الرمثا:في غرفة صغيرة داخل شقة متواضعة في الرمثا على الحدود الاردنية مع سوريا جلس الحوراني بحزن وسط عشرات الاشخاص الذين جاؤوا لتعزيته بوفاة شقيقه الاكبر الذي قتل على يد الجيش السوري السبت، مؤكدا انه فر الى الاردن ليتجنب هذا المصير.
ويقول الحوراني (26 عاما) الذي نزح قبل خمسة اشهر مع زوجته وطفلته ابنة الثمانية اشهر من قرية المسيفرة التابعة لدرعا لوكالة فرانس برس ان quot;الاوضاع في سوريا اصبحت لاتطاق وما يتم بثه عبر وسائل الاعلام ما هو الا جزء بسيط من حقيقة ما يجري على ارض الواقعquot;.

واضاف الحوراني الذي يرفض الكشف عن اسمه الحقيقي والذي كان يعمل مهندس كومبيوتر quot;نحن في حيرة من امرنا ولا نعرف ما يخبئه المستقبل لنا، انا بدون عمل، واعتاش على المساعدات ولا اعرف ما هو مصيريquot;.
ويتابع quot;اخبرني والداي بان اخي استشهد السبت برصاصتين على يد الجيش مع 17 شخص آخر خلال اقتحام الجيش لقريتناquot;.

واضاف quot;اعلموني بانهم دفنوا الجثة سرا وان الجيش داهم منزل والدي والمقبرة بحثا عن مكان دفنه كونه شارك في مظاهرات تطالب بأسقاط النظامquot;.
وغادر الحوراني وافراد عائلته عبر معبر نظامي الى بلدة الرمثا الحدودية الفقيرة التي تقع على بعد 95 كلم شمال عمان على الحدود مع سوريا مقابل درعا.

وهو يعاني كغيره من اللاجئين السوريين الذي فاق عددهم ثلاثة آلاف في الاردن، بحسب مسؤول محلي، نقصا في كل شيء من المواد الاساسية.
ولاتوجد ارقام رسمية حول اعداد اللاجئين السوريين في الاردن لكن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ذكر خلال زيارته الاردن في 31 كانون الثاني/يناير الماضي ان عدد اللاجئين السوريين في المملكة يبلغ حوالى 2500 شخصا.

ولايعكس هذا الرقم جميع اعداد السوريين الذين عبروا الحدود، بطرق مشروعة او غير مشروعة، اذ ان البعض لا يسجلون اسماءهم لدى مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وعلى غرار الحوراني، لجأ مصطفى (24 عاما) الى الاردن قبل ستة اشهر مع شقيقه الاكبر بعد ان تم اكتشاف مشاركتهم في المظاهرات وكتابة الشعارات المناوئة للنظام على حيطان مدينة درعا.

ويقول مصطفى الذي كان يبيع اجهزة الهاتف بانفعال شديد ان quot;ايام بشار الاسد باتت معدودة، الجيش بدأ ينهار وانا على يقين انه بعد شهر او شهرين كحد أقصى، لن يكون هذا النظام على رأس السلطةquot;.
واضاف وهو يتابع مع عدد من رفاقه السوريين باهتمام اخبار بلاده من تلفزيون وضع على طاولة صغيرة في شقة مستأجرة في ضواحي الرمثا بينما كان يحتسي فنجان القهوة quot;لم يكن امامنا خيار سوى الهروب بعدما اكتشفوا أمرنا، اعلمنا والدينا بالامر وفي الخامس من ايلول/سبتمبر عبرنا الحدود بصورة غير رسمية وخلال نصف ساعة كنا في الرمثاquot;.

وردا على سؤال لوكالة فرانس برس، قالت مسنة غاضبة quot;الجميع خائف تركنا بلدنا بدون ان نحمل معنا شيئا، فقط بعض الملابسquot;.
واضافت بدون ان تكشف هويتها quot;كل ما نريده هو الحصول على حريتناquot;.

اما ابو عماد الدرعاوي الذي رفض الكشف عن اسمه كاملا فيقول وهو يمسك بسيجارة quot;اعتقلت في بداية الانتفاضة لمدة اربعة اشهر نقلت خلالها بين سجون عدة وتعرضت للتعذيب بسبب كتابة شعارات على حيطان درعا مثل quot;أجاك الدور يادكتورquot; وquot;الشعب يريد اسقاط النظامquot;.
واضاف ابو عماد (30 عاما) الذي فر الى الاردن مع زوجته واطفاله الثلاث quot;ضقنا ذرعا ولم نعد نتحمل وجود هذا النظام فوق رؤوسنا، لم نعد نخاف، بعد الربيع العربي، لم يعد في قلوبنا أي خوفquot;.

ويقول سائق سيارة اجرة سوري يعمل بين الرمثا ودرعا فضل عدم الكشف عن اسمه لاسباب امنية ان quot;حركة التنقل بين المدينتين اعتيادية لكنها بطيئة بسبب الاجراءات الامنية التي تتبعها السلطات السورية على الحدودquot;، مشيرا الى ان quot;الكل يخضع لعملية تدقيق غير اعتيادية بسبب وجود قوائم تضم اسماء الاف السوريين الممنوعين من السفرquot;.
ولسكان الرمثا الاردنية منذ القدم علاقات عائلية وقبلية مع سكان درعا السورية، بالاضافة الى التبادل التجاري.

ويعتزم الاردن فتح اول مخيم لاستقبال اللاجئين السوريين الاسبوع المقبل.
وقال امين عام الهيئة الخيرية الاردنية الهاشمية احمد العميان الاحد انه سيتم افتتاح المخيم في منطقة رباع السرحان في محافظة المفرق (70 كلم شمال عمان) بالقرب من الحدود مع سوريا.

واوضح ان المخيم الذي تبلغ مساحته 30 دونما quot;سيتم ايواء العائلات التي من المفترض ان تنزح من سوريا خلال الفترة القادمة جراء تصاعد اعمال العنفquot; مشيرا الى وجود 700 عائلة سورية في احياء مدينة المفرق.

واعلنت الحكومة الاردنية مؤخرا جملة اجراءات للتخفيف عن السوريين الفارين الى المملكة.
فقد اعلن وزير التربية عيد الدحيات في 26 كانون الثاني/يناير ان بلاده وافقت على دخول الطلبة السوريين الذين قدموا الى الاردن بسبب الاحداث الجارية في سوريا في المدارس الحكومية.

كما اعلن وزير الصحة الاردني عبد اللطيف وريكات في السادس من الشهر الحالي ان الوزارة ستعمد الى تقديم كافة الخدمات العلاجية والصحية للاجئين السوريين في الاردن مجانا شريطة حصولهم على وثيقة تسجيل من المفوضية العليا لشؤون للاجئينquot;.
لكن احد اللاجئين السوريين قال ان مركزا صحيا تابعا للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الرمثا يقدم العلاج مجانا للسوريين، مشيرا الى ان quot;عددا كبيرا من السوريين المسجلين وغير المسجلين لدى المفوضية يعانون من مشاكل صحية مهمةquot;.