على العكس من توقعات راجت مؤخراً بإمكان حل قضية نائب الرئيس العراقي المتهم بالإرهاب طارق الهاشمي سياسياً، فقد دعت بغداد اليوم الأحد سلطات إقليم كردستان الى إلقاء القبض عليه وتسليمه اليها. فيما يستعد مجلس النواب للتصويت الثلاثاء المقبل على إلغاء قراره بشراء سيارات مصفحة لحماية أعضائه إثر ردود الافعال الغاضبة شعبياً ضده.


قالت وزارة الداخلية العراقية إنه quot;بناء على طلب الهيئة القضائية تسليم المتهم طارق احمد بكر الهاشمي ولتحديد موعد المحاكمة، فقد طلبت وزارة الداخلية من وزارة داخلية حكومة إقليم كردستان تنفيذ أمر القبض الصادر بحقه وتسليمه الى الجهات القضائيةquot;. وأضافت في بيان صحفي تلقت quot;ايلافquot; نسخة منه، أن معلومات مؤكدة وردت اليها quot;بنية هروب المتهم اعلاه من الاقليم الى خارج العراقquot;.

وقد علمت quot;إيلافquot; أن الهاشمي ينوي مغادرة إقليم كردستان الى تركيا لاجئاً سياسياً، نظراً للعلاقات القوية التي تربطه مع قادتها لكنّ القادة الاكراد أبلغوه بأن توجهه الى هناك يجب أن لا يكون عبر حدود الاقليم مع تركيا، وإنما من مناطق أخرى خارجه لعدم إحراجهم أمام السلطات في بغداد التي ستعتبر الأمر بأنه تسهيل لهروب متهم مطلوب للقضاء العراقي.

وجاء طلب بغداد من كردستان بتسليمها الهاشمي بعد أسبوع من لقاء عقده النواب الثمانية لكتلة تجديد البرلمانية التي يترأسها الهاشمي مع رئيس الوزراء نوري المالكي وبحثوا معه قضية الهاشمي حيث دعوه الى فتح صفحة جديدة من التعاون.

واليوم، أكد النائب احسان العوادي من ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، أنه لا يحق لأي شخص مهما كان منصبه في الحكومة أن يتدخل في قضية الهاشمي لأنها مسألة قضائية بحتة وتمّ اصدار مذكرة اعتقال بحقه ولا يمكن التراجع عنها. وأضاف في تصريح نقلته وكالة quot;كل العراقquot;، quot;أن رئيس الوزراء نوري المالكي لا يملك حق التراجع أو التنازل بشأن المسائل القضائية المحسومة، والتي أصدر القضاء بشأنها قراره وبالأخص قضية الهاشمي لأنها أصبحت قضية رأي عامquot;.

وشددد على أن quot;قضية الهاشمي غير خاضعة للمساومةquot;. وأشار إلى أنّه قد تم تبليغ كتلة تجديد والقائمة العراقية وكل من يحاول أن يبحث عن حل لقضية الهاشمي خارج نطاق القضاء أن هناك قانوناً ودستوراً وقضاء مستقلاً في العراق يجب أن يحترم من قبل الجميع.

وكان رئيس كتلة تجديد النائب علاء مكي قد قال للصحافيين على هامش ندوة سياسية أقيمت في بغداد أمس، quot;اتفقنا مع رئيس الوزراء على معالجة القضايا ذات الطابع السياسي عن طريق الحوار البناءquot;. ويوم الخميس الماضي اعتبر الهاشمي أن قضيته سياسية ولا بد لها من حل سياسي، وأكد أنه سيكون عوناً لغريمه المالكي اذا غيّر من سياساته، مشدداً على أنه لا ينازعه السلطة وبإستطاعته أن يضع إمكاناته السياسية والاقتصادية والخبرات العسكرية في خدمة نجاحه.

