مؤامرة اغتيال بوتين .. تهديد حقيقي أم مناورة قبل الانتخابات

حظي خبر إحباط الشرطة الروسية محاولة اغتيال رئيس الوزراء فلاديمير بوتين بعد انتخابات 4 مارس الرئاسية التي ترشح إليها باهتمام بالغ على كافة الأصعدة، خاصة الإعلامية التي خصصت تقارير وتحليلات حول مؤامرة الاغتيال ذكرت فيها تفاصيل الموضوع.


القاهرة: حظي الخبر الذي أعلنت بموجبه الشرطة الروسية يوم أمس عن نجاحها في إحباط محاولة لاغتيال رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، بعد انتخابات 4 مارس الرئاسية التي ترشح إليها، باهتمام بالغ من كافة الأوسط الإعلامية والصحافية حول العالم.

ولعل واحداً من أبرز التحليلات التي خصصتها وسيلة إعلامية لهذا الخبر ذلك الذي نشرته اليوم مجلة التايم الأميركية تحت عنوان quot;مؤامرة اغتيال بوتين : تهديد حقيقي أم حيلة في مرحلة ما قبل الانتخابات ؟quot;. واستهلت المجلة حديثها بنقلها عن متحدث باسم بوتين تأكيده أن رئيس الوزراء الذي تفصله أيام قليلة عن الظفر، كما هو متوقع، بالانتخابات الرئاسية، كان هدفاً لمحاولة اغتيال، وأنه يعتقد أن الأشخاص المتورطين في ذلك يحملون الجنسية الشيشانية وتربطهم علاقات بالغرب.

وبدلاً من قيام شبكة quot;شانيل وانquot; الروسية الحكومية ببث حقائق المحاولة باعتبارها نبأ عاجلا، فإنها قامت بعرض تقرير على هيئة فيلم وثائقي، مدته 4 دقائق، يبين العقل المدبر لتلك المؤامرة ويدعى آدم أوسماييف، وتبدو على وجه ندبات الضرب واللكمات، وهو يعترف بمحاولة الاغتيال أمام الكاميرات. وأضاف quot;كان الهدف الأخير من الخطة هو الذهاب إلى موسكو ومحاولة اغتيالبوتينquot;.

وأشار هذا التقرير التلفزيوني إلى أن أوسماييف عاش لسنوات في لندن، حيث يتواجد ألدّ خصوم بوتين السياسيين، وأنه كان يتصرف وفقاً لأوامر مباشرة يتلقاها من الزعيم الشيشاني الإرهابي دوكو عمروف. وفي حديثه مع المحطة التلفزيونية، تابع أوسماييف، 31 عاماً، بقوله :quot;موعدنا النهائي كان بعد الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من شهر آذار/ مارس المقبلquot;. ولفتت التايم إلى وجود زميل آخر له في تلك العملية يدعى روسلان ماداييف، 26 عاماً، حيث قُتِل حين انفجرت مصادفةً القنبلة التي كان يزرعها في شقة مستأجرة في أوديسا، ما تسبب بحريق إلتهم المبنى.

أما المشتبه الثالث فهو شخص يدعى إليا بيانزين، 28 عاماً، وقد تعرض لحروق بالغة وتم نقله إلى المستشفى. وقد أدلى باعترافات هو الآخر في التقرير التلفزيوني.

وتردد أن المخابرات الأوكرانية، التي تعرف بـ SBU، قد عثرت على حاسوب محمول بحوزة أوسماييف، وأنه كان يحتوي على العديد من الفيديوهات لبوتين وهو يركب السيارة، محاطاً بمجموعة من أفراد الحراسة الخاصة، وموكبه يجوب في شوارع المدينة.

وتابعت التايم حديثها بنقلها عن ضابط يعمل لدى المخابرات الروسية، قوله:quot;كان يخطط هؤلاء الأشخاص لعمليتهم ليس من خلال نموذج واحد وإنما من خلال العديد من النماذجquot;. وتحدث البعض في هذا الصدد عن التهديد الإرهابي الذي كان يبدو متوقعاً قبيل الانتخابات المرتقبة، خاصة وأنه من المعروف أن عمروف هو أكثر الإرهابيين المطلوبين لدى روسيا، بعد إعلانه تحمله مسؤولية العديد من الهجمات الانتحارية التي شهدتها البلاد على مدار العقد الماضي. لكن اللافت هو أن عمروف أصدر فيديو هذا الشهر يدعو فيه أفراد شبكته الإرهابية إلى إلغاء كافة الهجمات التي تستهدف المدنيين الروس. كما نوهت المجلة في سياق حديثها بأن استخدام عملاء من الغرب لم يكن أبداً من العلامات المميزة لعمليات عمروف الإرهابية.

