يبدو أن كافة التحركات العربية والدولية حتى الآن لم تحقق النتائج المطلوبة أمام تعنت النظام السوري المعتمد كثيراً على روسيا خارجياً ودمشق وحلب داخلياً، ما يدفع المعارضة الآن إلى اعتماد تكتيكات جديدة حيال هاتين الركيزتين، رغم اعترافها بصعوبة ذلك.


أهالي من حيبابا عمرو المحاصر في حمص

بيروت: في الوقت الذي تتضاءل فيه إحتمالات التوصل الى نهاية سلمية للثورة التي اندلعت منذ 11 شهراً في سوريا، تعمل كبرى جماعات المعارضة السياسية على استراتيجية من شقين في محاولة لعرقلة نظام الرئيس بشار الأسد.

الاستراتيجية الأولى تقوم على التنسيق مع رجال الأعمال في دمشق وحلب لحشد دعمهم ضد النظام، أما الثانية، فهي محاولة إقناع روسيا للضغط على الأسد من أجل السماح بوصول إمدادات الإغاثة العاجلة إلى البلاد.

وفي هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـ quot;تايمquot; انه من الصعب التحدث في هذه الأهداف، إنما تنفيذها يبقى أمراً صعباً.

وتقول مسؤولة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري بسمة قضماني: quot;نعتقد انه باستطاعتنا تنفيذ هذه الأهداف بطريقة سلمية. نحن لم نفقد الأمل بعد، لكننا على وشك أن نفعلquot;.

اليأس الذي يخيم على سوريا ليس بالأمر المستغرب، فبعد أشهر من الحملة التي شنتها قوات الأسد ضد المتظاهرين، يتجه الصراع في سوريا على نحو متزايد إلى حرب أهلية، فشكل عدد من المنشقين عن الجيش قوة متمردة تعرف باسم quot;الجيش السوري الحرquot;.

مع تصاعد الصراع إلى حالة طوارئ إنسانية كاملة، يعتقد زعماء المعارضة انه قد يكون هناك فرصة لإحداث الوقيعة - مهما كانت ضئيلة - بين الأسد وروسيا التي تعتبر واحدة من أقوى الدول المؤيدة له، والتي اعترضت على قرارين في مجلس الأمن الدولي تضمنا إدانة للهجمات السورية على المدنيين.

وتشير قضماني إلى أن المجلس الوطني السوري بدأ إجراء محادثات مع المسؤولين الروس بهدف إقناع الأسد بالسماح لمنظمات الإغاثة للوصول إلى المجتمعات المحلية المحاصرة، والتي قطعت على نحو متزايد عن العالم الخارجي.

وترى المعارضة أن لديها فرصة أفضل للنجاح في هذه المحاولة، بدلاً من إقناع موسكو بالتخلي عن صداقتها القوية مع دمشق. وتقول قضماني ان خطط المجلس الوطني ستجادل بأن روسيا لديها مسؤوليات دولية كعضو دائم في مجلس الأمن، quot;وإذا استمر النظام السوري برفض وصول المساعدات الإنسانية فسيكون قد وضع نفسه ضد حليفه الروسيquot;. وأضافت: quot;روسيا لديها الوسائل للضغط على الأسد من أجل السماح بوصول المساعدات الإنسانية من دون تدخل عسكريquot;.

وأدت الأزمة المتفاقمة بدفع زعماء الغرب هذا الاسبوع الى النظر في اتخاذ تدابير جديدة لفرض سقوط الأسد. وسيلتقي مسؤولون من 85 دولة في اجتماع quot;أصدقاء سورياquot; في تونس لمناقشة الخيارات المتاحة أمامهم.

ويوم الاثنين، قال السيناتور الجمهوري جون ماكين للصحافيين انه يعتقد أن quot;على الولايات المتحدة أن تساعد المقاتلين المتمردين من خلال مدهم بالأسلحة الخفيفة - وهو خيار لم يلق ترحيباً حتى الآن من جانب الرئيس أوباما.

وبدلاً من ذلك، قال مسؤولون من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي للصحافيين يوم الاثنين انهم سيعملون على تشديد العقوبات، التي يمكن تنفيذها في غضون أسبوع، وقد تشمل فرض حظر محتمل على التعامل مع مصرف سوريا المركزي - وهي الخطوة التي تهدف الى عرقلة قدرة النظام على تمويل حملته العسكرية و الاستمرار في دفع مرتبات أفراد الأمن.

وتعتقد جماعات المعارضة ان الصعوبات المالية التي يعاني منها نظام الأسد قد تصبح أقوى وأشد في حال كانت قادرة على حشد دعم مجموعة واحدة رئيسة داخل البلاد: رجال الأعمال.

وكانت الشركات والأعمال التجارية العامل الحاسم في الحفاظ على سير الحياة الطبيعي في مدن مثل حلب ودمشق، التي لم تظهر عليها أي اضطرابات تُذكر خلال أشهر الثورة.

في هذا السياق، تقول قضماني إن المجلس الوطني السوري أجرى في الأيام الأخيرة سلسلة من الاتصالات والرسائل مع أصحاب الأعمال، في محاولة لتنسيق إعلان شامل ضد الأسد، وهو ما من شأنه أن يجنبهم الاعتقالات الفردية.

وفي الوقت الذي تقترب فيه الثورة السورية من ذكرى مرور العام الأول على اندلاعها يوم 15 آذار/مارس، تبقى الجماعات المعارضة منقسمة إلى حدّ كبير بين المؤيدين للعمل العسكري من أجل إسقاط الأسد، والذين يحرصون على تجنب هذا النوع من سفك الدماء الهائل، كما حدث في ليبيا.

وعلى الرغم من سقوط آلاف القتلى، تقول قضماني ان المجلس الوطني السوري ما زال مصراً على التفاوض بهدف نقل السلطة، ووضع نظام يشمل الناس quot;الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماءquot;.

لكن الصحيفة اعتبرت ان التكتيكات الجديدة لن تكون كافية لإنقاذ سوريا من حرب أهلية شاملة. وهذا ما تؤكده قضماني، التي تعترف بأن المعارضة ارتكبت أخطاء كارثية خلال الانتفاضة، أهمها الإعتماد بشكل كبير على جامعة الدول العربية للتفاوض على حل سياسي، الأمر الذي أدى إلى quot;إضاعة ستة اشهرquot;.

وختمت: quot;استنفذنا كل ما نملك من الوقت في العمل مع جامعة الدول العربية حتى استنفذنا كل احتمال بالتوصل إلى توافق مع النظام على أي شيءquot;.