أوضحت وزارة التجارة السعودية أن مجمل تحويلات الأجانب التي تندرج تحت بند التستر التجاري بلغت 30 مليار دولار سنوياً، في وقت اعتبر فيه اقتصادي سعودي لـquot;إيلافquot; بأن تلك المبالغ ما هي إلا نتاج خطأ تنظيمي واستغلال لهذه الثغرة، أسهمت دول الخليج كافة في تعزيز هذه الظاهرة.


جدة: أوضحت الإدارة العامة لمكافحة التستر التجاري أن قيمة تحويلات المقيمين بالسعودية تحت ما يسمى التستر التجاري بلغت أكثر من 30 مليار دولار.

ويأتي ذلك بعد أن أعلنت شركة (تاورز واتسون) للدراسات أن معدل الموظفين السعوديين ما زال منخفضاً نسبياً في القطاع الخاص، حيث بلغ عدد الموظفين السعوديين ما يقارب 800 ألف فقط خلال العقد الماضي، مشددة على أن السعودية ركزت سياستها على التقليل من اعتمادها على القوى العاملة الوافدة.

الاقتصادي السعودي جمال بنون شبه في حديث لـquot;إيلافquot; التستر التجاري بالسرطان الذي ينخر في جسد الاقتصاد السعودي، والقاضي على الكثير من مكتسباته فكان تأثيره مباشر على رأس المال والعمل، كون الأرباح الناتجة من التجارة المستترة كانت تحول إلى الخارج، فيما قوة العمل كانت تذهب لصالح الوافد، مما ساهم في فشل سعوده 5% من الوظائف مما أضعف سوق العمل وحوله إلى سوق رخيص وغير مغري بالنسبة للسعوديين.

وشدد جمال على أن السعودية سيصعب عليها حل مشكلة التستر التجاري ما لم تسن قوانين وتشريعات واضحة وتتخذ إجراءات صارمة، منتقداً إتباع العاطفة وتكثيف الحملات التوعوية التي ترتكز على بث التحذيرات، متسائلاً كيف لمشكلة عمرها يتجاوز الأربعين عاماً كيف ستحل بطرق عاطفية هكذا.

وبيّن أن قضية التستر التجاري التي تثار بين الآونة والأخرى في السعودية ودول الخليج كافة؛ ما هي إلا نتاج خطأ تنظيمي واستغلال لهذه الثغرة، أسهمت الدولة في تعزيز هذه الظاهرة بشكل غير مباشر، من خلال فتح أبواب الاستقدام على مصراعيه، حيث بات هذا النوع من التجارة بشكل أو بأخر احد أساليب التجارة ووسيلة لتحقيق مكاسب مادية، بداية من ظهور تجارة التأشيرات والتي بلغت أسعارها في الأسواق ما بين 5 إلى 7 آلاف دولار.

ومن ناحية العلاج أوضح بنون quot;لا يمكن للدولة أن تكافح ظاهرة يستفيد منها الباحثين عن المصالح الشخصية ويتكسبون من وراءها عمولات ودخل شهري وأخر سنوي كفيل من خلاله أن يحقق لهم دخلا عالياquot;، معترفا أن ذلك لا يجعلنا نتهرب من أن نعترف بأن الدولة لم تتمكن من وضع قوانين صارمة وتطبيقها على جميع المخالفين.

وحول الـ 40 مليار دولار التي كانت مجمل تحويلات العمالة في السعودية تحت بند التستر التجاري أشار بنون إلى هذه جريمة اقتصادية ساهمت في تفشي هذه الظاهرة لمصلحة أفراد وأشخاص مستفيدين، وquot;من غير المعقول أن حجم الاستقدام في السعودية ارتفع خلال ثلاث عقود إلى 300% من مجمل المشروعات المنفذة، متسائلاً هل بالفعل لدينا مشروعات بحجم 12 مليون وافد يتواجدون في السعوديةquot;.

بنون ختم حديثه لـ quot;إيلافquot; أنه إذا أراد القضاء على هذه الظاهرة فإنها يجب أن تكون صادقة في تطبيق القرارات والأنظمة والقوانين، وان تكون مطبقة على الجميع دون استثناء، وعليها أن تبدأ من الأعلى وليس من القاعدة quot;لأن التستر التجاري بعد أربعة عقود يجب أن يقطع رأسه، ما لم يفد معه العلاج الكيماوي!quot;

يذكر أن مدير عام الإدارة العامة لمكافحة التستر التجاري في وزارة التجارة الدكتور عبد الله بن دريع العنـزي أوضح أن حملة الجنسية العربية يحتلون المرتبة الأولى من الجنسيات التي يشتبه بهم بالتستر التجاري بنسبة أكثر من 50% والآسيوية أكثر من 28%، مبيناً أن الوزارة تعتزم تنفيذ حملة وطنية شاملة لمكافحة التستر تبدأ نهاية العام الجاري، تتضمن برامج توعوية وخطوات إجرائية مختلفة منها فتح باب التطوع والتعاون من قبل المواطنين للاشتراك في مكافحة هذه الظاهرة التي تمس عصب الاقتصاد الوطني، فضلا عن آثارها الاجتماعية والأمنية الأخرى.

العنزي أشار إلى أن الوزارة قامت بتفتيش 3367 منشأة تجارية يشتبه في مخالفتها لنظام مكافحة التستر التجاري ولائحته التنفيذية، وقد بلغ عدد قضايا التستر التجاري الواردة للوزارة وفروعها ومكاتبها في مختلف مدن ومحافظات المملكة 1127 قضية.

وبيّن العنزي أن ثلاثة ملايين دولار كانت غرامات العام الماضي والتي صدرت فيه أحكام صريحة بارتكاب مخالفة التستر وذكر أن قطاع المقاولات يحتل نسبة 43% من قطاعات التستر التجـاري ثم السلع الاستهلاكية 19.2%، والتجارة العامة 16%، والسلع الغذائية 8%، وأعمال أخرى 15.8%، موضحاً أن هناك أضرارا أخرى تطول قطاع الخدمات في المملكة، كون الوافدين ينافسون المواطنين على الخدمات العامة كالطرق والاتصالات والخدمات الصحية وغيرها.