الرئيس بوتفليقة يشدد على ضرورة الحياد التام للادارة

ما إن أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة العاشر من أيار (مايو) موعدا للانتخابات التشريعية، حتى بادرت مختلف الأحزاب السياسية مطالبتها بإتمام هذا الاستحقاق في جو من النزاهة والمصداقية، ورغم تأكيد خطاب الرئيس على الموضوع إلا أن بعض احزاب المعارضة أعلنت مقاطعتها للانتخابات.


الجزائر: مع إعلان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عن موعد العاشر من أيار (مايو) المقبل كموعد لإجراء الانتخابات التشريعية، بادرت مختلف الأحزاب السياسية إلى المطالبة بضمانات حقيقية من أجل إجراء انتخابات حرة و نزيهة، و رغم ما تضمنه خطاب بوتفليقة الأخير الذي شدد فيه على حياد الإدارة التام، مع تهديد وزير الداخلية بحبس من يشوش على هذا الموعد، إلا أن أحزاب المعارضة تشكك في النوايا الحقيقة للسلطة، وطالبت بمزيد من الضمانات.

و في بادرة هي الأولى من نوعها منذ تبني التعددية الحزبية في الجزائر في 1989 ، تقرر أن تكون اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات خارج سلطة الحكومة، بعد أن كان رئيس اللجنة quot;شخصية محايدةquot; لا تنتمي إلى أي حزب يتم تعينها من طرف الرئيس.
وقد انتخب أعضاء هذه اللجنـة، محمد صديقي ممثل حـزب quot;عهـد 54quot; رئيسا لها، وتم التنصيب الرسمي للجنة في 22 شباط (فبراير) من طرف وزير الداخلية دحو ولد قابلية، وتضم اللجنة حاليا في عضويتها 21 حزبا وتتم التشكيلة الكاملة بعد التحاق ممثلي الأحزاب الجديدة والمرشحين المستقلين، وتتشكل اللجنة الثانية من 316 قاضيا عينهم الرئيس بوتفليقة بمرسوم رئاسي.

وفي خطابه الأخير شدد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على quot;ضرورة الحياد التام للإدارة ودعاهم إلى الالتزام الكامل بتطبيق القانون وتنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاءquot;، وأضاف بوتفليقة quot;على الجميع أن يتحمل مسؤولياتهم كاملةquot;، وأنه سيحاسب كل من يتورط في مخالفة القانون أو يقصّر في أداء واجبه المهني، أو يعرقل نزاهة العملية الانتخابية .
وفي السياق ذاته أكد أن quot;الإشراف القضائي على الانتخابات سيكون اختبارا حقيقيا لمصداقية القضاء وفرصة لتعزيز دوره الحيوي في تكريس الديمقراطية وترقية الحقوق السياسية في المجتمعquot;.
من جانبه، ذهب وزير الداخلية ابعد حينما قال بأن الانتخابات المقبلة ستكون quot;جسراquot; نحو المحاكم والسجن لمن يتجرأ على التشويش على مصداقيتها ونزاهتهاquot;.

ورغم هذه الوعود، إلا أن الأحزاب السياسية تباينت مواقفها تجاه هذه التصريحات، فمنهم من رحب بها واعتبرها كافية، ومنهم من نظر اليها على أنها مجرد نوايا بحاجة الى تكريس فعلي، وآخرون رفضوها بشكل مطلق و شككوا في نوايا السلطة واتهمها بالتزوير، quot; إيلاف quot; رصدت آراء هؤلاء من خلال هذا التقرير .
وبالمناسبة أشاد الناطق الرسمي للتجمع الوطني الديمقراطي مولود شرفي وفي تصريح مكتوب، بتأكيد الرئيس على أن quot;أهمية استحقاق 10 أيار (مايو) المقبل لا تقل أهمية عن نوفمبر 1954 واعتبر ذلك دليلا على أن الجزائر التي باشرت إصلاحات مهمة وعميقة، مقبلة على مرحلة جد مهمة من تاريخها المعاصرquot;، واعتبر الحزب الذي يترأسه الوزير الأول احمد أويحيى أن quot;مساهمة الناخبين والناخبات في الاستحقاق القادم محورية وحاسمةquot; لتفويت الفرصة على من أسماهم بـquot;هواة المناورات ومستوردي بضائع الأمميات الدينية والسياسية وعلى محترفي التدخل في الشأن الآخرين الداخليquot;.
من جانب آخر حمل أبو جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم، القضاء كل المسؤولية في الانتخابات المقبلة، وقال إن هذه التشريعيات تشكل quot;فرصة يجب أن يستغلها الجزائريون quot;بجد واهتمامquot; وأن يجعلوا منها quot;عرسا في بناء الديمقراطية بأصواتهمquot;.

