يشكك كثيرون بمصداقية الرئيس المصري محمد مرسي بعد اعتراف معتقلين بأنّهم تعرضوا للتعذيب على يد أنصاره، ما يعيد الى ذاكرة المصريين أساليب الرئيس المخلوع حسني مبارك.


بعد هجوم أنصار الرئيس المصري محمد مرسي على خصومهم السياسيين أثناء اعتصامهم أمام قصر الاتحادية الأسبوع الماضي، برزت الكثير من الشكوك حول مصداقية أول رئيس منتخب في تاريخ مصر، فيما اتهمه البعض باعتماد quot;أساليب مباركquot;، نسبة إلى الهجمات التي تعرض لها المعتصمون خلال ثورة يناير على يد بلطجية الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وعمد أنصار مرسي إلى تعذيب المعارضين لإرغامهم على الاعتراف بأنهم تلقوا المال من أجل الاحتجاج، كما فشلت حلول الرئيس حتى الآن في وقف الاحتجاجات مع إصراره على إجراء الاستفتاء على الدستور في موعده السبت القادم.
واعتقل أنصار مرسي عشرات المعارضين أمام قصر الاتحادية وقاموا بالهجوم عليهم وربطوا أيديهم لساعات على الرصيف خارج القصر الرئاسي للضغط عليهم للاعتراف بأنهم تلقوا المال للخروج في مظاهرات ضد مرسي.
quot;الانتهاكاتquot; التي شهدتها مصر خلال قتال الشوارع بين الإسلاميين وخصومهم أصبحت واضحة مع تراكم الشهادات وتسجيلات الفيديو المصورة التي توثق هذه quot;الاعتداءاتquot; وباتت تضر بمصداقية الرئيس مرسي وحلفائه.
أحد ضحايا الهجمات، يحيى نجم (42 عاماً)، وهو ديبلوماسي سابق يعاني من كدمات واضحة في وجهه، قال لصحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot;: كان الأمر أشبه بالتعذيب. اتهموني بالخيانة أو التآمر ضد البلاد. اعتقدت أني سأموتquot;.
واعتبرت الصحيفة أن مرسي وانصاره يستخدمون نفس تكتيكات مبارك، بالزعم أن هناك quot;أياد خفيةquot; ومؤامرة وراء المعارضة، إلا أن المدافعين عن حقوق الإنسان يقولون إن الاعتقالات أثارت تساؤلات مقلقة حول التصريحات التي أدلى بها الرئيس خلال خطابه الخميس الماضي، لا سيما وأن الرئيس استشهد ببعض الاعترافات التي حصل عليها أنصاره خلال احتجازهم للمعارضين.
وقال خالد قزاز، المتحدث باسم مرسي، إن الرئيس أمر باجراء تحقيق في الانتهاكات المبلغ عنها وطلب من المدعي العام توجيه اتهامات ضد المعنيين، مشدداً على أن مرسي كان يشير في خطابه إلى الاعترافات التي حصلت عليها الشرطة، وليس شهادات مؤيديه.
لكن منظمة quot;هيومن رايتس ووتشquot; والمحامين المشاركين في القضية، إلى جانب 130 شخصاً تقريباً ممن انتهى بهم المطاف في الحجز ليلة الاربعاء، قالوا إن الشرطة لم تحصل على أي شهادات أو اعترافات.
quot;تصريح مرسي كان مزيفاً بالكاملquot; قال كريم مدحت النراح، وهو باحث في سلوك الشرطة في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مضيفاً أنه quot;لم يكن هناك اعترافات، والجميع تعرضوا للضرب، كما لم تكن هناك قضية أو تحقيق، على الإطلاق، وأطلق سراحهم في اليوم التاليquot;.
وقال مسؤولون في جماعة الإخوان المسلمين إن المجموعة تعارض مثل هذه التصرفات، مشددين على أنهم لم ينظموا الاعتقالات، كما أن واحدة من الضحايا قالت إن أحد قادة جماعة الإخوان أنقذها من الاعتقال. لكن المسؤولين اعترفوا أيضاً أن بعض قياداتهم كانوا في الساحة أثناء الهجمات، وان بعض الأفراد شاركوا في الاعتقالات، جنباً إلى جنب مع الإسلاميين الأكثر تشدداً.
