquot;.

محمد، أحد ابناء ميسون، يدرس الآن في الصف الخامس، لكنه كان يجب أن يكون في الصف التاسع. بتأخر حصوله على وثائق رسمية من السفارة السورية في عمان أضاع أربع سنوات دراسية. تقول خالته ام محمد: quot;لقد سعينا لاصدار وثائق اردنية لأبناء ميسون من دون جدوى، حيث أن وزارة الداخلية الاردنية كانت ترفض اصدار أي وثيقة كون والدهم ليس اردنيًا، وبعدها قمنا بمراجعة السفارة السورية التي طلبت اوراقًا تبرر عدم وجودهم في سوريا، لكن في نهاية المطاف اصدرنا لهم جوازات سفر سورية، وعادوا إلى مقاعد الدراسة، لكن لا معيل لهم سوى رب العالمينquot;.

تناقض قانوني

قالت ناديا العالول، وزيرة شؤون المرأة في الحكومة السابقة، لـ quot;إيلافquot;: quot;عندما كنت وزيرة دولة لشؤون المرأة، كانت هذه القضية الأكثر طرحًا، فتابعتها وحاولت جاهدة ايجاد حل لأبناء هؤلاء النسوة، ليتبين لي أنه لا يوجد أي توجه أو إجراء حالي لتجنيس الأبناء او اتخاذ قرارات بشأنهم، ولهذا توجهت مبدئيًا إلى تعزيز مبدأ الحقوق المدنيةquot;.

تضيف: quot;بالنسبة للمادة 9 من قانون الجنسية الأردني، التي تحرم المرأة الأردنية المتزوجة من رجل أجنبي من حصول أطفالها أو زوجها على الجنسية الأردنية، تعديلها صعب في الوقت الحاضر، وهذا يعود إلى أسباب سياسية بحتة غير تمييزية، كما يؤكد المسؤولون الأردنيون وصناع القرار، وهي مرتبطة باتفاقيات السلام، لتأثير هذه المسألة على القضية الفلسطينية، وتحديدًا على حق العودةquot;.

وبحسب العالول، تقضي المادة التاسعة من قانون الجنسية بمنح الأم حق تجنيس ابنائها، مع ما ورد فيها بأن quot;أبناء الأردنيين أردنيون أينما ولدوا، و الأردنيون هنا تأتي بالمعنى المطلق،ويُقصد بهاالذكور والإناث، والممارسة اليوم تناقض النص القانونيquot;.

واقترحت العالول تعديلًا دستوريًا ينص على التوضيح في المادة السادسة بالدستور والتي تنص على أن الأردنيين أمام القانون سواء، لا تمييز بينهم بالحقوق والواجبات، وإن إختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين. وبالتالي يكون التعديل الدستوري المقترَح بإضافة كلمة الجنس بعد الدين بنهاية النص. تقول: quot;اذا لم يتم التوصل إلى التعديل الدستوري المطلوب، يمكن إستحداث قانون منع التمييز، الذي يضمن نهاية اشكالية عدم منح الام جنسيتها لابنائهاquot;.

لا حاجة لتعديلات دستورية

تقف العالول مع الحل الوسط، quot;وهم يعدّونني وسطية، فوضع الأردن حساس ومحاط بمنطقة مشتعلة، وينهال علينا اللاجئون من العراق وسوريا وفلسطين. وفوق هذا كله تريدون أن نمنحهم الجنسية ليأخذوا نفس حقوق المواطن الأردني؟ هذا غير ممكنquot;.

من جهتها، قالت أسمى خضر، الامينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة، لـquot;إيلافquot;: quot;على الرغم من المطالبة الواسعة من شرائح أردنية مختلفة بمنح الجنسية الأردنية لأبناء الأردنيات المتزوجات من أجنبي، لضمان حق أبناء المرأة الأردنية في التمتع بجنسية أمهم، تطبيقًا للفهم والتفسير السليم لأحكام الدستور والقانون ومبادئ المساواة، يبقى هذا القانون بعيدًا عن متناول المرأة الأردنيةquot;.

اضافت: quot;لا ضرورة لإجراء تعديلات دستورية في هذا المجال، حيث نص الدستور في الفصل الثاني المتعلق بحقوق الاردنيين وواجباتهم في المادة 5 quot;الجنسية الاردنية تحدد بقانونquot; فلا يوجد أي معيق أمام تعديل القانونquot;.

وتابعت: quot;quot;بين مطالب اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة التي قدمت للجنة الملكية لتعديل الدستور، كان أحد المقترحات إضافة كلمة الجنس للمادة السادسة من الدستور التي نصها (الاردنيون امام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين)، ما يسمح للأم الأردنية منح جنسيتها لأبنائها.

وفي توافق هذه المسألة مع الميثاق العالمي لحقوق الانسان، قالت خضر: quot;الجنسية تعني حماية الفرد عن طريق الدولة التي ينتمي إليها، تكفل حمايته داخل إقليمها وخارجه، وهو أساس التمتع بالحقوق الوطنية في البلاد، حيث أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نص أن لكل فرد حق التمتع بجنسية ماquot;.

