أسقط القاضي التهم عن ستروس كان المتهم باغتصاب عاملة الفندق

انتهت بشكل مفاجئ ثلاثة أشهر من التحقيقات الجنائية بحق دومنيك ستروس كان الرئيس السابق لصندوق النقد الدولي، والمتهم باغتصاب عاملة فندق بعدما وافق القاضي على إسقاط التهم بحق ستروس كان.


انتهت أكبر دراما جنائية عرفتها نيويورك في السنوات الأخيرة بمشهد لم يدم سوى 12 دقيقة، والحديث يتعلق بقضية دومنيك ستروس كان الرئيس السابق لصندوق النقد الدولي والمتهم باغتصاب عاملة فندق.

في البدء تكلم المدعي العام مارا بسرعة عما كان معروفًا منذ اسابيع، وهو ان مكتب ادعاء منطقة مانهاتن في نيويورك ليس لديه ثقة بقضيته نفسها، وحتى أقل من ذلك ثقته بالمدعية التي تبنى قضيتها في البداية.

واعقب مداخلة الادعاء العام محامي الدفاع الذي اكتفى بالقول quot;لا اعتراض على الطلبquot;. وكان الطلب إسقاط التهم الموجهة دومنيك ستروس كان بالاعتداء الجنسي على عاملة فندق.

ثم تحدث القاضي موافقًا على إسقاط التهم وإيقاف كل الملاحقات القانونية بحق ستروس كان. وبذلك انتهت فجأة ثلاثة اشهر من التحقيقات الجنائية في دراما كان كل فصل منها حافلاً بالانعطافات المثيرة في الحبكة الأساسية المتمثلة في ان ستروس كان صاحب السطوة والسمعة الدوليتين متهم بالاعتداء على عاملة فندق بسيطة حين دخلت جناحه لتنظيفه.

وأسفر قرار القاضي إسقاطكل التهم عن شكل من اشكال الثأر القانوني بعد كل ما تعرض له ستروس كان من اعتقال اثار الكثير من الدهشة والاحراج في حينه. إذا أُلقي القبض عليه في 14 ايار/مايو حين كان على متن طائرة فرنسية في مطار كندي متوجهًا الى باريس، ثم ظهر اشعث مكبل اليدين امام عدسات وسائل الاعلام.

بعد جلسة الاستماع التي عُقدت يوم الثلاثاء أدلى ستروس كان بأول تصريح منذ اعتقاله واصفًا التحقيق الجنائي الذي أُخضع له بالكابوس عليه وعلى عائلته، ثم شكر القاضي وزوجته وافراد عائلته وجميع من وقفوا معه.

واعرب عن ارتياحه البالغ لاتفاق مدعي منطقة مانهاتن مع محاميه على اسقاط التهم. وقال انه يتطلع الى العودة الى بيته ووطنه واستئناف حياته الاعتيادية. واعلن بنجامين برافمان احد محامي ستروس كان انه يتوقع ان يتوجه موكله الى واشنطن، حيث يملك بيتًا ابتاعه منذ سنوات لتسوية بعض الأمور الشخصية.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن برافمان ان تخطيط مستقبل ستروس كان (62 عامًا) كان صعبًا إزاء احتمال مرور اشهر من التحضير لمحاكمة كانت تلقي بظلالها الكثيفة على حياته وخطر السجن الذي كان مسلطًا على موكله.

اما المدعية عليه المهاجرة الغينية نافيساتو ديالو (33 عامًا) فان النتيجة كانت نهاية انحدار متسارع الى هاوية. وبعدما صوّرها المدعون شاهدة ذات مصداقية وحجة قوية، قالوا ان اكاذيبها عن ماضيها، بما في ذلك ادعاؤها التعرّض الى اغتصاب جماعي على أيدي جنود غينيين، تسببت في تقويض قضية الادعاء العام.

وما زالت ديالو تنتظر البتّ في دعوى مدنية رفعتها ضد ستروس كان تطالب فيها بتعويض غير محدَّد. ودأب محاميها كينث تومسن على التأكيد أن ستروس كان أجبر موكلته على إرضائه جنسيًا عن طريق الفم، وكان على مكتب المدعي سايروس فانس الابن ان يطالب بإجراء محاكمة.

وبعد جلسة الاستماع قال المحامي تومسن ان المدعي فانس quot;تخلى عن امرأة بريئة أنكر عليها حقها في نيل العدالة في قضية اغتصابquot;. وان المدعي بعمله هذا quot;تخلى ايضًا عن نساء أُخريات سيتعرضن الى الاغتصاب أو الاعتداء الجنسي في المستقبلquot;.

