في أربعين الحسين، كما كل عام، يتقاطر الآلاف مشيًا على الاقدام إلى كربلاء لإحياء ذكرى معركة الطف، على طريق طويل حوله استراحات تفتقر إلى النظافة وإلى الأمان من العمليات المسلحة.


في الوقت الذي يستعد فيه عراقيون لزيارة مدينة كربلاء في الاسبوع المقبل مشيًا على الاقدام، في ذكرى أربعين الامام الحسين الذي دُفنفي المدينة، يأمل كثيرون في انجاز مشروع طريق quot;يا حسينquot; ليسير بطول 120 كيلومترًا، بمحاذاة الشوارع المؤدية من المدن الوسطى والجنوبية إلى كربلاء، وزرع ملايين أشجار النخيل والزيتون على جانبيه.

طريق موازٍ

تشهد اربعينية استشهاد الامام الحسين بن علي بن ابي طالب زيارة سنوية، حيث يتوافد ملايين الزوار من العراق ومن خارجه إلى كربلاء مشيًا على الاقدام. الا أن ما يعيق هذه الزيارات، بحسب المهندس رحيم حسن الذي يشرف على اجزاء من مشروع quot;يا حسينquot;، هي الفوضى الادارية والتنظيمية، اضافة إلى الارتجال في الفعاليات المختلفة.

تم تمويل المشروع، بحسب حسن، من التبرعات والأموال الواردة إلى شبابيك الأضرحة المقدسة، وقسم الهدايا والنذور في العتبات المقدسة، وكذلك عبر تطوع مؤسسات وجهات حكومية عراقية بتوفير الآليات والكوادر والحماية الامنية.

اضاف: quot;تؤدي زيارات الحشود من مختلف المناطق إلى انقطاع الطرق كل عام، حيث يتعذر على وسائط النقل الحركة، اضافة إلى تعرض الزوار لمخاطر المشي في الطرق الرئيسية، ما استدعى التفكير بإيجاد طرق رملية محاذية بجانب الطرق الرئيسية مخصصة للسير على الاقدامquot;.

وقال المهندس ضياء مجيد الصايغ، رئيس قسم المشاريع الهندسية في العتبة العباسية، إن جزءًا من المشروع الممتد في موازاة طريق كربلاء - النجف، ويبلغ عرضة 15 مترًا، قد تم انجازه بشكل كامل، وسيساهم في تخفيف الزخم عن الطريق الرئيسي ويسمح بانسيابية حركة المركبات.

وبحسب إحصائيات العتبة الحسينية، شهد العام الماضي قدوم نحو 1,6 مليون زائر خلال شهر واحد، بينهم حوالي نصف مليون زائر عربي وأجنبي من العراق ومن أكثر من خمسين بلدًا في العالم.

لا نظافة

يقيم الناس مقرات لمواكبهم بصورة ارتجالية على الطرق الرئيسية، يلجأ اليها المشاة لغرض الاستراحة والنوم أو لتناول الطعام والمشروبات. وعلى الطرق من الديوانية إلى النجف، يُلاحظ المراقب مئات الاماكن التي بُنيت بطريقة عشوائية وغير منتظمة لغرض تأمين المبيت والمأكل والدواء في بعض الأحيان للزائرين.

يقول ابو حيدر الزيادي، الذي بنى هيكلًا من الطابوق والأخشاب على شكل قاعة صغيرة وغرفة ومرافق صحية، إنه يستقبل سنويًا المئات من المشاة إلى كربلاء، فيرتاحون قليلًا أو ينامون.

وغالبًا ما يقصد الناس العتبات المقدسة على شكل جماعات، برفقة الاهل والأصدقاء والجيران. وبحسب المزارع رؤوف جابر، الذي يسكن بمحاذاة الطريق، تبلغ المعاناة اشدها بسبب النفايات التي يرميها الناس في الطرقات اثناء سيرهم نحو كربلاء.

ويشير جابر إلى آلاف القناني البلاستيكية المرمية وبقايا الاكل وفضلات الانسان على طول الطرقات، ما يشير إلى عدم اكتراث الزائر بنظافة الاماكن والمدن التي يمر فيها، وهو يقطع مئات الكيلومترات مشيًا. وتخلو الطرق من أية حاويات قمامة أو أماكن يمكن جمع الأوساخ ومخلفات الأكل فيها.

يقول حسن الباهلي، صاحب الموكب الحسيني، الذي أسس مقرًا لموكبه في الطريق بين الحلة وكربلاء، إن البعض التفت إلى ظاهرة نقص خدمات النظافة فبدأ بتأسيس مرافق صحية بجانب اماكن الاستراحة والحسينيات، quot;لكن هذه المرافق الصحية تفتقر إلى ابسط شروط الصحة والنظافة وتخلو من دورات المياه في الكثير من الاحيانquot;.

الهاجس الأمني

في عهد النظام العراقي السابق، انحسرت هذه التظاهرة الدينية بشكل كبير جدًا، بعدما اعتبرتها السلطات غير آمنة تسودها الفوضى، في محاولة لفرض سلطة القانون وتنظيم الفعاليات الدينية والاجتماعية وجعلها تدار بصورة مركزية.

وتستعد أم عاصم (65 عامًا) للمشي إلى المدينة المقدسة لدى الشيعة، على الرغم من المشاكل الصحية التي تعاني منها. وتقول إنها وطوال ثلاث سنوات نجحت في الوصول إلى قبر الامام الحسين بالمسير من الحلة إلى كربلاء، قاطعة مسافة تبلغ 80 كيلومترًا مشيًا على الاقدام، لكنها هذا العام تشك في قدرتها على الوصول إلى المكان المقصود، وتخاف من العمليات المسلحة.

ووجه مكتب القائد العام للقوات المسلحة بأن يسلك الزائرون طريقًا واحدًا، هو طريق quot;يا حسينquot;، واكد ضرورة تقديم النصح للزائرين بعدم سلك طريق آخر حفاظًا على ارواح المواطنين من العمليات المسلحة التي استهدفتهم طوال السنوات الماضية.

وبحسب الملازم رعد كامل، بكّرت الجماعات المسلحة في عملياتها هذا العام، quot;ففي الاسبوع الماضي قُتل اربعة جنود كانوا يؤدون واجبهم على طريق ياحسين في جزئه الواقع عند اللطيفية جنوبي بغدادquot;.