حققت المعارضة الكويتية بقيادة الإسلاميين فوزاً ساحقاً في انتخابات مجلس الأمة كما أعلنت النتائج الرسمية، فيما سجل خروج المرأة من البرلمان وهزيمة كبيرة لليبراليين.
تقديرات اولية تشير إلى أن نسبة الاقتراع وصلت إلى 60% |
الكويت: حققت المعارضة الكويتية بقيادة الاسلاميين فوزا ساحقا في انتخابات مجلس الامة اذ باتت تسيطر على 34 مقعدا من اصل خمسين، فيما خرجت المراة من البرلمان وتكبد الليبراليون خسارة كبيرة، بحسب النتائج الرسمية.
وحقق الاسلاميون السنة المعارضون من تيار الاخوان المسلمين والتيار السلفي الانتصار الابرز في الانتخابات اذ باتوا يسيطرون على 23 مقعدا في البرلمان مقارنة بتسعة مقاعد في البرلمان السابق.
ومع 34 مقعدا في البرلمان، باتت المعارضة تسيطر بشكل كامل على قرار البرلمان، اذ انها بحاجة الى 33 مقعدا لتجاوز تاثير تصويت الوزراء غير المنتخبين البالغ عددهم 15 وزيرا عموما والذين يتمتعون بموجب الدستور بحق التصويت في مجلس الامة شأنهم شان النواب المنتخبين الخميسن.
ولم تفز اي مرشحة في الاستحقاق بعد ان سجلت المراة دخولا تاريخيا الى مجلس الامة خلال الانتخابات الاخيرة في 2009. اما الليبراليين الذين كانوا يعدون من المعارضة واخذوا خطا مختلفا خلال الحملة الانتخابية، ففازوا بمقعدين فقط في البرلمان الجديد بعد ان كانوا يسيطرون على خمسة مقاعد.
وبدورهم، شهد الشيعة الذين يشكلون ثلث المواطنين في الكويت بحسب تقديرات غير رسمية، تقلص حصتهم في البرلمان من تسعة نواب الى سبعة نواب بينهم خمسة نواب اسلاميين شيعة.
وتوافد الاف الناخبين والناخبات الى مراكز الاقتراع المئة ضمن الدوائر الانتخابية الخمس في الكويت، وتصاعدت وتيرة الاقبال بشكل كبير في فترة المساء، من اجل اختيار الاعضاء الخمسين في البرلمان الاعرق في منطقة الخليج والذي يتمتع بصلاحيات تشريعية ورقابية.
وأغلقت أبواب مراكز الاقتراع في تمام الساعة الثامنة مساء (17,00 ت غ) على ان يتمكن من كان داخل المركز من الاقتراع بعد ذلك. واشارت تقديرات غير رسمية الى ان نسبة الاقتراع وصلت الى حوالى 60% قبل ساعة من اغلاق المراكز.
واظهرت نتائج مسح أولي اجرته وكالة الانباء الكويتية (كونا) ان نسبة المقترعين في الدوائر الخمس لانتخابات مجلس الامة 2012 بلغت حوالى 5ر59 في المئة عند الساعة السابعة مساء بالتوقيت المحلي.
وبلغ عدد المقترعين 238308 مقترعين من اصل 400296 ناخبا وناخبة يحق لهم التصويت في الدوائر الانتخابية الخمس.
وفي ضاحية صباح السالم (20 كلم جنوب الكويت) التي تعد من مراكز الثقل للمواطنين القبليين، على بعد عشرين كيلومترا جنوب مدينة الكويت، تجمع الاف الناخبين في جو من التجييش الواضح، وذلك بعد ان تصاعد غضب القبائل بشكل كبير في الايام الاخيرة.
وقال المقترع محمد السبيعي لوكالة فرانس برس quot;بالطبع انا اقترع لصالح قبيلتي قبل كل شيء، ثم على اساس المواقف السياسيةquot;.
واعتبر السبيعي الاربعيني الموظف في القطاع العام والذي اتى للتصويت لصالح ابن عمه وسط زحمة كبيرة من المقترعين، ان quot;التوتر الحضري القبلي ارتفع بشكل كبير في الآونة الاخيرة وان اي شرارة من هذا يمكن ان تحرق البلد اذا لم يتم التحرك سريعا من قبل السلطةquot;.
واشار هذا المقترع الذي يلبس الثياب الكويتية التقليدية الى التصاعد الحاد للتوتر في الايام الاخيرة وتحرك القبائل التي شدت عصبها لمواجهة هجمات كلامية تعرضت لها خلال الحملات الانتخابية لمرشح حضري موال للحكومة.
واحرق شباب من القبائل ليل الاثنين مقر هذا المرشح كما هاجموا ليل الثلاثاء مقر قناة تلفزيونية كانت تستضيف مرشحا آخر. وقال الديوان الاميري في خضم هذه الاحداث ان quot;من يمس بالقبائل كأنما يمس بالكويتquot; في مؤشر إلى تصاعد واضح للتوتر.
وفي مركز الجابرية الانتخابي حيث تواجد قوي للناخبين الشيعة، تجمعت المقترعات منذ الساعة الثامنة (05,00 ت غ) للتصويت تحت اشعة شمس الشتاء الصحراوي البارد.
وقالت المقترعة ام سعود وهي موظفة متقاعدة، لوكالة فرانس برس quot;نحن غير مرتاحين نفسيا والاوضاع لا تسر ونحن محبطون كثيراquot; في اشارة الى استمرار التأزم السياسي بين الحكومة والبرلمانات المتتالية.
