انتقد الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر ترديد متظاهري محافظة الأنبار شعارات وهتافات وصفها بالطائفية على خلفية اعتقال عناصر حماية رافع العيساوي، وزير المالية والقيادي في العراقية، وأكد رفضه الحرب ضد أي طائفة، ودعا العراقيين إلى الوحدة من أجل الانتصار على الدكتاتورية والتفرّد بالسلطة.


أسامة مهدي: جاء ذلك في بيان للصدر اليوم الاثنين على خلفية تظاهرات شهدتها محافظة الأنبار الغربية السنية أمس، وردد فيها المتظاهرون هتافات تدعو إلى الثورة، وتهدد بقطع الأيادي التي تمتد إلى السنّة.

وقال الصدر مخاطبًا المتظاهرين في الأنبار quot;سمعت نداءكم، وأنا خادم للأنبار ولأهل الأنبار... فقد عُلمت أن أكون للجميع وإن كنت شيعيًا، سمعت استغاثتكم من الحرب الموجّهة من الحكومة ضد (سنة العراق)... فإذا كان هذا صدقًا فأنا أشجب واستنكر تلك الحرب الوقحة ضد أي طائفة من الطوائف، وإن أساء بعض المنتمين إلى هذه الطائفة، فهذا لا يعني أن كل من ينتمي إليها سيىء .. بل هي طائفة وطنية غير طائفية، أخذ أبناؤها مهمة بناء الوطن على أسس وطنية، ولا نقبل التعدي عليهم، لا من بعيد ولا من قريب، وكل من يؤجّج الطائفية ويذكيها فلعنة الله وملائكته والناس عليه اجمعينquot;.

واكد الصدر قائلاً quot;نعم نحن لا نريد بناء الحكومة على اسس طائفية، لكن هذا لا يعني الحزب الواحد والطائفة الواحدة، بل العراق عراق الجميع، وليس حكرًا على أحد، ولا يبنى العراق على أسس الدكتاتورية والخلاف والتصادمquot;.

واضاف مشيرًا الى رئيس الوزراء نوري المالكي، quot;وإن قصد بمعاداتهم كسب الاصوات الطائفية، فهنيئًا للطائفي بأصوات الطائفيين، ولكن نحن- العراقيين- لا نريد الطائفي ولا أتباعه (بل اخوان سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه)quot;.

وخاطب ابناء محافظة الانبار الغربية السنية قائلاً quot;اخوتي الاحبّة، الذين تظاهروا في الأنبار، احزنني ما رأيت من حزن من ذوي المعتقلين وابنائهم، وسأسعى إلى التخفيف عن كاهل المعتقلين الابرياء، ولست من الساعين إلى الافراج عن طائفة دون أخرى، الا أن ما زاد من حزني هو أن بعض المنتمين إلى مظاهراتكم كانت شعاراتهم طائفية، كالتهديد بفتح الحدود أو إنشاء اقليم سني أو ما شابه ذلك، فأقول إن الطائفية لا تحلّ، ولا تحارب بالطائفية، بل بالعقل والحكمة والمنطق والاخلاقquot;.

وأضاف: quot;فكما انتصرت المقاومة الإسلامية لتوحدها في النجف والأنبار والموصل وكربلاء والعمارة وصلاح الدين وكل المحافظات الأخرى، فسننتصر ضد الدكتاتورية والتفرّد، اذا أزحنا الطائفية، وتحلينا بسلاح الوحدة والإسلام والإيمان والوطنيةquot;.