دافع جهاد الحداد، منسق العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة، عن قرار الجماعة لدعوة أعضائها وأنصارها الإسلاميين للدفاع عن القصر من هجوم محتمل من قبل المحتجين. وقال إن الهدف من الدعوة إلى تظاهرة لمؤيدي مرسي أمام قصر الاتحادية كان هدفها ''حماية الشرعية المنتخبة''، وذلك في ظل تقاعس الشرطة ومحاولات اقتحام القصر الجمهوري فى محيط الاتحادية.
وعلى الرغم من أن هذه الخطوة أدت إلى اشتباك المناصرين مع المعارضين وسقوط وضحايا وجرحى، اعتبر حداد انه quot;في ظل تقاعس الشرطة، واحتمالية الصدام الدموي مع الحرس الجمهوري، وإصرار المجموعات المسلحة على الاقتحام وتلميح المعارضة بمجلس رئاسي، اتخذت الجماعة هذا القرار لأنها لم تجد سبيلاً آخر في الدفاع عن الرئيسquot;.
كلا الجانبين في تلك الليلة استخدم العنف، وأعلن الإخوان عن مقتل ثمانية أعضاء من منظمتهم، فيما يقول نشطاء حقوق الإنسان إنهم لا يعرفون حتى الآن عدد الوفيات من جانب المعارضة.
ولكن قد يجادل البعض بأن جماعة الإخوان، وهي أكبر مجموعة إسلامية في مصر، أثارت أعمال العنف من قبل استدعاء أنصار مرسي quot;للدفاع عن القصرquot;.
quot;إن شاء الله، أعضاء حزب الحرية والعدالة سيكونوا على خط الجبهةquot;، كتب عصام العريان، عضو الحزب المقرب من جماعة الاخوان في رسالة إلى أنصاره عبر الإنترنت.
في وقت لاحق، وعندما بدأت المعركة، قال العريان على شبكة التلفزيون التابعة للإخوان: quot;هذه هي الفرصة لإلقاء القبض عليهم والكشف عن الطرف الثالث الذي يقف وراء إطلاق النار وقتل المحتجينquot;.
بعد حلول الظلام، اشتبك الآلاف من الإسلاميين وخصومهم العلمانيين واستخدموا الحجارة والقنابل البنادق في بعض الأحيان. وكانت شرطة مكافحة الشغب متواجدة في جميع أنحاء المنطقة، لكن لم تفعل شيئاً يذكر للتدخل.
وقال حداد إن الاعتقالات بدأت بعد أن دعا قادة الإخوان أنصارهم للدفع نحو المقدمة وبناء حاجز مؤقت أمام القصر لأنهم quot;أدركوا أن هناك بلطجية بين التجمعات، مسلحين بالسكاكين والبنادق ويطلقون النار على الجانبينquot; مشيراً إلى المهاجمين الذين جاءوا من طرف المعارضة.
وأضاف: quot;هؤلاء هم الذين تم القبض عليهم، وتعرضوا للضرب من الشبان المتجمهرين حولهم، بينما حاول قادة الإخوان التدخلquot;.
من بين المعتقلين، علا شهبا، وهي ناشطة معروفة في الحزب الاشتراكي، تقول إن أنصار الرئيس اعتقلوها عندما حاولت التراجع عن خط الاشتباك، وبدأوا بضربها ثم أدركوا انها امرأة وحاولوا الاساءة اليها.
quot;لم أكن أتخيل أنني سأتعرض للتحرش من قبل مجموعة تابعة للإسلام السياسيquot;، قالت شهبا في مقابلة مع المذيع يسري فودة، وقد ظهرت الكدمات السوداء والزرقاء على عينيها وعنقها. وأضافت أن مهاجميها أرادوا منها أن تخبرهم quot;في أي سفارة تعقد الاجتماعات وتتلقى الأموالquot;؟