كركوك:يسعى عدد من كبار شيوخ العشائر العراقية السنية الى تطويق الانشطة المسلحة لتنظيمات متطرفة في مناطقهم عبر فرض قانون قبلي يشمل نفي وتغريم كل من يشارك بعمل مسلح.
ووقع المئات من شيوخ العشائر في محافظتي كركوك وصلاح الدين مؤخرا وثيقة اطلقوا عليها اسم quot;وثيقة تحريم الدم العراقيquot;، في خطوة تاتي بعد اشهر قليلة من انسحاب القوات الاميركية من البلاد.

ويرى كثير من زعماء العشائر انه لا جدوى حاليا من دعم الجماعات المسلحة، خصوصا بعد خروج القوات الاميركية التي كانت تعد المبرر الاولى لحمل السلاح وايضا لاستهداف عراقيين بدعوى مساعدتهم للمحتل.
وتنعش الوثيقة القانون القبلي السائد في بعض مناطق العراق، ويتوقع الموقعون عليها ان تحد بصورة كبيرة من انشطة الجماعات المتمردة وابرزها تنظيم القاعدة.

ففي الحويجة الواقعة في محافظة كركوك شمال العراق، والتي تسكنها غالبية من عشائر العرب السنة وابرزها العبيدي والجبور، عقد الاسبوع الماضي مؤتمر quot;تحريم الدم العراقيquot; وجرى توقيع ميثاق شرف بحضور عشرات الشيوخ والوجهاء.
وقال رئيس مجلس قضاء الحويجة الشيخ حسين علي صالح الجبوري لوكالة فرانس برس انه quot;لاول مرة وبمشاركة اكثر من 150 من شيوخ وجهاء عشائر العبيد والجبور والبو حمدان والساده اجتمعنا ووقعنا ميثاق شرف لحرمة الدم العراقيquot;.

واضاف quot;اتفقنا على الية وخطة عمل تعهد فيها شيوخ العشائر بدعم الاجهزة الامنية العراقية وحرمة الدم وعدم ايواء ودعم ومساندة وفتح مجال للمسلحين بالدخول لمناطقنا وقراناquot;.
وتابع quot;من يقم بذلك سيعامل معاملة الارهابي، وسوف يطرد من مناطقنا ويسلم للقضاءquot;.

وتعد هذه الخطوة الثانية من نوعها بعد تنظيم الصحوات على ايدي زعماء القبائل السنية التي شهدت مناطقهم عمليات قتل وتهجير، والذي جاء اثر سيطرة جماعات مسلحة على مدن كاملة خصوصا بين عامي 2006 و2007.
واعتبر الجبوري ان الاتفاق يمثل quot;رسالة حب وطمأنة من العرب صوب ابناء وطنهم من الكرد والتركمان والمسيحيين والطوائف والمذاهب في كركوك وعموم مدن العراقquot;.

وقال ان quot;الدم العراقي واحد ولا يمكننا ان نقبل أي عمل او مساندة للعنف والارهاب مهما كانت مبرراته وخاصة بعد انسحاب القوات الاميركيةquot;.
وفي صلاح الدين وكبرى مدنها تكريت في وسط العراق، معقل الرئيس السابق صدام حسين التي بقيت اقضيتها تحت سطوة تنظيم القاعدة لفترات طويلة، وقع وجهاء المحافظة ايضا على ميثاق مماثل.

وشارك في التوقيع عدد من المثقفين وعلماء الدين وممثلين عن الوقف السني.
ففي الاسحاقي القريبة من سامراء (100 كلم شمال بغداد)، بادر المجلس البلدي بتوقيع ميثاق نصت بنوده على انه quot;في حال ثبوت ضلوع المجرم بعمل مسلح (...) سيتم طرده خارج المحافظة لمدة خمس سنوات هو وعائلته، اضافة الى العقوبة القانونية للجرم الذي فعلهquot;.

ويشير الميثاق الموقع الى انه quot;تتم تبرئة عائلة المجرم اذا ما سارعت في تسليمه الى القضاءquot;.

وكذلك quot;يحاسب من يعاون المجرم مثلما يعامل المجرم الاول، وتدفع دية من قبل اهل المجرم والذي تثبت عليه ادانة القتل او الاعتداء على اي شخص فدية 100 مليون دينار عراقي (نحو 85 الف دولار) تسلم الى عائلة المجني عليه مع اتخاذ الاجراءات القانونيةquot;.
ووقعت ايضا وثيقة مماثلة في سامراء، وقال رئيس المجلس المحلي للمدينة عمر محمد حسن ان quot;سامراء شهدت اقامة مؤتمر لتوقيع ميثاق شرف، واتخذ قرار موحد يجرم كل من يحاول المساس بسلامة القائمين على حفظ الامن في المدينةquot;.

واضاف ان quot;الميثاق يحث على حماية مدينة سامراء واهلها ويلزم العشائر بالتخلي عن الافراد الذين يتم التغرير بهم من اجل اثارة المشاكل والنعرات ومنع ايوائهم وتقديم العون لهمquot;.
وقال طلال حسين المطر شيخ قبيلة البو اسود في العراق quot;وقعنا على هذا الميثاق لحقن الدم العراقي ولا نقبل المساس بالسوء لاي عراقيquot;.

وبحسب المطر، فان قادة العشائر حاولوا اتخاذ هذه الخطوة في السابق لكن الظروف لم تكن مهيئة لهم بسبب سيطرة القاعدة على اغلب مناطق العرب السنة.
وقال quot;اليوم الظروف باتت مهيئة اكثر لاننا لا نريد ان نرى سفكا للدماء اكثر وهذه خطوة اتخذناها ولا رجعة عنها لاننا لا نريد العودة الى المربع الاولquot;.

ويعد توقيع الميثاق خطوة اولى من نوعها بالنسبة لشيوخ العشائر في سامراء (110 كلم شمال بغداد) التي شكل تفجير مرقد الامامين العسكريين فيها عام 2006 شرارة اندلاع حرب طائفية.