من آثار التفجير في حلب

لم يكن لأحد أنيتوقع أن حلب، العاصمة التجارية لسوريا وثاني أكبر المدن في البلاد، ستنال حصتها من العنف. التفجيران القويان اللذان هزا المدينة جاءا بعد يوم من إعلان تنسيقيات ونشطاء الثورة في المدينة معلومات عن المشاركة في جمعة quot;روسيا تقتل أطفالناquot; نصرة لحمص والمدن المنكوبة.


استفاقت مدينة حلب الجمعة على وقع تفجيرين هزّا العاصمة التجارية للبلاد. وحمّل التلفزيون السوري الرسمي المعارضة مسؤولية التفجير فيما كانت الأنباء والصور الجاهزة تتواتر عليه.

وفي وقت كان من المتوقع أن تتوجه العمليات الجديدة نحو دمشق، كما جرت العادة، أو حمص وحماة، مع اشتداد الحملة العسكرية على الأولى، وقصفها بمختلف أنواع الأسلحة، وتشديد القبضة الأمنية على الثانية، وهي التي شهدت أكبر التظاهرات، وأكثرها زخماً، وأطولها مدة، قبل أن يتم اقتحامها، فاذ بها تضرب ظهر النظام الأمني.

وجه الصدمة مصدره نكبة المدينة التي نالت من المناشدات الشعبية للانضمام إلى الثورة ما لم تنله غيرها (دمشق)، على سبيل المثال، بسبب ثقلها الديموغرافي، وقوتها الاقتصادية، وكونها متنفس النظام حتى الآن لتأمين موارد بقائه المالية، من خلال تجارتها وصناعتها مع دول الجوار، وبالذات العراق، بحكم علاقتها التاريخية معه.

الأمر الآخر، تحول المدينة التي نالت لقب (المدينة الشريفة) إلى ملاذ آمن لآلاف العائلات التي لجأت إليها من عنف القصف والتنكيل والملاحقة، وهناك معلومات تشير إلى نزوح ما يقرب من 300 ألف شخص من المحافظات المجاورة كحمص وحماة وإدلب، بسبب ما تشهده هذه المحافظات من عمليات عسكرية.

وكشأن بقية السوريين الذين يهرعون إلى الهاتف للاطمئنانإلىأهلهم وذويهم الموجودين في واحدة من أكثر المدن أمناً في الآونة الأخيرة، يفاجأ المرء بحالة من السكينة والهدوء النفسي لدى الطرف الآخر من الاتصال، فالكل بات يعرف ألاعيب النظام وأحابيله، والكل يعرف كيف يقوم بعملياته وأماكن حدوثها، ويواجهك جواب أهل حلب ليقولوا لك: إن برادات النظام داخل معتقلات فروع الأمن قد امتلأت على ما يبدو، فقرر quot;تطهيرهاquot;، وهو المصطلح الذي يستخدمه شبيحة الإعلام السوري للتعبير عن عمليات الأمن والجيش والشبيحة العسكرية، أو إفراغها من محتوياتها بانتظار قدوم وافدين جدد من أماكن أخرى.

مقر الأمن العسكري المستهدف اليوم في منطقة حلب الجديدة الراقية يعد واحداً من أكبر قلاع الأمن في البلاد، وهو شكل مؤخراً ملاذاً لتجميع آلاف المعتقلين من مختلف المدن السورية، أما كتيبة حفظ النظام المستهدفة في حي الصاخور الشعبي، فهي تقع في تجمع للمراكز العسكرية وبالقرب من شعبة التجنيد العامة.

ومن المعروف أن أحداً لا يجرؤ على الإقتراب من هذه المراكز في الأيام العادية فكيف بيوم عطلة رسمي.

وما يتناقله سكان حلب عن سبب استهدافهم هو إعلان تنسيقيات ونشطاء الثورة ليلة الجمعة السابقة للتفجير، معلومات عن إعلان جمعة quot;روسيا تقتل أطفالناquot; quot;الجهادquot; وquot;النفير العامquot; ضد القوات الأسدية؛ نصرة لحمص والمدن المنكوبة، الأمر الذي أثار فزع النظام من احتمال انكشاف ظهره الأمني بالقرب من الحدود مع تركيا، وتسهيل إمكانية فرض حظر جوي أو منطقة عازلة، بسبب أهمية حلب بالنسبة إلى النظام وتركيا على حد سواء.

واللافت أن 9 تظاهرات خرجت مباشرة في قلب المدينة لا لاستنكار الانفجارين، كما جرت العادة في أماكن أخرى، بل لإدانة التقصير الأمني من جهة، وصب الغضب على النظام الذي لطالما والاه الحلبيون مادياً ومعنوياً، وتحملوا بسببه من باقي أبناء المحافظات الإهانات والشتائم والاتهامات بالعمالة.