وقام تومسن بمحاولة أخيرة لإبقاء القضية الجنائية حية، فقدم طلبًا بإعفاء مكتب الادعاء العام من توليها. ولكن قبل نحو ساعة على جلسة الثلاثاء، سلم كاتب في المحكمة قرارًا رفض فيه القاضي مايكل اوبوس طلب المحامي. واستأنف تومسن قرار القاضي، ولكن قاضي استئناف رفض اعتراض المحامي بعد ظهر الثلاثاء ممهدًا الطريق لعودة ستروس كان الى فرنسا، رغم ان محامييه قالوا انه لن يعود على الفور.

وتعرّض المدعي فانس الى انتقادات من بعض القادة السود في حركة الحقوق المدنية والناشطات في منظمات نسائية حقوقية، احتج بعضهم خارج مبنى المحكمة. وكانت القضية بالنسبة إليهم مثالاً على إفلات رجل صاحب جاه وسلطان من العدالة بعد اعتدائه على مهاجرة مسكينة. واحتجوا بأن المشاكل المتعلقة بمصداقية ديالو ما كانت ستمنع المدعي فانس من ترك هيئة المحلفين تقرر تصديقها أو عدمه.

واصدر المدعي فانس بيانًا قال فيه إن مكتبه ملتزم بحماية ضحايا الجرائم الجنسية حتى من لديهم quot;ثغرات في ماضيهمquot; طالما لم يتوصل الادعاء العام الى قناعة بصدق الضحايا والشهادة بذلك امام المحكمة. وسعى فانس الى تهدئة الانتقادات التي وجّهت الى قراره طلب اسقاط التهم بتقرير يقع في 25 صفحة قدمه مكتبه الى المحكمة يوم الاثنين ومن خلال بيانات صادرة من كبيرة المدعين جوان ايلوزي اوربون.

وكان التقرير الأصلي ثلاثة اضعاف حجم هذا التقرير، ولكنه اختُصر للتركيز على التفاصيل ذات العلاقة بالقضية فقط بالاستناد الى محاجاته القانونية وتجنيب ديالو مزيدًا من الاحراج، كما افادت صحيفة نيويورك تايمز نقلاً عن مصدر قضائي.

وكانت كبيرة المدعين ايلوزي اوربون اعلنت ان القضية تتوقف quot;في صعودها وفي سقوطهاquot; على شهادة ديالو لأن الأدلة المادية ليست دامغة في اثبات واقعة الاعتداء الجنسي، وديالو هي الشاهد الوحيد.

وقالت ايلوزي اوربون ان من اشد الأكاذيب التي قالتها ديالو تدميًرا لقضية الادعاء العام كانت روايتها عما حدث بعد الاعتداء الجنسي المفترض عليها. إذ طعن المدعون بإفادتها مستندين الى شهود مستقلين فردت ديالو ناكرة انها قالت لهم ما قالته.

واوضحت كبيرة المدعين ايلوزي اوربون انه quot;بوجود ثلاثة مدعين ومحقق ومترجم يقتنصون كل كلمة تتفوه بها ديالو قالت انها لم تقل لنا قط شيئًا سمعه جميع من كانوا في الغرفةquot;. واضافت ان المدعين لم يتمكنوا من حل المسألة المتمثلة في ما إذا كان ما حدث بين ستروس كان وديالو فعلاً جنائيًا.

ولكن فريق الدفاع عن ستروس كان فسر اجراءات الادعاء العام على انها تعني شيئا آخر. واعلن وليام تايلور احد محامي ستروس كان امام المحكمة ان الادعاء قال للمحكمة انه لا يعتقد ان ستروس كان مذنب. واعتبر ان ذلك انقلاب حدث في قضية جنائية ومأساة في حياة دومنيك ستروس كان.

وأثنى تايلور على المدعين لتحقيقهم في القضية وقرارهم طلب اسقاط التهم، لكنه اشار الى ان حكمًا متسرعًا صدر على موكله من جانب القضاء وكذلك من جانب الاعلام. واضاف برافمان المحامي الآخر في فريق الدفاع عن ستروس كان quot;انه من الجائز ان يمارس المرء سلوكًا غير لائق، ولكن هذا يختلف اختلافًا كبيرًا عن ارتكاب جريمةquot;.

لكن محكمة الرأي العام قد لا تكون بجانب ستروس كان. وبين متاهة المتاريس التي اقامتها الشرطة وكاميرات وسائل الاعلام، كان محتجون يهتفون امام مبنى المحكمة مرددين شعارات، بينها quot;الخزي والعار لدومنيك ستروس كانquot;، وquot;اياً يكن ما تلبسه المرأة واينما تكون فإن نعم تعني نعم ولا تعني لاquot;.