دومينيك ستروس-كان

يؤكد مراقبون أن دومينيك ستروس-كان، المدير العام السابق لصندوق النقد الدولي وأحد المرشحين الجديين قبل أشهر عدةلحكم فرنسا، انتهى سياسياً، إلا أن مسلسل المتابعات القضائية، الذي يعدّ بطله جراء فضائحه الجنسية، لا يزال في بداياته،خاصة بعد اتهامه في قضية جديدة أصبحت تعرف بقضية quot;كارلتونquot;.


بعدما كان محط إعجاب وتقدير الفرنسيين، الذين رأوا فيه، لأشهر عدة،أنه رجل المرحلة بامتياز، والذي بإمكانه أن يخرج بلدهم من مستنقع الأزمة، ليعيد إليها لون الازدهار، بتأكيدكل استطلاعات الرأي، وبفارق كبير على منافسيه، بمن فيهم الرئيس المرشح لولاية ثانية نيكولا ساركوزي.

وبعد مرحلة النجومية في عالم الاقتصاد والسياسة، يجد دومينيك ستروس-كان نفسه في الدرك الأسفل من جحيم المتابعات القضائية، التي ستطول لسنوات، وذلك بسبب نزواته الجنسية المفرطة، والتي يؤدي فاتورتها، اليوم، غالياً من حياته المهنية ومن مساره العلمي والسياسي.

عالم الاقتصاد المحنك، الذي استرعى اهتمام عدد من عواصم العالم، نظراً إلى ما توسمه فيه كخبير اقتصادي قادر على تدبير ملفات الاقتصاد العالمي بصفة مدير عام صندوق النقد الدولي، يتابع اليوم في قضية أخرى، ترتبط بمجونه الجنسي، في موازاة قضية فندق quot;سوفيتيلquot; المعروفة، التي نحته من على رأس إحدى أهم المؤسسات المالية الدولية في العالم.

دومينيك ستروس-كان هو مطالب اليومبإعطاء المزيد من التوضيحات للمحققين في القضية، التي أصبحت تعرف بقضية quot;كارلتونquot; في ليل شمال فرنسا، حيث اعتبر أحد الفنادق الحامل للاسم نفسه من بين الأماكن التي كان يقضي فيها الوزير السابق ليالي ماجنة.

يتابع القضية ثمانية أشخاص، أبرزهم المسؤول الأمني الأول السابقفي منطقة ليل جان كريستوف لاغارد، الذي ينظر إليه على أنه الرجل الذي قد يكون غطّى في هذه المنطقة على المغامرات الجنسية لستروس- كان، إضافة إلى مقاولين اثنين، تقول عنهما التحقيقات إنهما كانا يموّلان الليالي الماجنة التي كان يحضرها.

وتمّ الإفراج عنه بعد أكثر من ثلاثين ساعة قضاها في الحراسة النظرية، وتركزت أسئلة المحققين، خلالها، على مسألة إن كان ستروس- كان على علم بأن الفتيات اللواتي كن يحضرن هذه quot;الليالي الملاحquot; يمتهن الدعارة، وأنها كانت تموّل من أموال مقاولتين، كما إن المفتشية العامة لإدارة الأمن استجوبته بدورها لمعرفة نوعية الدور الذي كان يلعبه رئيس الأمن الإقليمي في منطقة ليل في هذا الملف.

الصحافية لوباريزيان ذكرت أن المدير العام السابق لصندوق النقد الدولي أوضح أنه quot;لم يشك للحظة واحدة في أن الأمر قد يكون يتعلق بعاهراتquot;، في توضيح منه لهوية الفتيات اللواتي كن يشاركنه هذه quot;السهراتquot;، وفيالسياق نفسه يقول محاميه quot;زبوني أجاب كما كان يريد، وبطريقة هادئة جداًquot; عن أسئلة المحققين.

يواجه وزير الاقتصاد السابق تهمة quot;التواطؤ في قضية دعارة على علاقة بعصابة منظمةquot;، والاستفادة من quot;أموال مختلسةquot;، ومن المنتظر أن يستمع إليه من جديد في القضية نفسهافي الثامن والعشرين من الشهر المقبل.

