يبدو أن إعلان النتائج الأولية على استفتاء الدستور في مصر لا يختلف كثيرًا عن الإنقسام الحاد الذي تشهده البلاد. ففيما يحتفل الإسلاميون بالموافقة على الدستورقالت جبهة الإنقاذ الوطني إن المصريين صوتوابـ quot;لاquot; على المشروع.


صبري حسنين من القاهرة، وكالات: تتضارب النتائج الأولية للإستفتاء على الدستور التي تعلنها جماعة الإخوان المسلمين والمعارضة. بينما قالت جبهة الإنقاذ الوطني إن المصريين رفضوا الدستور، قالت حركة 6 أبريل إنها سوف تكثف جهودها من أجل حشد المصريين للتصويت بـquot;لاquot; في المرحلة المقبلة.

وحمل الطرفان كل منهما الآخر المسؤولية عن إندلاع أعمال العنف خلال الأيام الماضية، والإعتداء على مقر حزب الوفد، وبعض مقار الصحف المناهضة للإخوان، اعترفت بعض فصائل المعارضة بموافقة المصريين على الدستور، معلنة العمل على الحشد من أجل رفض الدستور في المرحلة الثانية التي تعقد في 22 كانون الأول (ديسمبر) الجاري. ورغم تضارب النتائج إلا أن الإسلاميين يحتفلون بالموافقة.

تضارب النتائج

وقال التيار الشعبي بزعامة المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي إن النتائج التي رصدتها غرفة العمليات الخاصة به، تشير إلى رفض المصريين مشروع الدستور الجديد، وقال إن النتائج تتضمن: quot;القاهرة: 32 % نعم - 68 % لاquot;، quot;الاسكندرية: 28 % نعم - 72 % لاquot;، quot;الغربية: 44 % نعم - 56 % لاquot;، quot;الدقهلية: 47 % نعم - 53 % لاquot;، quot;الشرقية: 58 % نعم - 42 % لاquot;، quot;أسيوط: 71 % نعم - 29 % لاquot;، quot;سوهاج: 77 % نعم - 23 % لاquot;، quot;أسوان: 83 % نعم - 17 % لاquot;، quot;شمال سيناء: 85 % نعم - 15 % لاquot;، quot;جنوب سيناء: 77 % نعم - 23 % لاquot;.

وقالت غرفة عمليات حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين إن النتائج تشير إلى موافقة المصريين على الدستور بنسبة، 56.5%، مشيراً إلى أن الممارسة الديمقراطية فى الاستفتاء في المرحلة الأولى تعبر عن وعي الشعب وإرادته الحرة، وتؤكد رغبته في تحقيق الاستقرار السياسي والدستوري رغم كل حملات التشويه القاسية والظالمة، ولفت إلى أن الإستفتاء جرى في جو من النزاهة والشفافية تحت إشراف قضائي كامل ومراقبة إعلامية محلية وعالمية وفي وجود المنظمات الحقوقية.

ونبّه إلى أن هذه النتائج جاءت بعد فرز 99% من الصناديق، quot;أسوان: نعم 76.4٪، لا 23.6٪quot;، quot;أسيوط: نعم 76%، لا 23.5٪quot;، quot;الإسكندرية: نعم 55.6٪، لا 44٪quot;، quot;القاهرة:نعم 43.1٪،لا 56.9٪quot;، quot;الدقهلية: نعم 55.1٪، لا 44.9٪quot;، quot;الغربية: نعم 47.9٪، لا 52.1٪quot;، quot;شمال سيناء: نعم 78.3٪ لا 21.7٪quot;، quot;الشرقية: نعم 65.9٪، لا 34.1٪quot;، quot;جنوب سيناء: نعم 63.9٪، لا 36.1٪quot;.

إنقسام الشارع المصري

وقال محمد عادل عضو المكتب السياسي لحركة 6 أبريل، إن النتيجة شبه النهائية للمرحلة الأولى أطاحت بأحلام التيار الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين، مشيراً إلى أن ما يقرب من نصف الشعب المصري قال quot;لاquot; في مواجهة مشروع الدستور quot;المسلوقquot;، بعد فضح كل محاولات التيار الإسلامي خداع الشعب المصري حول هذا الدستور، مؤكداً أن الحركة لن تتوقف عن دعوة المصريين للتصويت بـ quot;لاquot;.