أما محمد السعيد رئيس حزب الحرية والعدالة ذهب إلى القول أن quot;الإشكال لا يتعلق بالنصوص القانونية بقدر ما يتعلق بالأشخاص الذين يطبقون القوانين والإجراءات الموضوعة لضمان شفافية هذا الاستحقاقquot; ، وشدد على ضرورة quot;معاقبة من تثبت عليهم تهمة الضلوع في عمليات التزويرquot; مضيفا إن الأحزاب السياسية والسلطة تتحملان على حد سواء quot;مسؤولية التزويرquot;.
في حين ذهب الناطق الرسمي لحركة النهضة محمد حديبي إلى القول بأن quot;أكثر ما يثير شكوكنا بشأن نزاهة الانتخابات التشريعية المقبلة هو منع الأحزاب من التواجد في لجان الإشراف القضائي، بالإضافة إلى الغموض الذي يلف النصوص المنظمة لهذه اللجنةquot;، ويضيف quot;نحن لا نثق في ولاة متهمين بالتزوير يعينون القضاة المشرفين على الانتخابات في البلدياتquot;.
بالمقابل يرى موسى تواتي رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية، أنه لحد الآن لا توجد ضمانات كافية لإجراء انتخابات نزيهة، وأن بقاء اللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات غير معنية بمتابعة سير العملية الانتخابية وإعلان النتائج، يؤكد وجود نوايا تزوير خفية.
ويؤكد تواتي quot;أحزاب السلطة تقول إن هذه المرة لن يكون هناك تزوير، وهو اعتراف ضمني بأن التزوير كان في المرات السابقة، وبيت لقمان لم يتغير فيه شيء حتى نطمئن لوعودهمquot;.

وزير الداخلية يهدد بسجن اي مسؤول يزور الانتخابات

وعن دور القضاء يؤكد quot;لا يمكن تحقيق النزاهة بمجرد منح السلطة القضائية حق الإشراف عليها لأن الجهاز القضائي لم يحقق الاستقلالية التامة وما يزال تحت نفوذ الإدارة التي توجهه وتملي عليه شروطهــا وأوامرها، وبالتالي فإن تقاريـر القضاة تبقى نسبية ومشكوك في مصداقيتهاquot;.
أما حزب التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية quot;لأرسيديquot; فقرر مقاطعة الانتخابات، وتبرر قيادة الحزب هذا القرار بعدم وجود ضمانات حقيقية لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة ويسوق الناطق الرسمي للحزب محسن بلعباس من خلال حديثه لـquot;إيلافquot; جملة من الأعذار التي تحول دون مشاركة حزبه في الاستحقاق الانتخابي المقبل، منها quot;عدم الاستجابة لمطالب يراها حزبه ضمانات كافية لنزاهة العملية الانتخابية من ذلك استدعاء مراقبين دوليين محايدين وذات كفاءة ونزاهة ولا يخضعون لضغوط النظام الجزائري، هذا الحضور يجب أن يكون قبل ستة أشهر على الأقل من موعد إجراء الانتخاباتquot;، وهذا الأمر لم يتحقق حسبه.
الإشكال الثاني يتعلق بقضية مراجعة القوائم الانتخابية وحسب السيد بلعباس فان quot;إعلان وزير الداخلية دحو ولد قابلية عن أربعة ملايين مسجل جديد في الوعاء الانتخابي أمر مبالغ فيه، وغير حقيقي، لأن هذا العدد لا يتطابق مع الإحصائيات الرسمية التي كشف عنها في وقت سابق الديوان الوطني للإحصاء، والتي جاء فيها أن عدد السكان الذي تقل أعمارهم عن 18 سنة يبلغ نحو 14 مليون نسمة، وولد قابلية يصرح بأن هناك 21 مليون مسجل لحد الساعة، ومن المنتظر أن يسجل نحو خمسة ملايين مواطن أنفسهم خلال الأيام المقبلة، هذا يعني وجود نحو 26 مليون منتخب محتمل، ونحن نعلم أن عدد السكان في الجزائر لا يتجاوز 35 مليون نسمة، وذلك يعني أن عدد السكان الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة وهي السن القانونية للانتخاب هو تسعة ملايين وهذا تناقض كبيرquot; .

إلى جانب هذه المطالب هناك مطالب أخرى لم تتم الاستجابة إليها منها إنشاء لجنة مستقلة عن وزارة الداخلية تقوم بتنظيم عملية الاقتراع، مع فتح وسائل الإعلام خاصة الثقيلة أمام المعارضة، ومنع أحزاب السلطة من استغلال وسائل وأموال الدولة خلال الحملة الانتخابية.
هذه المطالب رفضتها الحكومة من دفع الأرسيدي إلى اتخاذ قرار عدم المشاركة في الانتخابات وأضاف محسن بلعباس أن quot;الحكومة تريد كسب مزيد من الوقت لأنها لم تتفق بعد حول كيفية إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة سنة 2014 quot; .
وتوقع بلعباس أن quot;يكون هناك عزوف شعبي واسع خلال انتخابات أيار (مايو) المقبلة، وسيتم توزيع المقاعد بين أحزاب السلطة مع رفع حصة الأحزاب الإسلامية لكنها لن تفوز بأغلبية المقاعدquot;.