وهو ما جعل المجلة تقول إن ادعاء التقرير الذي بثته شبكة quot; شانيل وانquot; بأن الأشخاص الذين وقفوا وراء محاولة اغتيال بوتين عاشوا ودرسوا في لندن يبدو غريباً، وقد يسمح باتساع دائرة المشتبه بهم لتشمل كبار الشخصيات المفضلة لدى بوتين.

وقد أشارت تقارير حديثة في وسائل الإعلام الحكومية في روسيا إلى أن الثري الروسي، بوريس بيريزوفسكي، الذي ساعد في وصول بوتين إلى السلطة، يدعم حالياً الاحتجاجات المثارة ضد بوتين في محاولة من جانبه للإطاحة بالحكومة الحالية.

وسبق لبيريزوفسكي أن طالب الشهر الماضي بوتين بأن يتقدم باستقالته من خلال خطاب، حيث قال له فيه :quot; فلاديمير، ما زال بمقدورك أن تجنب تعرض البلاد لثورة دمويةquot;. ولهذا السبب لم يستغرق حلفاء بوتين وقتاً طويلاً كي يبدأوا في الربط بين محاولة الاغتيال هذه وبين الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي اندلعت مؤخراً في موسكو.
لكنه وفي حديث له عبر الهاتف من لندن مع التايم، نفى بيريزوفسكي أن يكون له أي علاقة بالتظاهرات التي تشهدها موسكو، أو بمحاولة الاغتيال التي تعرض لها بوتين. فيما قال أشخاص آخرون محسوبون على تيار المعارضة إن مؤامرة الاغتيال هذه قد تكون مناورة قبل الانتخابات تهدف إلى توفير الدعم والمساندة لبوتين. بينما ستعيد تلك المؤامرة إلى أذهان البعض الذكريات الخاصة بالتهديد الشيشاني، الذي مهَّد لفوز بوتين بانتخابات الرئاسة عام 2000، عندما برز كزعيم حربي.

بوتين رجل روسيا القوي يعود الى الكرملين


فلاديمير بوتين الذي كان رجل استخبارات غير معروف قبل أن يصبح موظفا كبيرا ويواصل صعوده بسرعة الى رأس هرم الدولة، زعيم متسلط نجح في تغيير وجه روسيا خلال 12 عاما.

واذا انتخب الاحد، فسيبقى بوتين بعدما ترأس الحكومة أربع سنوات، في الرئاسة حتى 2018 على الاقل. وهو يؤكد ان هدفه الوحيد هو ضمان quot;تنمية مستقرة لبلدquot; نجح في الخروج من مخاطر التسعينات لاعطائه مكانة قوة عظمى.

وفي اب/اغسطس 1999، سماه الرئيس بوريس يلتسين الذي عانى فرط تناول الخمور، رئيسا للوزراء في وقت كانت روسيا تترنح جرّاء أزمة اقتصادية في العام السابق.

وربما انتشل فلاديمير بوتين روسيا من الرمال المتحركة التي كانت تغوص فيها بعد الحقبة السوفياتية على مدى أكثر من عقد من الحكم، لكنه عمل ايضا على تحجيم قوة المجتمع المدني وأثار حفيظة الغرب عبر سياسة خارجية تصادمية.

ويبدو الان ان بوتين سيصل الى الكرملين للمرة الثالثة بعد ان رشحه الرئيس الحالي ديمتري مدفيديف للرئاسة، وتأكد ترشيحه رسميا بقبوله الاسبوع الماضي أمام حشد ضمّ 11 ألفا من مندوبي حزبه تسميتهم له مرشحا للانتخابات المرتقبة في الرابع من اذار/مارس المقبل.

ويمكن نظريا ان يستمر بوتين في حكم البلاد لولايتين متعاقبتين حتى العام 2024.

وخلال مؤتمر حزبه حزب quot;روسيا الموحدةquot; حذر بوتين البلدان الخارجية من التدخل في الانتخابات التشريعية التي تشهدها بلاده في كانون الاول/ديسمبر المقبل والانتخابات الرئاسية في 2012.