واعترف عادل بموافقة المصريين على الدستور في المرحلة الأولى، وقال إن نسبة التصويت العالية بـquot;لاquot; والتي تقارب الـ44%، تؤكد على وجود إنقسام رهيب في الشارع المصري، حول هذا الدستور، وأضاف أنه من غير المعقول في بلد محترم أن يتم تمرير دستور مع نسبة رفض تقارب الـ44%، وهي نسبة عالية جداً في ظل مشاركة 31% فقط من عدد الناخبين المسموح لهم بالتصويت، رغم كل التجاوزات التي سجلت من قبل التيار الإسلامي ومحاولات توجيهه الناخبين للتصويت بالموافقة وقت الإستفتاء.

ولفت إلى أن أعضاء الحركة بدأوا في تكثيف تحركاتهم ضد الدستور الجديد، ونبّه إلى أنهم واثقون في قدرتهم على إسقاطه، لاسيما في ظل عدم تضمينه مكتسبات ومطالب الثورة ومنها: العدالة الإجتماعية والحريات العامة والشخصية.

استغلال الفقر والأمية

وفيما يعد إعترافاً ضمنياً من المعارضة أيضاً بنجاح التيار الإسلامي في حشد المصريين للموافقة على الدستور، قال الناشط القبطي الدكتور نجيب جبرائيل، رئيس الإتحاد المصري لحقوق الإنسان، إن استغلال الفقر والأمية والدين فى الحشد بـquot;نعمquot; في محافظات الصعيد وبعض محافظات الدلتا وراء هذه النتيجة، متهماً الإخوان بوضع العراقيل أمام أهالي القاهرة والإسكندرية الذين يميلون إلى رفض الدستور.

وقال إن quot;بطء اللجان في تمكين الناخبينمن التصويت في كثير من أحياء القاهرة والاسكندرية والمعروفين بميولهم برفض مسودة الدستور، وغلق لجان كثيرة قبل الميعاد المحدد، أهدر مبدأ تكافؤ الفرص.

شكوك بشفافية التصويت

ولفت إلى أن الشكوك فى شخصية بعض رؤساء اللجان أضفت كثيرًا من عدم الشفافية على عملية الاستفتاء. ودعا جبرائيل اللجنة العليا للانتخابات أن تحقق في كافة وقائع خروقات الاستفتاء، مشيراً إلى أنه يجب عليها أن تطلب جميع المحاضر التي حررت بأقسام الشرطة، وتفصل فيها قبل المرحلة الثانية حتى لا يؤثر ذلك على سير الإستفتاء في المرحلة النهائية.

الحرية والعدالة ينفي

وفي مواجهة الإتهامات بالتزوير وإرتكاب خروقات، قال الدكتور جمال حشمت القيادي في حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، لـquot;إيلافquot; إن هذه الإتهامات عارية تماماً من الصحة.

وأشار إلى أنّ جماعة الإخوان أو حزب الحرية والعدالة لا علاقة لهم بالإستفتاء على الدستور، ولفت إلى أن اللجنة العليا للإنتخابات، وهي لجنة قضائية، المسؤولة عنه، منوهاً بأن عملية الإستفتاء أجريت تحت الإشراف القضائي الكامل.

وأكد أن الإستفتاء أجري تحت أعين منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام المصرية إضافة إلى المنظمات ووسائل الإعلام الدولية، فضلاً عن مراقبة المصريين أنفسهم، في ظل الكثافة العالية في التصويت، معتبراً أن إتهامات التزوير غير مقبولة، وغير صحيحة وتعبر عن إفلاس سياسي.

quot;نعمquot; تكسب دائما في استفتاءات مصر

تشهد جمهورية مصر العربية هذه الايام استفتاءها ال 23 منذ 1952 وذلك لتقرير مصير مشروع دستور يثير انقساما سياسيا حادا في الاوساط السياسية والشارع.

وسبق هذا الاستفتاء 22 استفتاء فازت في جميعها الquot;نعمquot;.

وباستثناء عهد اول رؤسائها محمد نجيب (1952-1954) الذي لم يشهد اي استفتاء، فقد شهدت باقي الفترات استفتاءات.

وكانت نتائج الكثير من هذه الاستفتاءات محل تندر بنسبها التسعينية ومحل انتقاد المعارضة ومنظمات حقوق الانسان.

