أعلن أسطع نجوم الحزب الاشتراكي الفرنسي (سابقًا) دومينيك ستروس ndash; كان نيّته العودة إلى بلاده في أسرع وقت ممكن، بعد تبرئته من التهم الجنسية الموجّهة إليه في نيويورك. لكن أنصاره القدامى لا يتطلعون إلى عودته الآن.


ستروس ndash; كان مع زوجته آن سينكلير في نيويورك

باريس: صحيح أن القانون الأميركي أخلى ساحة دومينيك ستروس ndash; كان، مدير صندوق النقد الدولي سابقا وأمل الحزب الاشتراكي الفرنسي في إطاحة نيكولا ساركوزي من الرئاسة في انتخابات العام المقبل. لكن نوع التهم التي أحاطت به تثير هلع الاشتراكيين حيال إعلانه نيته العودة إلى الساحة السياسية في بلاده.

ورغم أن صور ستروس ndash; كان، بالأبيض والأسود، مطروحة للبيع في مقر مؤتمر الحزب الاشتراكي في مرفأ لاروشيل، في غرب فرنسا، فمن الواضح أن المندوبين غير حريصين على اقتنائها.

ونقلت صحيفة laquo;تايمزraquo; البريطانية قول مندوبة من جنوب غرب البلاد طلبت حجب هويتها: laquo;نيته الظهور بيننا في هذا المؤتمر تصيبني بالهلع. إذا كان يريد لهذا الحزب الفوز في انتخابات العام المقبل، فعليه أن يبتعد تمامًا عن كل ما يتعلق بهraquo;.

وأضافت المندوبة قولها: laquo;الاتهامات التي يواجهها ستروس ndash; كان بالتحرّش الجنسي أبعد ما تكون عن نهاية لها، برغم إسقاطها من قبل الإدّعاء الأميركي. ربما كان بريئًا فعلاً، لكنه انتهى من الناحية السياسية. ولا أدري كيف يتسنى له أن يقرر العودة، وهو يعلم أننا نعلم الكثير عن تصرفاته. تبرئته لا تهم في الوقت الحالي لأنه لطّخ صورة الحزب ولطخّ مصداقيته على نحو مخيفraquo;.

هكذا يمكن القول إن هذا الرجل، الذي يعتبر أحد أفضل وزراء المالية الفرنسيين السابقين، وكان حتى ثلاثة أشهر مضت، أفضل المرشحين لهزيمة شخص مثل نيكولا ساركوزي، أضاع حتى أضعف الفرص في حصوله على تشريح الحزب له لأي منصب رسمي، دعك من خوض الانتخابات الرئاسية نفسها باسمه.

وعُلم أن ستروس ndash; كان استعاد جواز سفره من السلطات في نيويورك، وتوجّه السبت إلى واشنطن، حيث ستطرح زوجته الصحافية التلفزيونية المليونيرة، آن سينكلير، منزلهما للبيع قبل عودتهما سويًا إلى فرنسا في غضون حوالي الأسبوع.

وقبل عودته فسيغشى مقر صندوق النقد ليودع طاقم عامليه. وكان مقررًا له أن يلقي هناك كلمة يدلي فيها بآرائه عن الأزمة المالية العالمية ndash; من أجل استعادته نوع الاهتمام الذي يفضل هو أن يحصل عليه. لكنه استجاب لنصح جهة ما بأن يتخلى عن هذا لأنه سيسرق الأضواء من مؤتمر الحزب الاشتراكي الفرنسي في لاروشيل.

وكان ثمة حديث أيضًا عن أنه سيلقي على الشعب الفرنسي روايته، من جانبه، عن الظروف التي أدت إلى اتهامه من جانب الخادمة نفيساتو ديالو بالاعتداء جنسيًا عليها في غرفته في فندق laquo;سوفيتيلraquo; في 14 مايو/أيار الماضي، وتأكيده على أن ما حدث تم برضائها التام.

ولكن يبدو أنه استجاب لنصيحة أخرى، مفادها أن السواد الأعظم من الفرنسيين ndash; بمن فيهم أنصاره الاشتراكيون - لا ينظرون إلى مظاهر حياته الخاصة بأي قدر يذكر من التعاطف.

تأكيدًا لما تبدو أنها نهاية ستروس ndash; كان على خشبة المسرح السياسي، فقد أظهر استطلاع للرأي يوم الجمعة أن 80 % من الفرنسيين لا يريدون له أي نوع من المشاركة في عملية اختيار الحزب الاشتراكي لمرشحه الرئاسي انغماره في نشاط سياسي علني.

والواقع أن نتيجة هذا الاستطلاعخبر سيء ليس بالنسبة إلى ستروس ndash; كان وحسب، وإنما للعديد من رفاقه في أروقة الحزب الاشتراكي العليا الذين هللوا بعدما أعلن الإدعاء الأميركي إسقاطه كل التهم الموجّهة اليه. فالنتيجة تعني ndash; ضمنيًا على الأقل - أن قادة الاشتراكيين يبدون منعزلين عن الشارع وهمومه وآرائه في ساسته.

أضف إلى هذا أن سمعة ستروس ndash; كان ما زالت تتمرغ في الوحل، وإن كان قد برّئ من تهم خادمة الفندق النيويوركي. فكما يقول أحد المندوبين إلى المؤتمر: laquo;كون الادعاء أسقط تهمه ضده فهذا لا يعني براءته تلقائيًا، وإنما يعني أن الإدعاء لم يجد الدليل الدامغ على أنه اغتصب الخادمة. ولو كان قد اتهم وواجه محكمة برأته فيها هيئة المحلفين لكان هذا كافيًا في اعتقادي لأن يعيد النقاء إلى سيرته. لكن هذا لم يحدث للأسفraquo;.

إضافة إلى كل هذا فإن ستروس - كان يواجه تهمًا مشابهة من عدد من الفرنسيات، أبرزهن الكاتبة تريستان بانون، التي رمته بمحاولة اغتصابها أثناء مقابلة رسمية بينهما في العام 2003 كجزء من متطلبات حصولها على وظيفة، كان هو يشرف عليها.

ورغم أن بعض المندوبين إلى مؤتمر الحزب الاشتراكي في لاروشيل يعتقدون أن فرصه في ترشيح الحزب له أقرب إلى الصفر الآن، فهم لا يستبعدون دورًا له كمستشار سياسي للحزب من خلف الكواليس، وربما علنًا، كما يقول البعض.

لكن الغالبية في الحزب تعترف بأن ستروس ndash; كان laquo;مات وقُبر سياسيًاraquo;. وهذه نتيجة تصيب العديد منهم بالإحباط، كما يعبّر أحدهم.

ويقول هذا إن الحزب laquo;وجد أخيرًا صوتًا يساريًا معتدلاً وذكيًا بوسعه طرح برنامج اشتراكي لا يخيف اليمينيين. على أن ما حدث في الأشهر الثلاثة الأخيرة يعني أن كل هذا ذهب أدراج الرياحraquo;.