بيروت: لا تزال روسيا تعارض أي تدخل من قبل الأمم المتحدة في سوريا، على الرغم من تصاعد موجة العنف. لكن الخبراء يقولون انه قد يكون بالإمكان إقناع روسيا بالتصرف، في حال بات سقوط نظام الرئيس بشار الأسد مؤكداً.

وعدم قدرة الأمم المتحدة على وضع حد للعنف والقتل في سوريا حتى اليوم، يعني ان الصراع المميت في سوريا الذي يدور بين نظام الأسد ضد المعارضين المسلحين سوف يستمر حتى تقتنع روسيا بأن الرئيس بشار الاسد لم يعد قادراً على الصمود، وفقاً لما يقوله الخبراء الإقليميين.

ونقلت صحيفة الـ quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; عن واين وايت، المحلل في معهد الشرق الأوسط في واشنطن ومستشار سياسي في وزارة الخارجية الأميركية سابقاً، قوله: quot;عندما يصبح الروس على قناعة تامة بأن النظام السوري سيسقط لا محالة، عندها تستطيع الولايات المتحدة وحلفائها إقناعهم بأن الرهان الأفضل هو التحرك نحو المستقبلquot;. وأضاف quot;لكن من الواضح اننا لم نصل إلى هذه النقطة بعد. ولسوء الحظ، يبدو أن أعمال القتل والقتال ستستمرquot;.

ويناقش مجلس الأمن قرارين متنافسين حول الأزمة السورية. أحدهما مدعوم من قبل الجامعة العربية والقوى الغربية، من بينها الولايات المتحدة، ويدعو الأسد للتنحي في الوقت الذي تتفاوض فيه الفصائل السياسية الأخرى على تسوية. والثاني نسخة روسية تتصور وضع حد للعنف من خلال المفاوضات بين الحكومة والمعارضة السورية.

وأجلت الجامعة العربية اجتماعها لمناقشة التطورات في الأزمة السورية المقرر يوم 5 شباط/فبراير، إلى يوم 11 شباط/فبراير، بهدف إعطاء مجلس الأمن فرصة للتحرك. لكن روسيا سبق وأن أكدت انها تعتبر أي دعوة للتنحي الأسد عن منصبه بمثابة محاولة quot;تغيير النظامquot;، وهو بالتالي خط أحمر ترفض أن تتجاوزه. وباعتبارها واحدة من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، فباستطاعة روسيا أيضاً منع مجلس الامن من عبور هذا الخط.

وتعارض موسكو أي تحرك دولي لسببين: المعارضة التاريخية للتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للبلدان (على الرغم من أنها نادراً ما تشمل دول الاتحاد السوفياتي السابق في تلك السياسة)، وبسبب العلاقات الدبلوماسية والعسكرية التي تربطها بسوريا، موطئ القدم الأخير لنفوذها في المنطقة.

وفي هذا الإطار، يقول وايت ان نظام الأسد quot;هالك لا محالةquot;، لكنه يضيف ان الروس quot;ليسوا على استعداد لقبول ذلك بعد، ويحاولون يائسين لحماية أسهمم الخاصةquot;. وانضمت الصين إلى روسيا في استخدام حق النقض ضد قرار في مجلس الأمن بشأن سوريا في اكتوبر/ تشرين الاول. وتقول جماعات حقوق الإنسان إن معدل جرائم القتل في سوريا قد تضاعف منذ ذلك الحين، فيما تقدر الامم المتحدة ان اكثر من 5400 السوريين لقوا حتفهم في الصراع المستمر منذ نحو سنة.

معظم الدبلوماسيين والخبراء يرون ان روسيا لن تدعم أو على الأقل تمتنع عن التصويت على قرار يدعو لرحيل الأسد. ويقولون ايضاً ان أي قرار يصدر عن مجلس الأمن في هذا الشأن سيكون بلا معنى أو تأثير، في حال لم ينص على تنحي الأسد عن منصبه.

يحاول بعض الدبلوماسيين تعويم فكرة إنشاء quot;ممر انسانيquot; داخل سوريا، حيث يفترض أن يؤدي إلى حماية المدنيين ومساعدتهم، أو quot;منطقة عازلةquot; على طول الحدود السورية التركية، يلجأ اليه الهاربون من العنف المتصاعد في سوريا. لكن من غير الواضح من سيقدم على تنفيذ هكذا اقتراحات، في ظل غياب الامم المتحدة عن الساحة.

ويقول حلف شمال الاطلسي (الناتو) ان سوريا مختلفة جداً عن ليبيا، ومن غير المرجح أن تقحم نفسها في هذا الصراع، على الرغم من تركيا التي استقبلا على أراضيها عشرات الآلاف من السوريين، هي عضو في حلف الناتو.

جامعة الدول العربية، التي علقت عضوية سوريا سابقاً، تدعو الآن لتنحي الأسد والسماح بإجراء انتخابات لتحديد تشكيل حكومة جديدة، إلا أنها لا تملك وسيلة لفرض مثل هذه التدابير. كما اضطرت في الآونة الأخيرة لسحب مراقبيها من سوريا بعد أن عجزوا عن فعل شيء.

ويوم الثلاثاء في الامم المتحدة في نيويورك، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري رودهام كلينتون إن مقارنة روسيا المتكررة بين سوريا وليبيا هو quot;قياس كاذبquot;، مؤكدة على أن القوى الغربية ليست لديها النية بالتدخل في سوريا.

لكن وايت يقول انه من المنطقي أن يشكك الروس في التدابير الغربية في الامم المتحدة على أنها تهدف إلى تغيير النظام quot;لأن هذا صحيح، حتى لو كانت الظروف السورية تختلف عما حدث في ليبياquot;، مضيفاً ان quot;الروس لم ولن يوافقوا على أي عمل جماعي من شأنه تسريع رحيل نظام الأسدquot;.