قضية سوفيتيل التي كشفت عن الوجه الآخر لستروس- كان

الإعلامي والمحلل السياسي جورج نوفل

في موازاة قضية فندق quot;كارلتونquot;، هناك قضية ثانية معروفة يتابع فيها ستروس- كان، قضية فندق سوفيتيل، حيث سيمثل أمام القضاء الأميركي في الخامس عشر من مارس/ آذار، لكن هذه المرة في إطار مسطرة مدنية، بعدما تم وقف المسطرة الجنائية بحقه.

وكانت محاكمته اتخذت هذا المنحىبعدما تبين للقضاء الأميركي أن متهمته، المستخدمة في فندق quot;سوفيتيلquot; في نيويورك نفيساتو ديالو، تناقض نفسهافي تصريحاتها، وهو الأمر نفسه الذي ظل يطالب به دفاعه.

وسبق أن حاول دفاع ستروس- كان، وخصوصاً المحامي ويليام تيلور، الاستناد إلى اتفاقية دولية مصادق عليها في الأمم المتحدة سنة 1947، ليؤكد أن موكله من حقه أن يستفيد من الحصانة الديبلوماسية، وإن كان الأمر يتعلق بأفعال ارتكبها بشكل شخصي، وهو ما انتقده مراقبون، باعتبارهم أن القضية لا تمت بصلة إلى الشأن الديبلوماسي.

وتنحصر مطالب دفاع المستخدمة الغينية، اليوم، في مطالب مادية، حيث يطالب محاميهابتعويضات عمّا لحق بزبونته مما اعتبره quot;اعتداء سادياً وعنيفًا في غرفة الفندقquot;، إلا أن هذه المحاكمة يمكن أن تطول لسنوات بحسب مهتمين بالقضاء الأميركي.

جورج نوفل: هي قضية رجل مع نفسه ومع القضاء

لا يرى الإعلامي والمحلل السياسي جورج نوفل أن هذه القضية تطرح اليوم quot;ببعدها السياسي كما في البدايةquot;، بدليل أن quot;الطبقة السياسية لم تعد تتعامل معها إلا من جانب تراكماتها الأخلاقية، على اعتبار أنه سقط اجتماعياً وسياسياً بشكل نهائي، وفقد ثقة الفرنسيين، وبالتالي أصبحت كل الأبواب مقفلة أمام عودته إلى عالم السياسةquot;،ويستبعد نوفل أي عودة ممكنة للوزير السابق إلى الحياة السياسية.

ويضيف متابعاً، في قراءة خاصة لـquot;إيلافquot;، quot;أعتقد أنه هو شخصياً بات على قناعة بأن عودته إلى السياسة مستحيلة، وأنه لم يعد عندههمّ سوى التخلص من كل القضايا التي تطارده، بعدما طردته السياسة، والأصحّ بعدما طرد نفسه من السياسةquot;.

كما لا يعتقد ضيفنا أن اليمين المتطرف الفرنسي بإمكانه أن يستثمر هذه القضية ببعد أخلاقي في حملة الرئاسيات، quot;لأن استغلال هذه القضية سيسيء إلى كل من يستخدمها كسلاح سياسي، ثم إن أي استغلال لقضية ستروس- كان لم يعد له أي تأثير، بعدما فقد الرجل كل رصيده السياسي، وحتى الاجتماعي، ولم تعد بذلك قضيته تشكل ورقة رابحة يمكن استغلالهاquot; منقبل أطراف سياسية معينة.

ويؤكد جورج نوفل أن هذه القضية quot;لن تسيء في أي حال من الأحوال إلى المرشح الاشتراكي فرنسوا هولاند، بمجرد تحوّلها إلى قضية شخصية، لا ارتباطات ولا تفرعات سياسية لها، وهي لا تعني الحزب الاشتراكي في مطلق الأحوالquot;.

في السياق نفسه، يضيف موضحاً أنها quot;أصبحت الآن قضية رجل مع نفسه ومع القضاءquot;، وquot;المنغمس فيها، في هذه القضايا الأخلاقية، هو ستروس-كان، وليس الحزب الاشتراكي ومرشحه إلى الرئاسة، ولو كان للقضية أي تأثير سلبي على فرانسوا هولاند، لما كانت استطلاعات الرأي ترجّح فوزه على نيكولا ساركوزيquot;، يختم نوفل.