كانت إيران موحّدة بشأن دعم الرئيس السوري بشار الأسد، لكنها لم تعد كذلك، إذ توسع الانقسام بين رجال الدين والمسؤولين الإيرانيين وسط تباين واضح في وجهات النظر حول ما يحدث في سوريا.

في وقت بدأ يتعرض فيه نظام الرئيس بشار الأسد لحالة متزايدة من العزلة، بدا من الواضح أن هناك حالة من الانقسام بين رجال الدين والمسؤولين في إيران بشأن الطريقة التي يمكنهم من خلالها أن يتعاملوا مع حليفهم القديم.
وبالاتساق مع تقدم قوات الثوار وتراجع حلفاء مهمين في موسكو، بدأ يقول محللون ومسؤولون إيرانيون إن الجمهورية الإسلامية فتحت نقاشاً داخلياً بشأن الطريقة التي ستواصل من خلالها تقديم الدعم للرئيس السوري المحاصر بشار الأسد.
ولفتت في هذا الصدد صحيفة لوس أنغلوس تايمز الأميركية إلى أن المسؤولين الإيرانيين ملتزمون في الظاهر بوجهة النظر التي ترى ضرورة بقاء الأسد في السلطة، لكن نتيجة لتعرض نظام الأسد للانهيار بصورة بطيئة، بدا من الواضح أن هناك انقساماً متزايداً بين كبار رجال الدين والمسؤولين في إيران بشأن الطريقة التي قد يتعاملون من خلالها مع الأزمة التي تزداد سوءً يوم بعد الآخر في الحليفة سوريا.
ومضت الصحيفة تنقل عن صحافي إيراني تربطه علاقات وطيدة بمكتب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بعد أن رفض الكشف عن هويته قوله :quot; النقاش الدائر في الكواليس بين الخبراء والمسؤولين بخصوص الأزمة السورية محتدم للغايةquot;.
وتابع هذا الصحافي حديثه بالقول :quot; ويمكنني القول إن الدعم القوي لنظام الرئيس بشار الأسد يكلف الجمهورية الإيرانية الإسلامية في الوقت الراهن الكثير والكثيرquot;.
وأشارت الصحيفة من جانبها إلى أن إيران ستواجه عزلة متزايدة إذا تمت الإطاحة بالأسد على يد الثوار، وأغلبيتهم من المسلمين السنة، المدعومين من جانب منافسين لإيران في المنطقة. وفي وقت تواجه فيه عقوبات دولية صارمة بسبب برنامجها النووي، فإن إيران تخشى تعقيد مشكلاتها بأن يتم النظر إليها باعتبارها عقبة بالنسبة لسوريا. كما أن تركيز اللوم على quot;المعضلة السوريةquot; من الممكن أن يؤثر على انتخابات إيران الرئاسية المقبلة المقرر إجرائها في حزيران/ يونيو المقبل.
وأعقبت أنغلوس تايمز بتأكيدها أنه وفي الوقت الذي بدأ يقترب فيه القتال داخل سوريا من العامين، مع استمرار قتل المدنيين السوريين، وتراجع هيمنة قوات الأسد على بعض المناطق، فإنه قد بدأت تطرأ تحولات هامة ودقيقة على الموقف الإيراني.
وقال أحد مسؤولي وزارة الخارجية الإيرانية بعد رفضه الكشف عن هويته quot;يمكنكم المقارنة بين محتوى خطة المبعوث الخاص الأخضر الإبراهيمي المكونة من 6 نقاط وبين خطة إيران المكونة من 6 نقاط أيضاً وستجدون جملاً وعبارات متشابهة للغايةquot;.
وتابع هذا المسؤول حديثه بالقول :quot; يجب على كلا الطرفين أن يجلسا على مائدة التفاوض. فبمقدور إيران بالتأكيد أن تُبقِي على الأسد في السلطة حتى الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2014، وأن تبقي على كيان الدولة سليماً، سواء به أو بدونهquot;.
وأشارت الصحيفة كذلك إلى أن احتمالية سقوط الأسد، المنتمي للطائفة العلوية ذات التوجه الشيعي، هزت عقوداً من الافتراضات الإيرانية بخصوص طريقة تحقيق أهدافها في الشرق الأوسط، منوهةً في الإطار ذاته إلى أن المعركة المشتعلة حالياً لم تعد متعلقة بالحقوق الأساسية، وإنما بالصراع بين الأسد والأغلبية السنية في البلاد.
هذا وقد سبق لإيران أن اعترفت بإرسالها مستشارين تابعين للحرس الثوري إلى سوريا، وهو ما نفته فيما بعد، غير أنها تواجه اتهامات بتسليح قوات الأسد الأمنية. وأضافت الصحيفة أن من بين التداعيات الأخرى الخاصة بالصراع السوري هو حدوث تصدع في التحالف المناهض لإسرائيل، خاصة بعدما تعرضت له حركة حماس في دمشق، وتعرض علاقاتها بإيران لضغوط جراء القتال في سوريا، في الوقت الذي تتعرض فيه طهران لعقوبات اقتصادية بسبب برنامجها النووي.
وبينما كان يتم حظر نشر أي انتقادات أو أخبار سلبية عن الأسد في مختلف وسائل الإعلام الإيرانية حتى قبل شهرين فقط، فقد بدأت تنشر الآن صحف المعارضة والصحف المؤيدة للحكومة موضوعات وأخبار تتكهن بنهاية حكم الرئيس بشار الأسد.