فيما تجري الإستعدادات على قدم وساق من أجل تنفيذ المرحلة الأولى من الإستفتاء على الدستور غدًا السبت، تخوف عددٌ من منظمات المجتمع المدني من تزوير نتائج الإستفتاء، في ظل إمتناع المنظمات الحقوقية الكبرى عن مراقبة أعمال التصويت، وإقتصارها على منظمات لا تتمتع بالخبرة في أعمال المراقبة.


امتنعت منظمات حقوقية كبرى عن مراقبة الاستفتاء على الدستور غدًا السبت، 15 كانون الأول (ديسمبر)، فأعربت منظمات المجتمع المدني المصري عن خوفها من تزوير الاستفتاء، بعد إشتراط اللجنة العليا للإنتخابات موافقة المجلس القومي لحقوق الإنسان على مراقبة أي منظمة للإستفتاء، ما أعتبرته نوعًا من الوصاية عليها.

وأعرب يوسف عبد الخالق، رئيس شبكة مراقبون بلا حدود التابعة لمؤسسة عالم واحد للتنمية وحقوق الإنسان، عن خشيته من عدم حيادية المجلس في تنظيم مراقبة منظمات المجتمع المدني، quot;لأن رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان يشغل منصب رئيس الجمعية التأسيسية، التي أعدت الدستور الذى سيتم الاستفتاء عليه، كما شارك عدد من أعضاء المجلس في عضوية الجمعية التأسيسية لإعداد الدستورquot;.

وأشار عبد الخالق إلى أن المجلس أثبت في عدة مناسبات أنه يفتقر إلى معايير المهنية في عمله، وأنه غير حريص على حماية حقوق الانسان، من خلال ممارساته الضعيفة والمتخاذلة تجاه أحداث العنف وقتل المتظاهرين السلميين في شهري تشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر) 2012، والتي لم يحرك أمامها ساكنًا، فضلًا عن أداء المجلس المجامل للمواقف الرسمية للنظام السياسي الحالي، وهو ما يدل على أنه متأثر في عمله بدرجة كبيرة بتواجد أعضائه المنتمين للتيار الإسلامي.

تزوير تلو الآخر

حذرت 21 منظمة حقوقية مصرية، هي أغلب المنظمات الكبرى التي تتصدر المشهد الحقوقي في مصر، من تزوير عملية الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، بسبب ما أعتبرته وصاية من المجلس القومي لحقوق الإنسان عليها.

وقالت المنظمات في تقرير لها تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه: quot;إن المناخ المحيط بعملية الاستفتاء لا يعطي مؤشرات بنزاهة عملية الاستفتاء، فبعد أن تم تزوير الإرادة الشعبية في تشكيل جمعية تأسيسية لا تمثل كافة طوائف الشعب وتياراته السياسية، ثم الإصرار على التعجيل بالاستفتاء على الدستور المقترح من دون إتاحة حد أدنى كافٍ من الوقت للشعب لمناقشته، يحاول المجلس القومي لحقوق الإنسان احتكار تنظيم مراقبة المجتمع المدني على الاستفتاء، بالرغم من أن المجلس غير محايد ويفتقر إلى أدنى معايير المهنية في عمله، بل يفتقد إلى الإلمام بحقوق الإنسان، لا سيما بعد الاستقالات التي تقدم بها عدد كبير من أعضائهquot;.

ووصف بيان المنظمات أداء المجلس بالمجامل للمواقف الرسمية للدولة، والصامت عن الانتهاكات التي يرتكبها حزب رئيس الجمهورية، متهمًا عددًا من أبرز أعضاء المجلس بالمساهمة في انتهاكات حقوق الإنسان في مناسبات متعددة، عن طريق التحريض على كراهية الشيعة والأقباط والمتظاهرين السلميين المعارضين لجماعة الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي عند قصر الاتحادية.

لا يليق بمصر

ولفتت بيان المنظمات الحقوقية إلى أن رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان هو رئيس الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، وغالبية أعضاء المجلس القومي هم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين، وممثلين بالجمعية التأسيسية لصياغة الدستور المطروح للاستفتاء، وبالتالي فهم لا يتمتعون بالحيادية.

أضاف: quot;لهذه الأسباب، كان حريّ باللجنة العليا استبعاد أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان من مراقبة الاستفتاء ومن الوصاية على المجتمع المدنيquot;.

وأكدت المنظمات أن اللجنة العليا للانتخابات هي الجهة المنوط بها إصدار تصاريح مراقبة الإنتخابات والإستفتاءات لمنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية، ووسائل الإعلام المحلية والدولية. ونبهت إلى أنها سوف تراقب الاستفتاء على مسودة الدستور استنادًا إلى الحكم القضائي الذي سبق وحصلت علية بأحقية مؤسسات المجتمع المدني في مراقبة الانتخابات.

وقال بهي الدين حسن، رئيس مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، لـquot;إيلافquot; إن الدستور الجديد لا يعبر عن المصريين جميعًا، ويضم موادًا ضد حقوق الإنسان، معتبرًا أن البيئة والظروف التي يجرى فيها الإستفتاء غير مشجعة، ولا تؤشر على أن الأمور تيسير في الإتجاه الصحيح، لا سيما في ظل منح الجيش الضبطية القضائية، وإستمرار العنف، وعدم إستماع مؤسس الرئاسة لأصوات المعارضة، لا سيما فيما يخص تأجيل الإستفتاء، وعرض الدستور للمناقشة، حتى يخرج بصورة تليق بمصر الثورة.

أعلن مركز ابن خلدون، أحد أكبر مؤسسات المجتمع المدني في مصر، امتناعه عن مراقبة الإستفتاء، مرجعًا ذلك إلى أن quot;الدستور مشوه ولا يليق بمصرquot;. وقال الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس مجلس أمناء المركز، إن المشاركة في المراقبة تمنح هذا الإستفتاء والجمعية التأسيسية التي أنتجته شرعية لا تستحقها، مشيرًا إلى أن الأوضاع في مصر تسير عكس إتجاه الثورة.

راقب يا مصري

في السياق ذاته، أطلقت نحو 12 منظمة حقوقية حملة لمراقبة الإستفتاء، حملت اسم quot;راقب يا مصريquot;. وستقوم هذه الحملة بإصدار تقارير إعلامية بشأن حرية ونزاهة العملية الانتخابية في جولتيها المقررتين يومي 15 و 22 كانون الأول (ديسمبر) 2012، مع تقييم دور اللجنة العليا لإدارة العملية الإنتخابية.

وقال محمود البدوي، منسق هذه الحملة، إن عملية مراقبة الاستفتاء تعد أحد الضمانات المهمة في ظل اللحظة الفارقة التي تشهدها مصر. وأشار إلى أنّ مراقبة الاستفتاء تأتي من منطلق وطني، وأن المنظمات قررت مراقبة الاستفتاء على دستور الثورة quot;بالرغم من تحفظاتها العديدة على كثير من مواده، ورفضها مواد اخرى، وتحفظها على الطريقة التي تم بها تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، التي لم تراعِ تمثيل كافة ألوان الطيف السياسي المصريquot;.

وقال وائل كرم، رئيس غرفة عمليات حملة quot;راقب يا مصريquot;، إن الحملة تتكون من 15 جمعية ومنظمة مصرية، تعتمد في عملها على مجموعة من المراقبين المتطوعين ممن لهم خبرة في مجال المراقبة، من المحامين والصحفيين وناشطي المجتمع المدني، سبق التعاون معهم في الإنتخابات السابقة.