وقال بوتين ان بلدانا اجنبية تمول منظمات اهلية في روسيا quot;حتى تؤثر في سير العملية الانتخابية في بلادناquot;، واصفا ذلك بالعمل quot;الذي لا طائل منه والمال الضائعquot;.

وفي لهجة بدت واثقة، قال بوتين quot;على كافة شركائنا الاجانب ان يدركوا ان روسيا بلد ديمقراطي وشريك يوثق به ويمكن الاتفاق معه بل يتعين الاتفاق معهquot;، مضيفا وسط تصفيق الحضور quot;ولكن لا يتعين الاملاء عليه من الخارج!quot;.

وكان بوتين رجل الاستخبارات السوفياتية (كي جي بي)، قد ابقى على الاساليب السوفياتية مثل الاحتفاظ بقوات أمن نافذة والحكم المركزي الذي كان الليبراليون يأملون ان يذهب دون رجعة في روسيا المستقلة الجديدة بعد انهيار الحكم السوفياتي.

غير ان بوتين يحظى فعلا بشعبية كبيرة بين الروس اذ اعاد اليهم درجة من الثقة بالنفس في بلد بدا على شفا الانهيار في بعض منعطفاته الصعبة خلال التسعينات.

وبالنسبة إلى أنصاره، فإن بوتين هو منقذ روسيا الحديثة في حين يرى فيه معارضوه النسخة الاحدث في سلسلة الزعماء الاستبداديين بدءا من ايفان الرهيب ومرورا بستالين.

لكن المؤكد هو ان بوتين البالغ الثامنة والخمسين من عمره شخصية ذات أهمية تاريخية.

وقد اتضحت سياسة بوتين حينما تحدث الى الروس في اعقاب حصار مدرسة بيسلان العام 2004 الذي نفذه اسلاميون وسقط خلاله 334 قتيلا على الاقل اكثر من نصفهم من الاطفال وترك البلاد في حالة صدمة.

فقد وصف بوتين آنذاك الاتحاد السوفياتي بأنه quot;دولة عظيمة.. لكن للأسف لم تعد تتماشى مع العالم المعاصرquot;. واضاف ان روسيا الجديدة اظهرت ضعفا في التعامل مع التحديات التي واجهتها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.. والضعيف يتعرض للضربquot;.

بدأ بوتين مشواره في جهاز الكي جي بي النافذ حيث عمل في ألمانيا الشرقية السابقة.

وتمكن بوتين الذي ما زالت تحيط به هالة ضابط المخابرات، من تعزيز سلطته خلال حرب ثانية ضد الانفصاليين الشيشان اشار منتقدوه الى انها شهدت انتهاكات بشعة لحقوق الانسان. وقد بدأت هذه الحرب بعد سلسلة تفجيرات استهدفت أبنية سكنية لم يتم الوقوف على كل جوانبها.

كان اول رئيس روسي منتخب ديمقراطيا، بوريس يلتسين، هو الذي انتشل بوتين من منصب رئيس جهاز اف اس بي الذي خلف كي جي بي، ليعينه رئيسا للوزراء.

وحينما استقال يلتسين عشية العام 2000 عين بوتين رئيسا.

وفي هذه الليلة خاطب بوتين الروس بثقة غريبة على رجل وجد نفسه فجأة يمسك زمام اضخم بلدان العالم موضحا له قواعد لعبته الصارمة والتي لم تتغير منذ ذلك الحين.

انذاك قال بوتين quot;لن يكون هناك فراغ في السلطة ولا في هذا البلد. اود ان احذر من ان اي محاولات للخروج على القانون ستجهض بحسمquot;.

لكنه اكد ايضا للروس ان quot;حرية التعبير والمعتقد والصحافةquot; ستحظى بالحماية، وهو التعهد الذي يقول البعض انه انتهكه المرة تلو الاخرى.

وحتى بينما كان رئيسا للوزراء تحت رئاسة يلتسين، عرف عن بوتين حديثه المقرب من الشارع، حين قدم تعهده الشهير quot;سألقي بالارهابيين في المرحاضquot;.

ولم يحرك بوتين ساكنا ازاء الغضب الغربي حيال اعتقال ميخائيل خودوركوفسكي حيث اعلن حتى قبل النطق بالحكم في المحاكمة الثانية لقطب النفط المعادي للكرملين ان quot;اللص مكانه السجنquot;.