واعتبر بعض خبراء القانون الدستوري ان الاستفتاء عبر تاريخ مصر، تحول في ظل غياب الديموقراطية الحقيقية والحريات وتكافؤ الفرص وتفشي الامية والفقر، من استشارة شعبية ديموقراطية الى مجرد اداة لquot;الاستبداد الديموقراطيquot;.

وحتى قبل الاطاحة بالرئيس حسني مبارك في بداية 2011، لم يخل عهد من استفتاءات فازت فيها quot;نعمquot; باكثر من 90 بالمئة، لعل اشهرها ما يعرف باستفتاء quot;الخمس تسعاتquot; في تشرين الاول/اكتوبر 1981 الذي تولى بموجبه حسني مبارك خلافة انور السادات وفاز فيه بنسبة quot;99,999 بالمئةquot;.

وفي ما يلي عرض للاستفتاءات التي شهدتها مصر منذ 1952:

فترة جمال عبد الناصر (1954-1970):

- استفتاء حزيران/يونيو 1956 حول الدستور واختيار جمال عبد الناصر رئيسا لاول مرة.

- استفتاء شباط/فبراير 1958 حول قيام الوحدة بين مصر وسوريا واختيار جمال عبد الناصر رئيسا للجمهورية العربية المتحدة.

- استفتاء آذار/مارس 1965 لاختيار جمال عبد الناصر رئيسا للمرة الثانية.

- استفتاء ايار/مايو 1968 على بيان 30 آذار/مارس.

فترة انور السادات (1970-1981):

- استفتاء تشرين الاول/اكتوبر 1970 لاختيار أنور السادات رئيسا بعد وفاة عبد الناصر.

- استفتاء اول ايلول/سبتمبر 1971 حول اتحاد الجمهوريات العربية بين مصر وسوريا وليبيا.

- استفتاء 11 ايلول/سبتمبر 1971 على الدستور الدائم.

- استفتاء ايار/مايو 1974 حول ورقة تشرين الاول/ اكتوبر.

- استفتاء ايلول/سبتمبر 1976 لاختيار انور السادات رئيسا لفترة ثانية.

- استفتاء شباط/فبراير 1977 حول مجموعة قوانين حماية الوحدة الوطنية.

- استفتاء ايار/مايو 1978 حول قانون العيب وقوانين حماية الجبهة الداخلية.

- استفتاء نيسان/ابريل 1979 حول معاهدة السلام مع اسرائيل وحل مجلس الشعب.

- استفتاء ايار/مايو 1980 حول عدم تحديد مدة الرئيس ومجموعة تعديلات دستورية.

- استفتاء ايلول/سبتمبر 1981 على اعتقالات سبتمبر وما سمي بمبادىء الوحدة الوطنية.

فترة حسني مبارك (1981-2011):

- استفتاء تشرين الاول/اكتوبر 1981 لاختيار مبارك رئيسا بعد اغتيال السادات.

- استفتاء شباط/فبراير 1987 حول حل مجلس الشعب.

- استفتاء تشرين الاول/اكتوبر 1987 لاختيار مبارك رئيسا لفترة ثانية.

- استفتاء تشرين الاول/اكتوبر 1993 لاختيار مبارك رئيسا لفترة ثالثة.

- استفتاء ايلول/سبتمبر 1999 لاختيار مبارك رئيسا لفترة رابعة.

- استفتاء ايار/مايو 2005 حول تعديل المادة 76 من الدستور ليصبح الرئيس ينتخب مباشرة من الشعب.

- استفتاء آذار/مارس 2007 حول تعديل 34 مادة من الدستور.

فترة المجلس العسكري (2011-2012)

- استفتاء 19 آذار/مارس 2011 حول تعديل 9 مواد من الدستور.

فترة محمد مرسي (بداية من حزيران/يونيو 2012)

- استفتاء 15و22 كانون الاول/ديسمبر 2012 حول مشروع دستور. نظمت السبت الماضي مرحلته الاولى في عشر محافظات وتنظم السبت القادم مرحلته الثانية في 17 محافظة.

وهو اول استفتاء في عهد اول رئيس مدني واسلامي منتخب لمصر، والثاني منذ quot;ثورة 25 ينايرquot; 2011.