حجج باطلة

وما زالت الناشطات بمجال حقوق المرأة يطالبن الحكومة بتعديل القانون، حتى يصبح متفقًا مع التزامات الأردن بموجب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

قالت نعمة الحباشنة، رئيسة حملة (أمي أردنية وجنسيتها حق لي)، لـ quot;إيلافquot;: quot;لا توجد احصائيات حقيقية موثقة من مصدر حكومي معتمد لأعداد تلك الفئة من النساء، وغالبية الأرقام المطروحة اعلامًيا أرقام افتراضية غير مثبتة، تبقى غير موثقة حكوميًاquot;.

أضافت: quot;لا يوجد في سجلات الحملة أكثر من 500 اسم لسيدة، منها 250 اسمًا مسجلون لدى جمعيات المجتمع المدني المعنية بالمرأةquot;.

واستهجنت الحباشنة محاولات بث القلق والخوف في الرأي العام الاردني من خلال تصوير قضية منح الاردنية جنسيتها لأبنائها على أنها مماثلة لفكرة الوطن البديل. قالت: quot;قضية منح الجنسية لأبناء الأردنيات قضية مدنية دستورية، يكفلها حق المواطنة، لكن البعض يحاول أن يرمي بظلالها على مشاكل ديموغرافية سياسية، تتعلق بالقضية الفلسطينية، ومخاوف الوطن البديل واللاجئين الفلسطينيين في الأردن، بسبب وجود بعض الحالات لسيدات متزوجات من فلسطينيين يسكنون داخل فلسطين، وتناسوا بقية الشرائح من المواطنات المتزوجات من غير فلسطينيين، وهنّ الأكثرية بناء على دراسات قامت بها جمعية النساء العربيات، وتناسوا أيضًا الرجل الأردني من اصل فلسطيني والقادر على الزواج من أربع فلسطينيات من داخل فلسطين ومنحهن الجنسية، فأكثر من ثلاثة ملايين ونصف من الفلسطينيين حصلوا على الجنسية الأردنية منذ النكبة، وتناسوا اتفاقية وادي عربة التي تنص في البند الثامن منها على التزام الأردن باعادة توطين المهجرين الفلسطينيين، كما أن معظم الطبقة الحاكمة في فلسطين حاصلة على الجنسية الأردنية، ما يعني أن تلك الحجج باطلةquot;.

عمالة الاطفال

في المدارس الحكومية، يعامل ابناء الأردنية معاملة الوافد، ويطلب منهم تصريح عمل الأب أو اذن الاقامة للسماح بقبولهم. تطالب الحباشنة باستثناء أبناء المطلقة والأرملة من هذا التدبير، بعد اثبات أنها وصية على الأبناء، لكي لا يستغل الأطفال كعمالة، ما يخالف القوانين الدولية وقوانين عمالة الأطفال الأردنية.

تضيف: quot;لا يحق لأبناء الأردنيات المنافسة في الجامعات الحكومية، وهم محرومون أيضًا من أي مكرمة تعليمية، حتى إن كانت الأم من اللواتي يحق لهن الاستفادة من مكرمة التعليم كالمعلمات.

ووفقًا لحباشنة، فإن الكثيرين من أبناء الأردنيات لا يحملون أي وثائق ثبوتية لعدة أسباب، كوجود خلافات بين الأم والأب، أو لأن الام غير قادرة على تصحيح اوراق ابنائها الثبوتية بسبب تراجع الحالة المادية، وعدم قدرتها على الذهاب إلى بلد الأب، وصعوبة الاجراءات التي تطلبها السفارات الأجنبية من الأمهاتquot;.

واشارت الحباشنة إلى أن عددًا كبيرًا من الأمهات الأردنيات يعملن داخل المنازل كخادمات للانفاق على ابنائهن وبناتهن، على الرغم من تقدمهن في العمر، بسبب عدم حصول الابناء على تصاريح عمل أو اقامة.

استجداء للتبرع بالدم

وتثير حباشنة مسألة مثيرة للجدل، هي عدم احقية أبناء الاردنيات المتزوجات من أجانب الحصول على مكرمة ملكية للعلاج، ما يجعلهم تحت رحمة الظروف وقدرة الأم على معالجتهم أو تبرع أصحاب النفوس الطيبة، ما يزيد من الذل الذي يشعرون به.

تقول: quot;ثمة ما هو أخطر، فإن احتاجت الأم الأردنية للتبرع بالدم من ابنها أو ابنتها غير الأردنية لأي ظرف، يفرض على الابناء دفع رسوم مضاعفة للتبرع بالدم تحت حجة فحص الدم لكل لتر، حتى لو كانوا لم يغادروا الأردن، ما يضطر الابناء إلى استجداء الآخرين من اجل التبرع للام أو الاب ووقوفهم عاجزين عن هذا بسبب الرسوم المفروضةquot;.

إلى ذلك، لا يقدر ابن الأردنية أن يستخرج رخصة قيادة الا بعد الموافقة الأمنية وحسن السير والسلوك وإثبات عدم محكومية، وتقديم اوراق سيارة مسجلة باسم الأم، واقامة سارية المفعول أو تصريح عمل أو إفادة طالب وشهادة تملك او استثمار منزل.