ووجه الهاشمي رسالة الى المالكي أبدى فيها كامل استعداده للتعاون معه وضمان نجاحه في مهمته. وأكد أنه لا ينازع المالكي السلطة والصلاحيات ولن ينافسه على رئاسة الحكومة. وأضاف الهاشمي من مقر اقامته في مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان، في مقابلة مع قناة quot;الحرةquot; وبعث قسم الاعلام فيها بمضمونها الى quot;ايلافquot;، أن اللقاء الاخير الذي جمع أعضاء كتلته النيابية quot;تجديدquot; مع المالكي كان لإزالة سوء الفهم وللتأكيد على أن قضيته سياسية.

وجدد الهاشمي التأكيد على براءته وعناصر حمايته من التهم الموجهة اليهم بتنفيذ عمليات ارهابية، معتبراً أن دليل البراءة هو رفض مجلس القضاء العراقي نقل قضيته الى كركوك. وأضاف: quot;كان من المفترض أن يرفع مجلس القضاء السرية عن هذه التحقيقات كي أعلم أنا ما هي التهم الموجهة إلي شخصياً وإلى عناصر حمايتي. جئت إلى هنا (اربيل) بناء على تكليف وبقيت هنا بناء على رغبتي الشخصية وسأبقى في كردستان إلى أن تقول إن وضع الهاشمي أصبح يشكل حرجاً عليناquot;.

وكان المالكي أكد لنواب كتلة تجديد الثمانية خلال اجتماعه بهم الاحد الماضي، quot;أن إحترام القانون وإستقلال القضاء يمثلان ركنين أساسيين في نظامنا، ويجب علينا أن نعمل جميعاً لتعزيز ذلكquot;. فيماشدد نواب كتلة تجديد، وهي أحد مكونات القائمة العراقية، على quot;أهمية التواصل المباشر مع رئيس الوزراء، مؤكدين على سعيهم من أجل تعزيز الوحدة الوطنية والمحافظة على هيبة القانون وإستقلال القضاءquot;، كما دعوا الى quot;فتح صفحة جديدة من التعاون والتنسيق على مختلف الأصعدة السياسية والبرلمانية quot;.

وكان الهاشمي قد لجأ الى إقليم كردستان وحلّ ضيفاً على الرئيس العراقي جلال طالباني عقب اتهام السلطات له بالارهاب في التاسع عشر من كانون الاول (ديسمبر) الماضي، فيما أعلنت الهيئة التحقيقية بشأن القضية الاسبوع الماضي تحديد الثالث من ايار (مايو) المقبل موعداً لمحاكمة الهاشمي وصهره غيابياً عن ثلاث جرائم إرهابية انتهى التحقيق فيها. واشارت الى أن الدعاوى الثلاثالمتهم بها الهاشمي والتي تتعلق باغتيال محامية وضابط وتفجير سيارة مفخخة، قد تم حسمها،موضحة وجود دعاوى أخرى تتعلق بنائب الرئيس لم تحسمها الهيئة التحقيقية بعد.

يذكر أن العراق يعيش أزمة سياسية كبيرة هي الأولى بعد الانسحاب الأميركي أواخر كانون الأول (ديسمبر) الماضي على خلفية إصدار مذكرة قبض ضد نائب رئيس الجمهورية، القيادي في القائمة العراقية طارق الهاشمي، بعد اتهامه بدعم الإرهاب، وذلك في 19 من الشهر نفسه، وتقديم رئيس الوزراء نوري المالكي طلباً إلى مجلس النواب بسحب الثقة عن نائبه صالح المطلك، القيادي في القائمة العراقية أيضاً، بعد وصف الأخير للمالكي بأنه quot;ديكتاتور لا يبنيquot;، الأمر الذي دفع العراقية إلى تعليق عضويتها في مجلسي الوزراء والنواب وتقديمها طلباً إلى البرلمان بحجب الثقة عن المالكي قبل أن تقرر في 29 من الشهر الماضي العودة إلى جلسات مجلس النواب، ثم تعود في السادس من الشهر الحالي لتقرر إنهاء مقاطعة مجلس الوزراء وعودة جميع وزرائها إلى حضور جلسات المجلس.