من جهته، دعا التيار الصدري إلى تشكيل لجنة برلمانية تشرف على سير التحقيق مع افراد حماية العيساوي، وقال النائب عن كتلة الأحرار النيابية الممثلة للتيار علي التميمي في مؤتمر صحافي في بغداد امس إن quot;ما حصل منتجاوزات رافقت عملية الاعتقال لمسؤول حماية وزير المالية رافع العيساوي، طال كبار مسؤولي الدولة ممن كانوا حاضرين في الاجتماع أثناء عملية الاقتحامquot;.
وأوضح أن quot;الهيئة السياسية للتيار الصدري تدعو إلى الاحتكام إلى لغة الحوار، وعدم العودة إلى الطائفية المقيتة، وعدم التصعيد الإعلامي من قبل الطرفين، وإلى تشكيل لجنة برلمانية تشرف على سير التحقيق وتبيان ملابسات الموضوع والاطلاع على أوامر القضاء بحق المتهمينquot;.

وطالب بإطلاق سراح المعتقلين الأبرياء، وترك التخندق الطائفي، لأن ذلك مدعاة لانهيار العملية السياسية برمتها، وتوليد دوامة جديدة، لا تعود على المواطن العراقي إلا بالمزيد من الدمار، كما قال.

وكان آلاف من ابناء الانبار قد خرجوا في تظاهرات امس، بينهم مسؤولون وعلماء دين وشيوخ عشائر، احتجاجًا على اعتقال عناصر حماية العيساوي وانتهاك حقوق النساء المعتقلات، واكدوا أن شرارة الانتفاضة قد انطلقت من الفلوجة.

وحذر رئيس الوزراء نوري المالكي خلال اجتماعه امس مع عدد من علماء الدين وخطباء المنابر وأئمة المساجد من الفتنة الطائفية والتطرف. وتساءل المالكي خلال الاجتماع قائلاً quot;ماذا جنينا من الطائفية المقيتة حتى نعود إليها؟quot;.. ودعا الى التعاون من اجل المحافظة على وحدة العراق، وعدم الانزلاق نحو دعوات الطائفيين والطامعين بهذا البلد وتاريخه.

وقد دخل علماء الدين الشيعة والسنة بشكل خطر على خط الازمة، وبما ينذر بتصعيد طائفي يمتد الى الشارع، حيث أعرب رئيس ديوان الوقف الشيعي صالح الحيدري في مؤتمر صحافي عن تأييده المطلق للإجراءات التي اتخذها القضاء بحق أفراد حماية وزير المالية.

وقال إن الحكومة اتخذت ذات الإجراءات بحق مدير البنك المركزي سنان الشبيبي، وهو شيعي، ولم يخرج الشيعة وقتها إلى الشارع ليعترضوا على ذلكquot;. وتساءل قائلاً quot;لماذا خرج الاخوة السنة في تظاهرة ضد إجراءات نفذتها الحكومة بناء على اوامر صادرة من القضاء العراقيquot;.

على العكس من هذا الموقف الشيعي فقد قاد رجال دين وعشائر عملية اغلاق طريق رئيسي يربط العراق بالأردن وسوريا احتجاجًا على quot;نهج الحكومة الطائفيةquot;، وذلك بعدما اقاموا صلاة جماعية فوقه، قبل أن يحولوه الى منبر للخطابات، بينما تولت قوات من الشرطة مراقبة المتظاهرين من بعيد.

والقى رئيس لجنة علماء الانبار سامر العسافي رسالة قال إنه تلقاها من عبد الملك السعدي رجل الدين البارز في محافظة الانبار والمقيم في الخارج، وجاء فيها quot;على الرموز الشيعية في الحكومة العراقية احترام الرموز السنيةquot;.

من جهتهم، قال شيوخ ووجهاء محافظة نينوى الشمالية إن ما يجري على الساحة السياسية quot;استهداف لأهل السنةquot;. واضافوا في بيان تلاه الشيخ عبد الله العواد في تجمع أمام مبنى المحافظة في مدينة الموصل عاصمة المحافظة أن quot;نينوى بأطيافها تعتبر ما يجري هو استهداف للسنة، الذين سيندفعون قسرًا للدفاع عن حقهم بالتظاهر والتضامن مع أهلهمquot;. وهددوا بالدعوة إلى الاضراب العام والاعتصام اذا ما تعرّضت المظاهرات الى مضايقات أو تم منعها من قبل الاجهزة الامنية.