وجاء انقضاء فترة الولاية الثانية، وهي الحد الاقصى لتولي الرئاسة على التوالي دستوريا، ومضى دون أن يفرض عقبة امام بوتين حيث عينه ديمتري مدفيديف، رفيقه من سان بطرسبورغ وصنيعته السياسي، على الفور في منصب رئيس للوزراء، ومن ثم استمرّ قابضا على السلطة.

لم يتوار بوتين يوما عن الانظار اثناء رئاسته للوزراء، بل عمد الى ابراز قدراته بشكل لا قدرة لمدفيديف به ويصعب وجود مثله بين زعماء العالم.

وظهر في صور في رحلات الصيد، وهو يمتطي الخيل في نزهات الصيف كاشفا عن صدره العاري مستعرضا عضلاته.

والتقطت لبوتين الصور مع كل الوحوش البرية التي تجدها في روسيا مثل النمر وفهد الثلوج والدب القطبي، وغاص الى اعماق بحيرة بايكال في غواصة صغيرة وقاد سيارة سباق فورمولا وان.

وسأل احد الصحافيين بوتين قلقا بعد ان عاد من رحلة علمية خطرة لتعقب الحيتان بين البحار العاتية quot;فلاديمير فلاديميروفيتش، لماذا كل هذه المخاطرة! أتعي المخاطر؟quot;.

فرد عليه بوتين دون تفكير quot;الحياة مخاطرةquot;.

ونادرا ما يظهر بوتين على الملأ برفقة زوجته ليودميلا التي رزق منها بابنتين، وسبق وقال للصحافيين قولا شهيرا quot;ابعدوا انوفكم الغليظةquot; عن شؤونه.

وحينما زعمت صحيفة روسية صغيرة في العام 2008 ان بوتين خان زوجته مع بطلة جمباز ايقاعي اولمبية، انتهى الامر بالصحيفة للتراجع عن المقال وتفنيده واغلاق نفسها بنفسها.

بوتين يقول إن محاولات الاغتيال لا تخيفه

اكد رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين ان محاولات الاعتداء التي تستهدفه لا تخيفه، وذلك غداة الكشف عن مؤامرة اعدها اسلاميون شيشانيون واحبطتها اجهزة الاستخبارات الروسية والاوكرانية.

وقال بوتين في تصريحات نقلتها وكالات الانباء الروسية ان quot;الناس الذين هم في وضعي، عليهم ان يتعايشوا مع ذلك. وهذه الامور يجب الا تؤثرفي العمل. لم تقلقني ابدا ولن تقلقني ابدا. واذا لازمنا الخوف دائما لا يعود العيش ممكناquot;.

واضاف بوتين الذي كان رئيسا منذ 2000 الى 2008 قبل ان يصبح رئيسا للوزراء quot;اعيش مع هذا الامر منذ 1999، وهذا مستمر بلا توقف. في تلك الفترة، انشئت وحدة خاصة لمكافحة هذا النوع من الاعمالquot;.

واعلنت محطة التلفزيون الروسية الموالية للكرملين الاثنين ان اسلاميين شيشان كانوا يعدون هجوما ضد فلاديمير بوتين لكن الاستخبارات الروسية والاوكرانية احبطت هذه الخطة قبل ستة ايام من الانتخابات التي يرجح فوز رئيس الوزراء فيها.

وقال احد الموقوفين ويدعى ادم عثمايف (31 عاما) وهو مواطن روسي يتحدر من القوقاز ان quot;الاستعدادات أنجزت وتم تحديد موعد الاعتداء: بعد الانتخابات الرئاسيةquot;.

وعرضت قناة بيرفي كانال لقطات من استجواب الرجل.

وقالت الاستخبارات الروسية التي عملت مع الاستخبارات الاوكرانية ان المجموعة التي ينتمي اليها عثمايف تعمل لحساب زعيم التمرد الاسلامي في القوقاز الروسي دوكو عمروف، العدو الاول للكرملين.

وكشفت الاستخبارات الاوكرانية المخطط بعد انفجار قنبلة داخل شقة في اوديسا (جنوب اوكرانيا) في الرابع من كانون الثاني/يناير قتل فيه شخص بينما تم توقيف اثنين اخرين اكدا بحسب قناة التلفزيون انهما يعملان لحساب عمروف.