البرلمان العراقي يتجه إلى الغاء قراره بشراء المصفحات لحماية نوابه

هذا ويتجه مجلس النواب العراقي الى إعادة التصويت على قانون شراء سيارات مصفحة لنوابه خلال جلسة يعقدها يوم الثلاثاء المقبل، وسط توقعات بإلغاء القرار الذي أثار موجة استياء شعبية واسعة.

وقال المقرر العام للمجلس محمد الخالدي إن التصويت سيكون بشأن إبقاء مادة شراء 350 سيارة مصفحة الى النواب لحمايتهم من موازنة العام الحالي من عدمه. وأشار إلى أنّ إعادة مناقشة قانون شراء السيارات المصفحة جاء بسبب ردود الافعال ضده، مؤكداً أن جميع الكتل صوتت على هذا القانون خلال جلسة يوم 23 من الشهر الماضي باستثناء بعض النواب. وأشار إلى أنّه كانت هناك أغلبية واضحة في التصويت على هذا القانون بعد أن تم تقديم طلب من 220 نائباً لشراء هذه السيارات بقيمة 60 مليار دولار (حوالي 50 مليون دينار).

والجمعة الماضي، دعت مرجعية المرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله السيد علي السيستاني، النواب الى التخلي عن شراء سيارات مصفحة لحمايتهم وتخصيص المبالغ لتنفيذ مشاريع خدماتية ورعاية ضحايا الارهاب والارامل والايتام.

كما دعا رئيس مجلس النواب، أسامة النجيفي، النواب الى تأجيل الحصول على السيارات المصفحة على الرغم من أنه حق دستوري كما قال. وخاطب النجيفي في رسالة الى النواب قائلاً: quot;أنا أتفهم رغبتكم في الحصول على سيارات مصفحة، وذلك لظروف أعمالكم الاستثنائية، وهو حق يتمتع به من قبل نظرائكم في الدولة العراقية - رئاستا الجمهورية والوزراء والسلطة القضائية والهيئات المستقلة - بل ومن هم أدنى منكم في الدرجات الوظيفيةquot;.

ومن جهته، وصف الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر شراء المصفحات بأنه وصمة عار وخيانة للشعب، ودعا الى إعلان أسماء المصوتين لهذا القرار والممتنعين عنه ليكون الشعب العراقي على بينة منهم.
ويتوقع أن يصوت النواب الثلاثاء بإلغاء قرار شراء المصفحات لما أثاره من إستياء شعبي ومرجعي واسع خاصة وأن قرار شرائها جاء في اليوم نفسه الذي شهدت فيه مناطق مختلفة من البلاد حوالي 30 تفجيراً أدت الى مصرع حوالي 60 مواطناً، وإصابة اكثر من 350 آخرين.

وتؤكد معلومات الى أن هناك اتجاهاً قوياً للاستعاضة عن هذه المصفحات بتلك التي سيستخدمها القادة العرب وأعضاء وفودهم خلال انعقاد القمة العربية في بغداد في 29 من الشهر المقبل، والتي يبلغ عددها 400 سيارة مصفحة. وأوضح أنه سيتم الاتفاق بين مجلس النواب والحكومة على كيفية توزيع هذه المصفحات الى النواب وخاصة في المناطق التي تشهد توترات أمنية.

يذكر أنه على الرغم من ان 222 نائباً من أصل 325 هم أعضاء مجلس النواب العراقي كانوا قد تقدموا في وقت سابق بطلب تزويدهم بسيارات مصفحة لحمايتهم، لكنه وبعد أن صوتت كتل المجلس على موازنة البلاد التي بلغت 100 مليار دولار ومن ضمنها شراء 350 مصفحة، فإنها بدأت وأمام ضغط الشارع العراقي واستيائه وانتقاد المرجعيات الدينية بتراشق الاتهامات في ما بينها حول التصويت للمادة أو رفضها، حيث تلقي كل كتلة على الأخرى مسؤولية الموافقة على الشراء.