بدورها اكدت الناخبة فاطمة عبدالله اكبر، وهي مدرسة سابقة، انها quot;متفائلة بحذر ... نريد ان تنتهي الخلافات خاصة الطائفيةquot;. وتضم الكويت اكثر من 400 الف ناخب، تشكل النساء 54% منهم.
واقترع الكويتيون للمرة الرابعة في اقل من ست سنوات على امل اخراج البلد من دوامة الازمات السياسية، فيما اشارت التوقعات الى توجه المعارضة بقيادة الاسلاميين الى تحقيق فوز كبير. وفي منطقة كيفان التي تعد من معاقل السلفيين في الكويت، وقف رجال ملتحون في باحة المدرسة التي حولت الى مركز انتخابي للتحادث في ما بينهم والدردشة مع بعض المرشحين الذين زاروا المركز.
وقال المرشح الاسلامي والنائب السابق وليد الطبطبائي لوكالة فرانس برس ان الاهم في الانتخابات هو انها اتت quot;بعد حراك شعبي وشبابي اسقط الحكومة واسقط المجلس السابقquot; متوقعا ان quot;يأتي الآن مجلس تركيبته معظمها من المعارضةquot;.
واكد تفاؤله بحصول المعارضة على اكثر من نصف المقاعد، وقال انه في هذه الحالة quot;سيكون لنا دور في قيادة دفة الحكومة ولن يكون هناك استجوابات لانهم سيعرفون انه سيكون هناك قوة للاصلاح والرقابة في وجه الحكومةquot;.
وتأتي الانتخابات في اعقاب تصاعد كبير للتوتر الطائفي بين الغالبية السنية والاقلية الشيعية، وذلك على وقع التوترات الاقليمية، وبعد حركة الاحتجاجات غير المسبوقة التي قادها الشباب والتي ادت في النهاية الى استقالة رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد الصباح في تشرين الثاني/نوفمبر.
من جهتها، قالت المرشحة المستقلة ذات التوجهات الليبرالية رولا دشتي لوكالة فرانس برس quot;اليوم الناخبون يقررون مستقبل الكويت (...) انا متفائلة ونحن ندفع باتجاه تحقيق الاستقرار السياسيquot;.
ونتيجة الاقتراع لن تؤدي على الارجح بحسب المراقبين الى انهاء التأزم السياسي الذي يشل هذا البلد الغني وثالث اكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك)، حتى في حال فوز المعارضة التي وضعت حملتها تحت شعاري الاصلاح ومحاربة الفساد.
وتضمنت حملات مرشحين من المعارضين مطالب راوحت بين ارساء نظام متعدد الاحزاب وضرورة ان تكون الحكومة منتخبة مع رفع عدد اعضاء مجلس الامة، وصولا الى ارساء ملكية دستورية والحد من نفوذ اسرة ال الصباح التي تحكم الكويت منذ 250 عاما.
والمعارضة الكويتية هي في الواقع مظلة لتحالف واسع وغير وثيق بين اسلاميين وليبراليين وقوميين ومستقلين، ويمكن ان يتفق او يختلف اعضاؤها بحسب المواضيع المطروحة.
وكانت المعارضة تشغل 20 مقعدا في البرلمان الذي حله امير البلاد في كانون الثاني/ديسمبر في اعقاب ازمة سياسية حادة وتظاهرات شبابية غير مسبوقة استلهمت الربيع العربي.
وتحتاج المعارضة للفوز ب33 مقعدا لضمان سيطرتها بشكل كامل على قرار البرلمان اذ ان الوزراء غير المنتخبين (15 وزيرا) يتمتعون بحكم الدستور بحق التصويت في البرلمان. الا ان حصولها على اغلبية المقاعد سيكون بمثابة انتصار ايضا للمعارضة.
ويخوض خمسون مرشحا معارضا الانتخابات من بين 286 مرشحا. وتخوض 23 امراة الانتخابات. وتأمل النساء في تكرار فوزهن التاريخي في انتخابات 2009 عندما فزن باربعة مقاعد للمرة الاولى بعد نيل المرأة الكويتية حقوقها السياسية في 2006.
وللمرة الاولى في تاريخ الديمقراطية الكويتية، سمحت السلطات لمندوبين من خارج الكويت بمراقبة الانتخابات.
ويقوم حوالى ثلاثين مراقبا من عرب واجانب بينهم اربعة مندوبين من مفوضية شفافية الانتخابات (منظمة اهلية دولية) بمراقبة هذا الاستحقاق، اضافة الى 300 مراقب من جمعيات داخلية تقودها جمعية الشفافية الكويتية.
وفرض موضوع الفساد نفسه بقوة على هذه الانتخابات بعد فضيحة كبرى تشمل 13 نائبا سابقا على الاقل. وحققت النيابة العامة مع 13 نائبا سابقا في اتهامات بحصولهم على ايداعات بملايين الدولارات في حساباتهم المحلية، فيما اكدت المعارضة ان هذه الايداعات هي رشى من جانب الحكومة.
وبغض النظر عن نتائج الانتخابات، فان صلاحية تعيين رئيس الوزراء تبقى حصرا في يد امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الصباح، كما ان رئيس الوزراء سيكون من الاسرة الحاكمة وكذلك الوزراء الرئيسين في الحكومة.
التعليقات